قصة حب قيس بن الملوح وليلى العامرية
من منا لم يسمع بقصة حب قيس وليلى، تلك التي ألهمت الملايين وأحيت في صدورهم المشاعر الرومانسية التي لا يمكننا إيجاد حفاوتها في عصرنا هذا، فهيا بنا نعود إلى زمان فيه كان الحب نقيًا صافيًا لا يتخلله أي من الأغراض الشخصية من خلال التعرف على تفاصيل تلك القصة التي لا يزال صداها يطرب أذهاننا عبر موقع إيزيس.
قصة حب قيس وليلى
جرت العادة في المجتمع الذي نشأ فيه كلًا من قيس وليلى، ألا يكون هناك اختلاط بين النساء والرجال ما إن يبلغ أي منهما سن يمكنه فيه التمييز بين الأمور الصحيحة والخاطئة.
لذا فإنه بعد أن نشأت مشاعر الحب والهيام بين قلبي قيس وليلى في صغرهما كونهما كانا يقضيان الكثير من الأوقات سويًا، ابتعد كل مهما عن الآخر، حيث أجبرت التقاليد ليلى على المكوث في منزلها كي يتقدم الشخص المناسب لخطبتها، كما هو الحال بين فتيات ذلك المجتمع.
على الرغم من ذلك، فإن الحب لم يزبل والمشاعر الحانية الصادقة لم تموت، فما كان هذا الابتعاد إلى حطبًا أشعل نيران الشوق وأفقد قيس وعيه، مما جعله يسير بين الناس قائلًا أشعاره الشهيرة، التي لا نزال نستشهد بأبيات منها لنخبر محبينا بأن لنا القلب الماسي الذي يعشق بكل ما فيه.
لكن ما لم يكن في الحسبان، فقد انتشرت قصة حب قيس وليلى نتيجة تلك الأشعار، وأصبح الأمر كما لو أنه تسلية للألسن في كل حدب وصوب.
لم يكن ذلك الأمر خيرًا لهما أبدًا، بل كان الشرارة التي أشعلت نيران الفراق في قلبه، فقد كان من المتعارف عليه في عهد تلك القصة أنه لا يجب انكشاف قصة حب بين شخصين مهما حدث، وإن صار ذلك، فإنه ينبغي التفرقة بينهم بشكل قطعي.
نتيجة أشعار قيس في ليلى، وصل الأمر إلى والدها، والذي كان قلبه يتوقف حينها من شدى الغضب، مما جعله يقوم بمنعها من رؤيته أو التحدث إليه بأي حال من الأحوال.
وصل ذلك النبأ إلى قيس الذي يحمل داخل طيات قلبه الحب الجم لليلته، مما أسكن الحزن في كل جوراحه، وجعل الشوق يتملك منه إلى أن قام بمقاطعة الطعام والشراب كما روي عنه، وبطبيعة الحال أدى ذلك إلى إصابته بالعديد من الأمراض.
لكن أهل قيس لم يرضهم ذلك الحال أبدًا، فقد كانوا يخشون على ابنهم من خطر الموت الذي بات يهدده نتيجة ما أصابه من الحزن، مما دفع والد قيس إلى الذهاب لأخيه، وهو والد ليلى، فقد كانت تربط كل من قيس وليلى صلة قرابة.
طلب والد قيس من أخيه أن يزوج ليلى لابنه، ولكن طلبه قد قوبل بالرفض النهائي، على الرغم من أنه أخبره أنه يملك خمسين ناقة حمراء سيقدمها مهر لها، وعندما سأله عن سبب الرفض، فإنه أخبره أن ذلك بسبب ما أشيع بين القبائل عن قصة حب قيس وليلى، وفي رواية أخرى أن الأمر لم يكن يتعلق بهما.
إذ تقول تلك الرواية أن الأمر له علاقة بإرث كل من والد قيس ووالد ليلى، حيث ترك والدهما كل المال لوالد قيس، بينما لم يترك لوالد ليلى أي من الأموال التي يمكنه من خلالها الإنفاق على ذويه.
على أية حال ومهما كان السبب، لم يوافق والد ليلى على تلك الزيجة، وكان ذلك هو ما أدى إلى تدهور حالة قيس الصحية، ولم يعد بينه وبين الجنون سوى خطوة واحدة.
تعرفي أيضًا على: 3 قصص حب مكتوبة قصيرة
زواج ليلى وتألم قيس
أمام تلك الحالة التي وصل إليها قيس، لم يجد والده سوى الذهاب مرة أخرى إلى أخيه والتوسل إليه كي يساعده في أن يعود ابنه لحالته الصحية الجيدة بالموافقة على طلب زواجه من ابنته، لكن كان العناد هو سيد الموقف، ولم يوافق والد ليلى مرة أخرى، بل إنه قد وضع في رأسه أن يقوم بتزويج ابنته من شخص آخر في نفس الوقت، كي يقطع دابر تلك القصة.
حينها تقدم لخطبتها شخص له الصيت الواسع، يسمى (ورد بن محمد العقيلي) ولم يقم والد ليلى سوى بالموافقة على الفور، أما عن ليلى، فقد خيرها والدها، إما الزواج من ذلك الشخص والرضوخ لأمره، وإما قتلها على يده بلا شفقة أو رحمة بقلبها.
الأمر الذي جعلها تضطر إلى الموافقة، فليس أمامها خيار آخر، تزوجته وتركت البلدة وذهبت مع زوجها، تاركة قيس يهيم ألمًا ويعبر عن قلبه المفطور في أشعاره، حيث قال في فراقها:
وَإِنَّكَ لَو بَلَّغتَها قَولِيَ اِسلَمي
طَوَت حَزَنًا وَاِرفَضَّ مِنها دُموعُها
وَبانَ الَّذي تُخفي مِنَ الشَوقِ في الحَشى
إِذا هاجَها مِنّي حَديثٌ يَروعُها
وَفاضَت فَلَم تَملِك سِوى فَيضِ عَبرَةٍ
وَقَلَّ لِباقي العَيشِ مِنها قُنوعُها
إِذا طَلَعَت شَمسُ النَهارِ فَسَلِّمي
فَآيَةُ تَسليمي عَلَيكِ طُلوعُها
بِعَشرِ تَحِيّاتٍ إِذا الشَمسُ أَشرَقَت
وَعَشرٍ إِذا اِصفَرَّت وَحانَ وُقوعُها
تعرفي أيضًا على: قصة عيد الحب الحقيقية.. التضحية من أجل ربط الأحباء معًا
وفاة ليلى ومجنونها
بالرغم من أن ليلى قد سافرت، إلا أنها كانت تعلم مدى حب قيس لها، لذا ألمها فراقه وتسبب ذلك في أن يصيب المرض جسدها، إلى أن نال ألم الشوق من كل جوارحها وليس من قلبها فقط، وفارقت على إثر ذلك الحياة.
وصل الخبر إلى معشوقها والذي عبر ألمه حينها في شعره حيث قال:
أَلا يا طَبيبَ الجِنِّ وَيحَكَ داوِني
فَإِنَّ طَبيبَ الإِنسِ أَعياهُ دائِيا
أَتَيتُ طَبيبَ الإِنسِ شَيخًا مُداوِيا
بِمَكَّةَ يُعطي في الدَواءِ الأَمانِيا
فَقُلتُ لَهُ يا عَمُّ حُكمُكَ فَاِحتَكِم
إِذا ما كَشَفتَ اليَومَ يا عَمِّ ما بِيا
فَخاضَ شَرابًا بارِدًا في زُجاجَةٍ
وَطَرَّحَ فيهِ سَلوَةً وَسَقانِيا
فَقُلتُ وَمَرضى الناسِ يَسعَونَ حَولَهُ
أَعوذُ بِرَبِّ الناسِ مِنكَ مُداوِيا
فَقالَ شِفاءُ الحُبِّ أَن تُلصِقَ الحَشا
تعرفي أيضًا على: قصة حب من طرف واحد انتهت بالزواج
بِأَحشاءِ مَن تَهوى إِذا كُنتَ خالِيا
لم يظل قيسًا متمسكًا بالحياة فترة طويلة بعد وفاة ليلى، فقد فقد عقله بشكل تام، وسمي من أجل ذلك بمجنون ليلى، وفي يوم من الأيام وجوده قد فارق الحياة، وكأنه كان غير قادر على المكوث بدون حبيبته في هذه الدنيا.
مات كلًا من قيس وليلى وظلت قصة حبهما خالدة إلى زمننا هذا، والتي لن يمكنها أن تتكرر مهما حيينا، فذلك الحب النقي الطاهر الخالي من الأغواء، لم يعد متواجد في عالمنا، ومن أجل ذلك نستشعره من خلال القصص التي كتب لها أن تخلد مثل قصة قيس وليلى.
العبرة من قصة مجنون ليلى
من خلال التمعن في قصة مجنون ليلى، يمكننا أن نتأكد من أن الحب الصادق قد يموت أبطاله ولا تموت مشاعره، مهما كانت الظروف، لا تستمر الحياة على نحو جيد، على الرغم من أن الفراق كان هو النهاية الجبرية لتلك القصة.
إلا أن تلك النهاية لم تشمل المشاعر التي نشأت في قلب كل منهما منذ طفولتهما المشتركة، مع العلم أن قيس من مواليد عام 24 هجريًا، وليلى من مواليد عام 28 هجريًا، مما يعني أن حتى الفارق العمري بينهما كان محض أربعة سنوات.
نتمنى أن يأتي في يوم من الأيام رجل يحب بصدق، ويخلص في مشاعره لليلاه، ويكون لها قيسًا، لتكون هناك قصة أخرى يمكنها أن تخلد ويذكرها التاريخ أيضًا فيما بعد.
متى احب قيس ليلى؟
أحداث قصة حب قيس وليى حدثت في القرن السابع الهجري.
لماذا رفض اهل ليلى الزواج من قيس؟
وفقًا لعادات العرب القديمة، لا يزوج الرجل ابنته لشاب أفصح عن حبها.. وهذا ما فعله قيس، فقد نظم فيها الشعر وأسمعه للقاصي والداني!
تابعنا على جوجل نيوز