ما بين الزواج التقليدي والحب.. أيهما سيدوم؟
“ينطفئ لهيب الحُب بعد سنة أولى زواج”، جُملة شاعت بين الفتيات تسبب في زعرهن وخوفهن من الاختيار ما بين القلب والعقل في تحديد شريك الحياة، فترى أن الأفضل هو الزواج التقليدي الأشبه في مُخيلاتهن بزواج الصالونات، لا يعرفان كلاهُما البعض إلا أن نية الزواج حاضرة فور القبول بينهُما.. ورُبما ينشأ إعجاب وحُب ورُبما، ولكن هُنا.. أيُهما أفضل؟ الصالونات أم الحُب؟ دعينا نستفيض الحديث في إيزيس.
الفرق بين الزواج عن حب والزواج التقليدي
لا إجابة قاطعة في المُفاضلة بين الزواج عن حب أو الزواج التقليدي، لنا أن نتساءل في بادئ الأمر لِم الفصل بينهما من الأساس؟ فمن قال إن الزواج التقليدي لا ينجم عن الحب، ومن أخرج الزواج عن حب من إطار الزيجة التقليدية؟
هذا ويأتي الزواج التقليدي في نظر معارضيه أنه لا يُعتبر الأفضل لأنه لا يُبنى على مشاعر مسبقة أو توافق وتفاهم، لكنه يعتمد أكثر على الحظ والنصيب وما تباغتنا به الأيام تجاه الطرف الآخر، وإما ينجح الطرفان فيه ويصلان إلى المودة والأُلفة والرحمة والكثير من الحب.. وإما أن يكونا أبعد عن تلك المشاعر، وزواجهِما يُبنى على الأطر الاعتيادية التي لا تتجاوز حد الاستقرار.
لذا لا ينبغي رفض الزواج التقليدي باعتبارُه لا يولد حبًا وعاطفة، ولا يجب المفاضلة بينه وبين الزواج عن حب، لأن الأطر التقليدية المبدئية في التعارُف ينجم عنها خطبة رسمية، والتي أُتيحت للطرفين ليعرف كلًا منهما مشاعر الآخر.. فثمة علاقات غمرها الحب الدفين وكانت مبنية في الأساس على زواج تقليدي.
وعليه، نصل إلى حقيقة مفادها أن الزواج ما هو إلا رابطة تكللها بعض المعايير لتأخذ إطارًا شرعيًا، وهي تلك التي ينعتها البعض بالمعايير التقليدية، كما أن من أركانُه الركينة أن يستند إلى مشاعر حب ومودة بين طرفيه، لتكون العلاقة سوية مستقرة تنأى عن أي خلل.
لنا أن نتوقف قليلًا عن انتقاء كيفية بعينها للزواج حتى يشهد استقرارًا، فنجاح الزواج من عدمُه لا يعتمد إلا على أطرافُه، لا علاقة له بالكيفية التي قام عليها، فثمة زيجات كان بادئها الحب الدفين واستحالت إلى زواج فاشل بمجرد مواجهة المسؤوليات والالتزامات واختلاف الطبائع، وزيجات أخرى ما كتب لها التعارف إلا بعد الزواج وما آلت إلا إلى السكينة والمودة والمشاعر الحانية.
تعرفي أيضًا على: الفرق بين الزواج والمساكنة
متى يكون الزواج التقليدي فاشل؟
لنكون أكثر إنصافًا في المُفاضلة بين الزواج عن حب والتقليدي.. يفشل الزواج التقليدي في كثير من الأحيان، فعندما نكون بصدد فتاة تتعرض لضغوطات من أهلها وذويها لتتزوج من شاب بعينه، بغض الطرف عن رأيها في عدم قبوله حتى وإن كان في نظرهم “لُقطة”، أو شاب يتعرض للموقف ذاتُه من والدته المصون التي لا تدخر جهدًا في إقناعُه بالزواج من فتاة تراها وهو لا يراها.
كذلك يفشل في الحالة التي يكون فيها الاختيار من أي من الطرفين بناءً على الشكل لا الجوهر، المادة لا الروح، فيكون مقترنًا في استقرارُه بذلك الرابط الضعيف، الذي إن تفكك لأي سبب سرعان ما تفشل العلاقة برمتها.. كما أن فشل الزواج لا يشترط أن يؤول في نهاية مطافِه للانفصال، فثمة أزواج يعيشون التعاسة كل يوم وهما تحت سقف واحد.
بيد عادةً ما ينشأ الزواج التقليدي نتيجة تأخر الرجل أو الفتاة عن سن الزواج الطبيعي فيكون من الأحرى بالأهل اختيار الشريك المناسب، دون النظر إلى أن العلاقة يجب أن يسبقها حُب أو مشاعر، فالأهم في الزواج من تلك الرؤية تكوين أسرة وإنجاب الأطفال.. بيد إن تم الزواج التقليدي دون أن يكلل بمشاعر الحب بين طرفيه، وكان الجمود العاطفي عوضًا عنها فإنه سرعان ما يكون في طريقه إلى الفشل، فمن لا يحب لا يتمسك بشريكه.
كما أن عيوب الزواج التقليدي تأتي من كون التفكير العقلاني له الغلبة على العاطفة، أما العلاقة الزوجية الناجحة تتطلب الموازنة بينهِما، على أن سرعة إتمام الزيجة لا تجعل الطرفين قادرين على استيعاب بعضهما البعض، فتتصادم الطباع وتكون أكثر حِدة، الأمر الذي يستتبع جمود العاطفة.. وما يزيد الأمر سوءً بحق أن يكون الزواج التقليدي هروبًا من قصة حب باءت بالفشل.
تعرفي أيضًا على: لماذا يرفض المجتمع الزواج من مطلقة
الحب يأتي لاحقًا..!
ما بين الزواج التقليدي والزواج عن حب يرى البعض أن الأول بدورُه يكتب له الاستمرار، في المجتمع الشرقي والغربي على السواء، فالأمر لا يعتمد على المساحة التي يتيحها المجتمع بممارسة الحب قبل الزواج، فحتى الرجل الغربي بات يميل في اختيارُه إلى تلك المرأة التي تتمتع بالمواصفات القياسية بالنسبة له، دون النظر إن كانت تجمعه بها علاقة حُب أم لا.
أما الرجل الشرقي عادةً ما يؤيد فكرة أن مشاعر المودة وقدرة الطرفين على خلق روابط قوية بينهما هي الأدعى في استمرارية الزواج، على خلاف الزواج عن حب الذي يكون فيه الحب هو الرابط الطاغي على كل شيء، وعادةً لا ينم عن وجود تفاهم أو توافق في كافة المستويات، تلك التي تُشكل الاستقرار فيما بعد لا الحب وحدِه.. فكما نرى أن الحب أعمى، ومرآته مضللة.
لذا في المفاضلة بين الزواج عن حب أم التقليدي نجد أن مؤيدي فكرة أن الحب يأتي لاحقًا يبحثون عن الروابط التي من شأنها استمرارية الزواج، لا يتخذون الأطر التقليدية الجامدة، ولا يأخذون من الحب أساسًا منفردًا.
عيوب الزواج عن حب
لا شك أن الحب أحيانًا يرتبط بسببٍ ما، فيبنى عليه الزواج، وسرعان ما تذهب المشاعر في مهب الريح حال غياب السبب، وعليه يصير الحب جفاءً.. ولكن إن صح القول إنه في تلك الحالة حب زائف لا نعول عليه في قصدنا بالزواج عن حب، ذلك الزواج الذي تزول فيه الأسباب ليكون حبًا نقيًا صادقًا.
هنا يأتي التأكيد في المفاضلة بين الزواج عن حب أم التقليدي على أهمية انتقاء شريك الحياة ضرورة ملحة، فذلك الاختيار الرشيد على أسُس متينة هو ما يعول عليه نجاح الحب بينهما ومن ثم نجاح واستقرار زواجهما.. فلكِ أن تنشدين زوجًا تقيّ صادق العهد والوعد لديه من مكارم الأخلاق وشيم الرجال وعلى وجهه أمارات الصلاح والتقوى، حتى يستكين قلبك بسُكنته ويستقر له فؤادك.
تعرفي أيضًا على: أيهما أفضل الزواج في الصيف أم الشتاء
متى ينجح الزواج عن حب؟
ربما النظرة المؤيدة للزواج عن حب تراه أنه ذو نكهة خاصة مميزة لا يضاهيها شيء، فهو يبنى على جذور قوية يصعب هدمها، كما يُشكل تفاهم يعد هو الرابط الأقوى بين طرفيه، فيكون لهما نفس الطموحات والأحلام، ويمثل كلًا منهما للآخر غصة القلب ومُهجتهِ.
كما أن الأسرة يجب أن يتم بناؤها على الحب في المقام الأول حتى تنأى عن أي خلل بين أفرادها، فالاعتبارات الأخرى هامة إلا أنها غير كافية إن لم تكن مقرونة بمشاعر الحب والعطف واللين، وهذا لا ينفي فكرة أن الزواج التقليدي لا يبنى في بعض الأحيان على الحب، فقد أوضحنا سلفًا هذا الأمر.
هل يدوم الزواج عن حب؟
أشار بعض الخبراء إلى أن الزواج عن حب له عمر افتراضي وهو 3 سنوات، ولا يكن رأيهم هباءً إنما استُنِدَ إلى كيمياء الدماغ.. التي تولد شحنات عاطفية تبدو كالبطارية التي تفرغ بعد فترة النفاذ، وما يثير الأمر غرابة أنه لا يُمكن شحنها مجددًا!
فالحب أعمى، ولا يُمكن للمُحب أن يرى صغائر الأمور، أو تفاصيلها الأكثر أهمية في بناء مؤسسة كالأسرة، فقط يركز على المشاعر والعطاء، دون أن يُبنى لديه قناعات كافية بالشريك أو النظر إلى الأهداف المشتركة بينهما والطموحات التي يتوق كلا منهما إليها، على خلاف الزواج التقليدي الذي يُبنى على منطق وعقل واعٍ.. ثم يدع للحب سبيلًا.
هنا لا نُجزم بأن التقليدي هو من له الغلبة، فالمقصد هو بيان الحالة والظروف التي تسبق كلًا منهما، فإن كنا بصدد زواجًا تقليديًا فنحن نجعل للعقل مساحة أكبر والعاطفة نعطي لها الفرصة فيما بعد، حتى يكون الحكم على الشريك به شيء من الموضوعية والوضوح مع النفس.
بيد أن الزواج عن حب لا يعطي للعقل مجالًا من الأساس، فيحول دون المنطق، ويعتبر الرأي الذاتي هو الأصوب، حتى وإن كانت آراء الآخرين كلها معارضة.
كما أن من يُحب لا يرى من عيوب حبيبه إلا لِمامًا، إن رآها من الأساس، فيكون الارتباط أكثر عشوائية من الزواج التقليدي الذي يعني بإيجاد الأرضية المشتركة بين الشريكين وقدرة كلًا منهما على إنجاح الزواج، في أجواء من الواقعية والصدق والوضوح.
ربما يكمُن السبب الرئيسي في فشل الزواج القائم على الحب فقط أن الشريكين يصطدما بالواقع، فكل طرف يرى الآخر كما هو عليه، فها قد وصل إلى هدف الحب الذي كان يجمع بينهُما، وأصبحت الرابطة محققة، واختفت صورة الفارس والأميرة لتتجلى صورة الرجل والمرأة، والطبائع البشرية والحاجات وما إلى ذلك.
فربما يخشى الشريك أن يعترف بأن مشاعره قد ذهبت مع الريح، وأن رغبته في امتلاك شريكُه قد باتت سرابًا حينما وجد عيوبه التي تتنافى معه واضحة أمامه لم يكُن ليراها من قبل، وعليه ما بوسعه إلا خيبة الأمل أو ربما يزيد الأمر ليصل إلى كُرهِه للطرف الآخر، فمن كان يُحبه أصبح الآن يكرهُه في صمت.
إلا أن الأمر نسبيًا بطبيعة الحال، فما ذكرناه أعلاه تلك العلاقة التي يغلب عليها العاطفة بقدر كبير، لكن ثمة أطراف ليس لهما سقف التوقعات المرتفع، ولديهما قليل من المنطق والموضوعية، فلا سبيل بينهما لخيبة الأمل.. وعادةً ما تجد طرف تلك العلاقة مُحبًا لكل عيوب الشريك قبل مميزاته، ويراها واضحة أمامه، ويسعى جادًا إلى التكيف معها، ولا يترك نفسه مع فرط العاطفة.
تعرفي أيضًا على: هل تستأذن الثيب في الزواج
كيف ينجح الزواج التقليدي؟
حتى لا نضطر إلى الحيرة في المُفاضلة بين الزواج عن حب والتقليدي.. لنا أن نشير إلى تلك المقومات التي تجعل من الزواج التقليدي حل أمثل لحياة زوجية مستقرة هادئة.. على النحو التالي:
- إن اللقاء الحميمي بعد الزواج من أولويات الاستقرار العاطفي، الأمر الذي يتعلق بنجاح الأمرين معًا، مما يُحقق انسجام مُميز له من العمق ما لا يُمكن تجاهله.
- المشاركة بين طرفي العلاقة في كثير من الأمور يجعل كلًا منهُما يشعر أن الآخر جزء منه، لا يُمكنه أن يؤدي دوره دونه، وعليه يصبحان أكثر قربًا وتقاربًا، وتتوطد العلاقة بينهما بكثير من المشاعر.
- إن الاحترام بين الطرفين يخلق حالة مميزة بينهما، ومن الممكن أن يكون سببًا في خلق المودة والحب، مما يزيد العلاقة صلابة وقوة.
- لا غنى عن التفاهم في العلاقة، فهو مقوم هام لنجاح الزواج التقليدي، فالتقارُب لا ينجم إلا عن تفاهم مُحقق، في شتى الأمور وتفاصيلها المختلفة.. ويكون بدوره تحفيزًا على الاستمرارية في العلاقة.
جُملة القول في المُفاضلة بين الزواج عن حب والتقليدي.. أن طريقة الزواج ليس لها علاقة بنجاحُه، فالأشخاص متفاوتون تمامًا، ولا قاعدة مؤكدة تفي بنجاح أي من الزيجات عن الأخرى.
كم من علاقة زوجية أنعم الله على طرفيها بالحب والمشاعر الحانية ولم تكُن مبنية على حُب قبل التعارف.. فالحب لا يشهد قواعد مُطلقة.
تابعنا على جوجل نيوز