في الرؤية الشرعية.. هل يُباح للمتقدم رؤية شعر الفتاة؟
النظرة الشرعية هي الجلسة التي تُعقَد لرؤية المُتقدم لخطبة الفتاة مع العروس، وعلى أثرها يُحدد ما إن كان سيحسن مُعاشرتها، ووجود القبول بينهما أم لا، إلا أن لهذه الجلسة ضوابط يجب عدم الانحراف عنها، ومن خلال موقع إيزيس سنتعرف عن كُثب على هذه الضوابط.
حكم كشف الشعر في النظرة الشرعية
إنّ حكم النظرة الشرعية ذاتها يعتمد على استيفاء الشروط فيها، فإن تحققت كانت جائزة، مع مراعاة الضوابط الشرعية في الحديث بين الجنسين، ومصداقًا إلى قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:
“إذا خطبَ أحدُكمُ المرأةَ فإنِ استطاعَ أن ينظرَ إلى ما يدعوهُ إلى نِكاحِها فليفعل. قالَ: فخطبتُ جاريةً فَكنتُ أتخبَّأُ لَها حتَّى رأيتُ منْها ما دعاني إلى نِكاحِها وتزوُّجِها فتزوَّجتُها” (صحيح)
، والمقصود بما يدعوه إلى نكاحها الوجه والكفين، لأن الوجه هو ما يستشف منه الرجل على جمالها، فقد يكون فيها شيء يؤثر على قبوله إياها بعد الزواج، وبالنظر إليها يتحقق من مُراده.
مع ذلك نجد اختلاف قول بعض أهل العلم فيما يُباح للخاطب حول ما ينظر إليه فيمن يخطبها، فالحنابلة على سبيل المثال أباحوا النظر إلى شعر المخطوبة، وفق قول المرداوي وهو من أنصار الحنابلة:
“قوله: (النظر إلى وجهها).. يعني فقط، من غير خلوة بها، وهذا إحدى الروايات عن الإمام أحمد -رحمه الله- جزم به في البلغة، وعنه: له النظر إلى ما يظهر غالبًا، كالرقبة، واليدين، والقدمين.. وقيل: له النظر إلى الرقبة، والقدم، والرأس، والساق، وعنه: له النظر إلى الوجه والكفين فقط، وحكى ابن عقيل رواية: بأن له النظر إلى ما عدا العورة المغلظة. ذكرها في المفردات.. والعورة المغلظة: هي الفرجان. وهذا مشهور عن داود الظاهري“.
إذًا اختلف الفقهاء في حكم كشف الشعر في النظرة الشرعية وفقًا للمذاهب فيما يجوز للخاطب أن يراه، فمنهم من اقتصر على الوجه والكفين، ومنهم ما أجاز النظر إلى ما يزيد عنهما بما يظهر عنها، أو سائر جسدها دون عورتها.. إلا أن الأحوط في كل ذلك هو ألا يرى الخاطب إلا وجهها وكفيها.
علاوة على أن جمع آخر من الفقهاء قالوا إن رؤية شعر المرأة أو أي شيء غير وجهها وكفيها يعتبر حرامًا ويخالف الورع والتقوى، أما إن أراد رؤية شعرها، فيُمكنه توكيل من يثق بهنّ من ذويه من النساء بأن ترى واحدة منهن الشعر وغيره مما بطن، امتثالًا لأمر الله له أن يغض بصره على من لا تحله، فيتم مراده في معرفة صفاتها دون النظر إليها.
تعرفي أيضًا على: أكثر شيء يركز عليه الرجل في النظرة الشرعية
شروط النظرة الشرعية
إن النظرة الشرعية أباحها الله للشاب والفتاة ليتسنى لكل منهما رؤية الآخر ومن ثم يتحقق شرط القبول، إلا أن لها شروط حتى لا يقعان في إطار كل ما هو محرم، من أهم تلك الشروط أن تكون النظرة بعد العزم على الزواج منها، ولا يتم تكرار النظر إلى المرأة إلا عند الحاجة.
على أن يأمن الرجل على نفسه الشهوة، ولا يرى منها إلا الوجه والكفين.. على اعتبار أن الوجه يتضح منه جمالها، والكفين يتضح منهما صحتها، وهذا ما عليه أن يعلمه فيها.
علاوة على ما ذكرناه في بيان جواز رؤية الشعر في النظرة الشرعية، فيما يعني أنها تلتزم بالزي الشرعي أمامه، وتعامله معاملة الأجانب، فيراعي الرجل ألا تكون نظرته إليها عن شهوة أو لذة، كذلك لا يجب أن يخلو بها.. حيث يجلس معهما أحد من محارمها كأبيها أو أخيها، فضلًا عن أن الرؤية تكون بموافقة الطرفين لا طرف واحد منهما فحسب.
كما أن هناك أمر آخر يقع على عاتق المخطوبة، وهي حرصها على ألا تتزين بشكل مبالغ فيه أمام خاطبها، فلا تكون متبرجة أو متزينة إلى حد الافتنان، وفي أمر التزين يُمكننا القول إن الأحوط بألا يرى الرجل شعرها إن كانت مُحجبة، حتى وإن كان عازمًا على الزواج منها، إلا أن ذلك لا يحل له في تلك الفترة.
جدير بالذكر أنه يُباح تكرار الرؤية الشرعية غير مرة لغاية معرفة شخصية الخاطب أو المخطوبة، حتى يتسنى لكلًا منهما تكوين صورة كاملة عن الآخر، للوصول إلى نقطة التوافق، وفي كل مرة تكون بالتزام الشروط آنفة الذكر.
تعرفي أيضًا على: هل يجوز الخطبة في رمضان
الحكمة من مشروعية الرؤية الشرعية
قال الله تعالى في محكم التنزيل: “وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ ۚ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا ۚ وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235) سورة البقرة.
فقد جعل الله من كل شيء يبيحه حِكمة بالغة، فبالنظرة الشرعية يُمكن أن يمنع من النظر المحرم ومفاسده، والتي قد يقع فيها المسلم، علاوة على أنها تساعد في تحقيق الالتقاء والتعارف بالمعنى المرغوب، مما يستتبعه حصول الرحمة والمودة بين الطرفين، ليقبل كلًا منهما الآخر ويستشعر فيه زوجًا.
تعرفي أيضًا على: المرأة الجميلة في نظر الرجل
حكم التزين ووضع المكياج في النظرة الشرعية
من الأمور التي تسعى إليها أغلب النساء أن تبقى على قدر كبير من التزين والجمال عند الدخول على الخاطب، نظرًا لأن ذلك يجعله يراها في أبهى صورها، إلا أن الأمر طالما كان في حدود المناسب دون أن يكون فيه غش للصورة الكاملة التي يراها عليها، فإنه لا حرج فيه، ولا بأس من وضع القليل منه.
مع ذلك نجد أن الأحرى بها ترك المكياج تمامًا، لأن الخاطب حتمًا يرغب في أن يراه من يتقدم لخطبتها على طبيعتها التي ستدوم معها طيلة عمرها، دون أن تتكلف حتى تُعجبه للوهلة الأولى.. حيث إن تزينها المبالغ فيه إن أبدته له وقد حصل النكاح ثم رأى منها غير ما كانت عليه، فلربما رغبته فيها تتضائل.
لباس النظرة الشرعية
على المرأة المسلمة أن تلتزم بتعاليم دينها الإسلامي السمحة ولا تنحرف عن المنوال الصحيح في ارتداء الحشمة أمام الأجانب ومنهم من يتقدم لخطبتها، فهو لا يجوز له أن يرى ما يزيد عما يراه الرجل الأجنبيّ منها كما أتى في بياننا لحكم كشف الشعر في النظرة الشرعية.. فيكون لبسها فضفاضًا، لا يكون زينة في نفسه، لا يفتتن به، ولا يصف ما تحته، ولا يشف جسدها.
كما من غير الجائز أن ترتدي ما يُظهر تفاصيل جسدها، كالبنطال وما شابه، الأمر الذي يدخل بدوره في إطار شروط وآداب النظرة الشرعية.
كان الإسلام حريصًا على دوام رباط الود بين الجنسين، وشرع أسبابًا لذلك من الخطبة إلى إتمام الزواج.. حتى يكون أحرى لدوام المعاشرة فيما بينهما.
تابعنا على جوجل نيوز