كذبة شركات التداول.. عامل توصيل بيتزا يربح 1400000 جنيه مصري في شهر واحد

عامل توصيل بيتزا يربح 1400000 جنيه مصري في شهر واحد.. تُعد هذه الصيغة واحدةً من أشهر صور الإعلانات التي لها القُدرة على جذب الزوار والاحتيال عليهم في آنٍ واحد، وفي واقع الأمر يُعد تتبع ما وراء هذا الإعلان والبحث عن سبب انتشاره أمرٌ يفتح أبواب عوالم خفية من أكاذيب شركات التداول.

كاشف شركات التداول النصابة..!

هُناك عدد كبير من الغرائز البشرية التي تتواجد في داخلنا بالفطرة، وهو ما يتم اعتباره من صور الشهوات التي كثيرًا ما نميل على إثرها للقيام ببعض الأمور أو اتخاذ قرارات غالبًا ما تعود علينا بالسلب في نهاية المطاف على المدى القريب والبعيد على حدٍ سواء وتجعلنا نندم أشد الندم.

تفتح هذه الغرائز أبوابًا استثمارية ضخمة أمام ضعاف النُفوس من مُحبي استقطاب الفئة التي تغلبها شهوتها وتنتصر عليها الغرائز الخاصة بها، والحديث هُنا عن واحدةٍ من أبرز هذه الغرائز ألا وهي الجشع.

الجشع بشكلٍ عام يترأس قائمة أسوأ الخصال والغرائز التي كثيرًا ما نمتاز بها نحن البشر، والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى حدٍ جُنوني يتم توجيه أصابع الاتهام على إثره لها بكونها أكثر ما قد يتسبب في تقلب حالك، ومن أبرز من يستغل هذا النوع من الخصال والغرائز في واقع الأمر هي شركات التداول.

أكثر وصفٍ راقَّ لي في التعبير عن مفهوم شركات التداول هو كونهم مجموعة من الناس يجمعون في خبراتهم ومعرفتهم الجانب الاقتصادي والجانب الخاص بالنفس البشرية، وهو خليط لو تعلمون شديد الخُطورة، إذ إن أبرز صور الجشع التي يُمكن الدُخول إلى المرء منها هي فكرة المال.

فمن منا لا يرغب في أن يُصبح مليونيرًا أو مليارديرًا كما هو الحال مع ما نراه من إعلانات تحمل بين طياتها الحديث عن عامل توصيل بيتزا تحول بين ليلةٍ وضُحاها من رجُلٍ فقير لا يقوى على توفير قوت يومه إلى واحدٍ من أبناء الطبقة المخملية بفضل شركات التداول؟

في واقع الأمر فكرة عامل توصيل البيتزا المليونير تُعتبر واحدةً من الاستراتيجيات التسويقية البارعة التي تجمع بين احترافية الإعلان وانعدام الضمير في الوقت ذاته، والآلية المُستعملة هُنا هي ما يُعرف بالـ clickbait فما هو هذا المُصطلح؟ وكيف يتم الإيقاع بالناس عن طريق استخدامه؟

اقرأ أيضًا: كيفية شراء أسهم في بورصة لندن

ما لا تعرفه عن الـ Clickbait

بإجراء بحثٍ بسيط في قواميس ومعاجم المُصطلحات الخاصة باللُغة الإنجليزية سنُلاحظ كون كلمة Bait تعني الطُعم، وفي واقع الأمر هذا يُعد الترجمة الحرفية والعملية على حدٍ سواء لفكرة الـ Clickbait أو ما يُعرف اصطلاحًا باسم طُعم النقرة.

لا بُدَّ من أنك قد مررت بصيادٍ يعمل على وضع الطُعم في النهاية المُدببة لصنارته ومن ثًم رميها في المياه لانتظار الأسماك واصطيادها، وعلى الرغم من كون هذه الآلية يتم مُمارستها مُنذ مئات ورُبما آلاف السنين إلا أنها ناجحة إلى يومنا هذا.

يرجع السبب وراء ذلك إلى غريزة الطمع الجشع لدى الأسماك بالإضافة إلى فكرة نسيان أخطاء الغير، وفي واقع الأمر في المنظومة الاقتصادية والتسويقية لا يُمكن وصف كافة صور الدعاية وما تعمل على الترويج له عبر الإعلانات إلا بكونه طُعمًا يُرمى لك.

بعد رمي الطُعم عن طريق المُعلن المُحنك والمُتفقه في عُلوم الاقتصاد وأبواب التسويق بالإضافة إلى خبايا النفس البشرية إلى حدٍ كبير سيعمل الإعلان بالانتشار من تلقاء نفسه بفضل الفريسة نفسها، فالفكرة الرئيسية من تناول الأسماك للطُعم كونه وليمة سهلة لا تتطلب الاصطياد والعناء.

الأمر سيان بالنسبة لبني البشر، لك فقط أن تتخيل أن هُناك شجرة تقوم برمي ثمارٍ من الأموال لتُمكنك من نهل ما رغبت فيه من نقود وتصل إلى مُستويات من الثراء الفاحش دون مجهودٍ يُذكر، هل ستتوجه إلى العمل حينها وترغب في خوض وانتهاج الطريق الصعب؟ دعني أُقاطعك وأُجيب عنك وعن مليارات البشر أمثالنا بقول لا.

فالمرء دائمًا ما سيختار الطريق السهل، وهُنا يكمُن الطُعم الذي تضعه لك شركات التداول مُخفيةً أدناه الخُطاف المُدبب الذي سيفتك بك، وعلى أرض الواقع يتمثل هذا الطُعم في رابط ما أو صورة تشتمل على عُنوان مُثير للفضول والغرائز الشهوانية مثل “رحلتي من عامل توصيل بيتزا إلى مليونير”.

حقيقة شركات التداول

هُناك عامل مُشترك كثيرًا ما ستراه في الإعلانات المُضللة والخادعة ألا وهو كون الفضل كُل الفضل بكُل تأكيد في كافة قصص النجاح والثراء السهل اللحظي التي ستقرأها يعود إلى شركات التداول، فمن المعروف كون هذا النوع من الشركات لا يرغب إلا في ارتقاء مُستواك المعيشي دون التفكير في أيِّ أغراضٍ ودوافع أُخرى حاشا لله.

 

هُنا عزيزي القارئ يكمُن الخُطاف الضار الذي لن تُفلت منه بنفس حالك قبل ابتلاع الطُعم، وكُلما كان هذا الخُطاف أقوى ازداد الأثر والتغيير الذي سيطرأ عليك، مع العلم كون هذا التغيير هُنا لن يكون إلا سيئًا، وهذا ليس من باب التشاؤم على الإطلاق في واقع الأمر.

لكن هل يعني ذلك كون شركات التداول لا تسعى إلا للاحتيال والنصب؟ من المؤكد كون الإجابة عن هذا السؤال هي لا، فشركات التداول تُعتبر بالنسبة لفئة كبيرة من الناس مصدر دخل يدُر مئات آلاف الدولارات عليهم بشكلٍ سنوي.

لكن فكرة الخداع الخاصة بهذا النوع من الشركات قائمة على الإيحاء بكون طريقة الوصول إلى هذه المرحلة من تحقيق الأرباح غايةً في السُهولة.

فنجد في الإعلانات أن شخصًا هاوٍ غير مُتمرس ولا يفقه في علم التداول شيء يقوم باستعمال إحدى تطبيقات ومواقع شركات التداول أثناء وقت الراحة الخاص به من وظيفته كعامل توصيل بيتزا، أو خلال تنزُهه الصباح.

ليعيش من بعدها في تباتٍ ونبات جانيًا في كُل خطوةٍ يخطوها آلاف الدولارات، وهذه من صور القصص الدعائية التي يُعد الخيال العلمي أكثر منها واقعية، مع العلم أن هذا النوع من الحملات الدعائية شائع بين عدد كبير من شركات التداول أبرزها:

  • olymp trade.
  • IQ options.
  • Expert options.
  • Binomo.
  • Nadex.

ففكرة التداول بشكلٍ عام أعمق وأكبر بكثير من تحقيق الربح بهذه الآلية السطحية والساذجة، ولن تصل إلى تحقيق المكاسب بشكل مُستقر إلا بعد دراسة شاملة لآليات هذا المجال وما يشتمل عليه من عُلومٍ واستراتيجيات.

شركات التداول والتحفيز على الجشع

تتمثل آلية كافة هذه الشركات في استقطاب العُملاء في تقديم مبلغ كبير وهمي من الدولارات ووضعه فيما يُعرف بالحساب التجريبي، وعندما يقوم العمل بالتداول باستعمال هذا الحساب سنجد أنه يكسب أموالًا طائلة، وحينها سيُقرر بدء التجارة بأموال حقيقية.

لكن ما يخفى على المُستخدم كون الحساب الوهمي أو التجريبي هو من صور الحسابات التي تختلف في آلية العمل الخاصة بها عن الحسابات الأُخرى أو الحقيقة، ويُمكن القول إن الفكرة كُلها تكمُن في سيناريو مُمنهج يقوم الموقع على إثره بجعلك تكسب الأموال في الحساب التجريبي بشكلٍ سهل للغاية.

قد تستمر هذه المكاسب في واقع الأمر في مهد الحساب الحقيقي، وذلك حتى تُدخل في ذهنك أن فكرة الكسب من هذا النوع من المجالات يُعد أمرًا حقيقيًا، وبعد ذلك ستقل نسبة تحقيقك للصفقات الناجحة إلى حدٍ كبير إلى أن تُحقق الخسائر فقط عند مرحلةٍ ما.

فتبدأ على إثر ذلك بوضع أموال أُخرى للسعي في تعويض ما خسرته من أموال، وهذا لا يصُب إلا في صالح شركات التداول التي وضعت نُصب عينيك الصورة النمطية لعامل توصيل بيتزا أمسى يعيش في القصور ويقود أكثر صور السيارات فخامةً ورُقيًا.

في واقع الأمر قد تُسطر على إثر ذلك في يومٍ من الأيام قصة عامل توصيل بيتزا، ولكن من الفئة التي لا تمتلك الملايين منهم، الأمر أشبه بإصابة الحيوانات بحشرة القُراد، وهي الحشرة التي تُعتبر من صور الحشرات الفتاكة التي تعمل على غرز الماصات الخاصة بها في جلد الدابة، ومن ثُم القيام بامتصاص دمه إلى أن يموت.

فاحرص عزيزي القارئ على ألا تكون الضحية التالية لقُراد شركات التداول، وعالج إصابتك بداء الجشع عن طريق الإدراك أن الأموال لا تأتي بهذه السُهولة، وفي حال ما رغبت في الوصول إلى مرحلةٍ ما من الثراء لن تتمكن من ذلك إلا بالسعي وبذل كُل قطرة جُهدٍ وعرق.

الكذبة والدليل

في حال ما قام أحدٌ ما بالاطلاع على الإعلان الذي يأتي بصيغة عامل توصيل بيتزا يربح 1400000 جنيه مصري في شهر واحد والعمل على التدقيق فيه سيلُاحظ عدد كبير من المُغالطات التي تُثبت كونه من صور آليات الخداع ليس إلا.

لذا وإيمانًا منا بمسؤوليتنا تجاهكُم قررنا جمع أبرز هذه المُغالطات لإيضاح ما في الإعلانات من أكاذيب، وقد جاءت على النحو التالي:

1- تشابه مُحتوى الإعلان مع اختلاف الشخصيات

 

من أوائل الأُمور التي من المُمكن لكافة المُطلعين على هذا النوع من الإعلانات مُلاحظتها كون أبطال هذه الإعلانات والذين تتواجد صورهم على رأس المُحتوى الخاص بالمقالات مُختلفين، فالصور تعود إلى أشخاص لا علاقة لها ببعضها البعض فعلى الرغم من كون كافة الإعلانات تتحدث عن شخص يُدعى “حمادة خليفة” ويُفترض كونه مِصري الجنسية إلا أن هناك صور متداولة لأشخاص مختلفة.

2- الاختلاف بين المبلغ المذكور ومُحتوى الإعلان

 

كما هو موضح أعلاه يُذكر في نص الإعلان أن ” عامل توصيل بيتزا يربح 1,400,000 جنيه مصري في شهر واحد”، وفي الوقت ذاته يُشار إلى كون هذا الشخص قد اشترى سيارة من نوع لامبرغيني.

مع العلم أن مُتوسط سعر هذه السيارة يبلغ 200,000 دولار أمريكي، وهو ما يتخطى حاجز الثلاثة ملايين ونصف مليون جُنيه مصري، والسيارة في الصورة تفوق هذا الرقم حتى.

3- تفاوت في جنسية بطل الإعلان

 

كُنا قد اطَّلعنا أعلاه على كون بطل هذا الإعلان وفقًا لما نص عليه المُحتوى يُدعى “حمادة خليفة”، ويُفترض كونه من مدينة بورسعيد أيضًا، وفي واقع الأمر هذا ليس إلا لزيادة الخداع والعمل على إيهام رائي الإعلان بوجود شخص حقيقي قد كسب هذا المبلغ على إثر استثماره.

لكن بالاطلاع على الصورة المُرفقة في الإعلان والتي تم عرضها لكُم أعلاه سنجد كون هذا الشخص المُلقب بـ “حمادة” يرتدي في يده صورة من صور الإكسسوارات التي تحمل علم دولة كينيا، ومن المؤكد أن السبب والهدف أو الغاية وراء ذلك ليس الحث على وِحدة أبناء القارة السمراء.

من الجدير بالذكر أن هذه الآلية تُعرف باسم buyer persona أو شخصية المُشتري، وهي من الآليات المُستخدمة في عالم التسويق والتي يتم على إثرها منح وصف تفصيلي كامل لشخصية خيالية بعد التعمق في الجُمهور المُستهدف.

ما يعني تخصيص فكرة ربح “حمادة” من مدينة بورسعيد ليس إلا وصف للفئة المُستهدفة والتي هي أنت عزيزي القارئ، ففي عين صاحب الإعلان كافة الجمهور المُستهدف هُم نُسخ من “حمادة خليفة”، ويرغبون في الوصول إلى مرحلةٍ من الثراء كما قام هذا الشخص الوهمي وفقًا لادعاءاتهم.

4- تشابه تفاصيل الإعلانات

 

هذا الجانب في واقع الأمر يُثير السُخرية، إذ إن المحتوى يشتمل على نفس التفاصيل باختلاف المقالات التي يتم الإعلان والترويج عن الموقع فيها، فكافة الشخصيات المتواجدة في هذه الإعلانات باختلاف صورها حققت 8,300 جُنيه مصري في الليلة الأولى من التداول دون زيادةٍ أو نقصان.

لا يُمكن الإشارة إلى هذه النُقطة إلا بكونها ساخرة وتنُم عن السذاجة في الوقت ذاته، إذ إن العمل على خلق شخصيات أُخرى في الإعلان مع تغيير الأرقام والأحداث ليس بالأمر الصعب.

لكن ما تم في هذا الإعلان السطحي نسخ كافة التفاصيل مثل بحث والد بطل الإعلان عن وظيفة وامتلاكه لمنزلين في الضاحية وفي نهاية المطاف استكماله لمسيرة التعليم العالي التي أوقفها نظرًا لعدم امتلاكه لما يكفي من نُقود.

5- لوحة المركبة

 

بالرجوع إلى نص الإعلانات الوهمية المذكورة سنجد أن أحد الشخصيات المُكناة “حمادة خليفة” قد اشترى سيارة من نوع هوندا، على الرغم من كون حمادة الآخر قام بشراء سيارة لامبورجيني، ويُمكن تفسير ذلك بكون حمادة الآخر هو نُسخة من نُسخ الأكوان الموازية لابن بورسعيد.

تشتمل الصورة أعلاه كما نرى على سيارة من نوع هوندا كما جاء في نص الإعلان بالفعل، ولكن اللوحة الخاصة بهذه السيارة ليست مِصرية ولا حتى بورسعيدية كما يقول الإعلان، إذ إنها تعود إلى واحدةٍ من الدول الآسيوية أو إحدى دول قارة أمريكا اللاتينية.

6- عامل توصيل بيتزا واحد باختلاف الدول

 

عند القيام بالبحث باستخدام إحدى الصور التي تتواجد في الإعلان سنُلاحظ كون “حمادة خليفة” والذي يتم وصفه بكونه عامل توصيل بيتزا من مدينة بورسعيد سنُلاحظ أن نفس الصورة يتم استعمالها في عدد لا نهائي من الإعلانات التي تحمل نفس الصيغة تقريبًا، ولكن ما يوضح كون هذا الإعلان وهميًا هو تعدد الجنسيات التي تعمل المواقع على منحها إياه.

فتارةً نرى أنه غاني الجنسية، وتارةً أُخرى يُشار إليه بكونه هندي، وفي مقالاتٍ أُخرى يتم التعريف عن هذا الرجل بكونه فنزويلي، برازيلي، أرجنتيني وغيرها الكثير والكثير من البُلدان الأفريقية، الأوروبية وحتى الآسيوية الأُخرى.

من الجدير بالذكر كون الآليات التي تعتمد عليها نسبة كبيرة من شركات التداول مثل القيام بتوقع ارتفاع سعر السهم من انخفاضه كثيرًا ما يتم اعتبارها من صور الميسر أو ما يُعرف بالقمار وفقًا لأحكام الدين، ما يعني كونها مُحرمة علاوةً على فكرة الخداع والاحتيال، فاحرص على مالك الذي بذلت جُهدًا لتحقيقه ولا تتخلى عنه بهذه السهولة.

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة