الأدلة النقلية والعقلية على حرمة صلاة الحائض
إن الحيض أو ما يُطلق عليه الطمث يعني بتخلص جسم المرأة من السموم، وراعى الإسلام ظروف مرضِها وألمها ولم يشق عليها حتى قضى بعدم جواز صلاتها، إلا أن فترة الحيض تتخللها أحكام شتى تتعلق بأداء الفروض، وجاء موقع إيزيس ليُعلمكم بها بالأدلة النقلية والعقلية.
الأدلة النقلية على عدم جواز صلاة الحائض
تتعدد الأحكام الخاصة بالمرأة في فترة الحيض، أكثرها ما يتعلق بالصلاة والصيام، فإن أرادت المرأة العلم بالأدلة النقلية التي تؤكد على عدم جواز الصلاة والصيام في تلك الفترة فلها أن تنظر إلى ما يلي:
- “يا مَعْشَرَ النِّساءِ، تَصَدَّقْنَ وأَكْثِرْنَ الاسْتِغْفارَ، فإنِّي رَأَيْتُكُنَّ أكْثَرَ أهْلِ النَّارِ فَقالتِ امْرَأَةٌ منهنَّ جَزْلَةٌ: وما لنا يا رَسولَ اللهِ، أكْثَرُ أهْلِ النَّارِ؟ قالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وما رَأَيْتُ مِن ناقِصاتِ عَقْلٍ ودِينٍ أغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ قالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، وما نُقْصانُ العَقْلِ والدِّينِ؟ قالَ: أمَّا نُقْصانُ العَقْلِ: فَشَهادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهادَةَ رَجُلٍ فَهذا نُقْصانُ العَقْلِ، وتَمْكُثُ اللَّيالِيَ ما تُصَلِّي، وتُفْطِرُ في رَمَضانَ فَهذا نُقْصانُ الدِّينِ” (صحيح مسلم).
هنا في حكم الشرع نجد أن الحائض لا يجوز لها أن تصلي أو تصوم، ولا إثم عليها في ذلك، فالحيض أمر طبيعيّ يحدث للمرأة متى بلغت، وعندما يزول عنها يستوجب الطهارة حتى تستطيع استكمال أداء العبادات.
- قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)، سورة المائدة.
- في سورة البقرة: “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ“ (الآية 222).
مما سبق من الأدلة من القرآن الكريم نستدل أن الصلاة لا تصلح دون طهارة، والحائض ينقصها الطهارة حتى ينتهي حيضها وتغتسل، من هنا يعد هذا دليل على عدم جواز صلاة الحائض، نظرًا لعدم اقتران شرط الطهارة، ومن هنا كان لزامًا على المرأة ألا تصلي دون انتهاء الحيض.
تعرفي أيضًا على: آيات تحريم الصوم للحائض
الحكمة من عدم جواز الصلاة للحائض
لا يوجد شيء قد حرمه الله -سبحانه وتعالى- إلا وكان به من الضرر ما يرهق النفس والبدن، أما عما ورد في الدليل على عدم جواز صلاة الحائض من القرآن والسنة النبوية الشريفة فإن ورائه حكمة بالغة تتضح فيما يلي:
- عندما تؤدي الحائض الصلاة فإن ذلك يتسبب في اندفاع الدماء إلى الرحم بغزارة، الأمر الذي يؤدي إلى اشتداد النزف.
- إن أدت المرأة الصلاة في وقت حيضها فهذا يعني هلاك الجهاز المناعي لديها نظرًا لأن كريات الدم البيضاء تُهدر إثر فقدان دماء الطمث.
- تحريك المرأة لجسدها في الركوع والسجود يزيد من سيلان الدماء وتدفقها ويتسبب في نقص الأملاح المعدنية من الجسم للحائض.
- تتضح الحكمة في منع الحائض من الصلاة والصوم في عدم إهدار الجسم في تلك الفترة للدماء والأملاح، لذا يُنصح بأن تأخذ قدر من الراحة ولا تمارس أي من الأعمال الشاقة.
الطهر من الحيض
بما أننا أشرنا إلى أن شرط الطهارة من شروط الصلاة، من هنا نذكر أن الطهر من الحيض له علامات على المرأة أن تعلمها حتى تتمكن من أداء الفروض، فإذا تحققت من واحدة من تلك العلامات لها أن تغتسل ما إن رأت أيًا منهما أولًا، وكانت تلك العلامات:
1- القصة البيضاء
إنها الماء النقي الأبيض الذي يخرج من الفرج عند انتهاء الحيض، فإن رأت المرأة مثل ذلك الماء، هنا قد تحقق طهرها من الحيض وعليها أن تغتسل، والدليل على ذلك:
“أنَّ النِّساءَ كنَّ يبعثنَ إليها بالدَّرجةِ فيها الكرُسُفُ فيه الصُّفرةُ من دمِ الحيضِ، فتقولُ: لا تَعجلنَ حتَّى ترَيْنَ القَصَّةَ البيضاءَ، تريدُ بذلك الطُّهرَ من الحيضِ“ (صحيح البخاري).
تعرفي أيضًا على: هل يجوز التصدق بدل صيام القضاء للحائض
2- انقطاع الدم
في حديث رواه البخاري: “كُنَّا لا نَعُدُّ الكُدْرَةَ والصُّفْرَةَ شيئًا“، فهما علامات على انقطاع الدم، دلالة على الجفاف، والبعض يرى انتظار القصة البيضاء للتأكد من وجوب الطهر وانتهاء الحيض.
على أن يكون التطهر والغسل كما يلي:
- وجوب النية بعد انقضاء الحيض وقبل الغسل.
- غسل اليدين ثلاث مرات.
- غسل الفرج من كل ما يلوثه باليد اليسرى.
- أداء الوضوء.
- صب الماء على الرأس مع تدليكها جيدًا ثلاث مرات.
- صب الماء على الشق الأيمن من الجسم، ومن بعده الشق الأيسر.
- غسل القدمين.
هذا ما ورد في السنة النبوية الشريفة، فكما ذكرنا أكثر من دليل على أن الحائض لا تصلي.. نذكر دليل كيفية الغسل كما يلي:
“يبدأ فيفرغُ على يدِه اليمنى، مرتين أو ثلاثًا، ثم يدخل يدَه اليُمنى في الإناءِ، فيصب بها على فرجِه، ويدُه اليسرى على فرجه، فيغسل ما هنالك، حتى ينقيَه، ثم يضع يدَه اليُسرى على الترابِ إن شاء، ثم يصب على يدِه اليُسرى حتى ينقيها، ثم يغسل يديه ثلاثًا، ويستنشق، ويمضمض، ويغسل وجهَه وذراعَيه ثلاثًا، حتى إذا بلغ رأسَه، لم يمسحْ، وأفرغ عليه الماءَ، فهكذا كان غسلُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فيما ذكر” (صحيح).
تعرفي أيضًا على: هل يجوز للحائض قراءة القرآن في رمضان
قضاء الحائض
ليس على الحائض قضاء ما فاتها من الصلاة في حيضها، نظرًا لأن الصلاة عبادة يومية مفروضة، أما الذي يجب عليها قضاؤه فهو الصيام، هذا ما يُمكن إسناده إلى ما روي عن السيدة عائشة:
“سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلتُ: ما بَالُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، ولَا تَقْضِي الصَّلَاةَ. فَقالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ قُلتُ: لَسْتُ بحَرُورِيَّةٍ، ولَكِنِّي أسْأَلُ. قالَتْ: كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ” (صحيح مسلم).
فيُحرم على الحائض والنفساء الصلاة سواء كانت فرضًا أو نافلة، وعلى سبيل المثال إن تطهرت في وقت صلاة المغرب فعليها أن تقضي صلاة العصر وتصلي المغرب، وهكذا الحال.
كان أشرف الخلق يقدم الموعظة للنساء كما يقدمها للرجال، فهناك الكثير من الأدلة النقلية المتعلقة بالمرأة في أداء الفروض والعبادات، يجب الاستناد إليها تجنبًا لمخالفة حدود الله.
تابعنا على جوجل نيوز