الاحتفال بعيد الحب.. هل حرام شرعًا؟

عيد الحُب من المُناسبات التي انتقلت من الغرب، يحتفل فيه العُشاق بيوم مُميز يجمع حبهما، ويُجدد العلاقة بينهما من جديد، ويمنحا بعضهما الاهتمام، ولكن هل هذا يعني تحريم الدين الإسلامي الاحتفال به أم لا بأس من ذلك ما دام لا توجد نية يقينية للاعتراف به؟ دعينا نُخبرك بالتفاصيل في إيزيس.

حكم الاحتفال بعيد الحب 

على الرغم من أن عيد الحب من المناسبات غير الدينية إلا أنه في يوم 14 فبراير، نجد أن الشوارع تضج بالورود الحمراء، ويتبادل الأشخاص التهاني، فهل حرام الاحتفال بعيد الحب كما يذاع في الكثير من المواقع؟ أم أن هناك جوانب أخرى للأمر؟

نحن نعلم جيدًا أن البدعة من شأنها أن تكون أمرًا محرمًا، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وفي رواية: إياكم ومحدثاتِ الأمورِ فإن َّكلَّ محدثةٍ بدعةٌ وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ” (صحيح).

إلا أن الأمر يقتضي بالبدعة التي من شأنها أن تثير الفتن، أو تكون سببًا في غضب الله عز وجل، فقد أفتى أشهر دعاة المملكة العربية السعودية وهو أحمد بن قاسم الغامدي، أن عيد الحب أمر لا يحرمه الدين الإسلامي إن كان محكومًا بالضوابط الشرعية، والتي سنتعرف عليها فيما بعد.

إلا أن ابن عثيمين يرى أن الأمر من شأنه أن يكون محرمًا كونه يدعو إلى العشق المحرم، وانشغال القلب بما لم يحله الله عز وجل، إذن المتحكم في الأمر هي الضوابط التي نقوم من خلالها بالاحتفال بعيد الحب.

تعرفي أيضًا على: قصة عيد الحب الحقيقية

الضوابط الشرعية للاحتفال بعيد الحب

يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صحيح الترمذي: “إذا أحبَّ أحدُكم أخاه فليُعْلمَه إيَّاه“، فالحب ذ   اته من الأمور التي أحلها الله عز وجل، بل هي الفطرة التي خلقنا الله عليها، والله ذاته محبًا للعباد، فقد قال رسولنا الكريم في رواية أبي هريرة:

إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شَيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ“.

لذا فإن ديننا الحنيف لا يتعارض مع تلك المشاعر الجياشة إن كانت في موضعها الصحيح، ويجب الامتثال للضوابط الشرعية للاحتفال به، والتي تتمثل فيما يلي:

1- العلاقة في الإطار الشرعي

قال الله -عز وجل- في محكم التنزيل في سورة الروم الآية رقم 21: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ“.

فعندما يختار الرجل المرأة التي سوف يتزوج منها، لا بد أن يكون هناك شعورًا بالقبول والمودة والرحمة بينهما، حتى يتمكنا من تأسيس منزل مسلم يكسوه الحب والاستقرار الأسري، فبالنظر إلى حكم الاحتفال بعيد الحب، فغير محرم  إن كان الهدف من الأمر، هو تجديد المشاعر بعد الزواج.

أو من أجل توثيق تلك المشاعر الرائعة بين الرجل وخطيبته على أن يكون ذلك دون تلامس أو وقوع في أي من الأمور التي تغضب الله -عز وجل- إن لم يكن هناك عقد قران.

2- أن يكون مظهر الاحتفال غير مغضب لله

في العديد من الدول الغربية يتم الاحتفال بعيد الحب من خلال تناول الخمور وتبادل القبلات دون أن يكون هناك علاقة شرعية من الأساس، وفي تلك الحالة لابد وأن يكون عيد الحب من الأمور المحرمة قطعًا.

فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية معقل بن يسار: لأنْ يطعنَ في رأسِ أحدِكُمْ بمِخيطٍ منْ حديدٍ خيرٌ لهُ منْ أنْ يمسَّ امرأةً لا تحلُّ لهُ“.

كما قال الله -عز وجل- في أمر الخمر ما يلي: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ* وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا ۚ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُسورة المائدة الآيات من 90 إلى 93

لذا فإن أراد المسلم أن يقوم بالاحتفال بعيد الحب عليه أن يتجنب الوقوع في أي من المحرمات، حتى لا يكتب في صحفيته الكثير من الذنوب، فإن كانت شريكة حياته هي خطيبته، فإنه من الممكن أن يهديها باقة من الورود، مع الكلمات العذبة الخالية من أي إيحاءات من شأنها أن تكون محرمة بإجماع الفقهاء.

إن كانت زوجته فلا حرج في ذلك على أن يراعي ألا يكون هناك سكرًا أو أي من تلك العادات المحرمة التي يقوم بها الغرب.

تعرفي أيضًا على: مسجات عيد حب للزوجة

3- ألا يكون الاحتفال سببًا في الانشغال عن طاعة الله

يقول الله -عز وجل- في محكم التنزيل في سورة الجمعة الآيتين رقم 9، 10: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ“.

فمن خلال النظر إلى تلك الآيات نجد أن الله -عز وجل- قد حث على طاعته وذكر قبل الانشغال بالأعمال الدنيوية، حتى يكون للمسلم الحظ الوافر من معية الله -عز وجل- وحفظه ورعايته، لذا من الضروري إن أراد المسلم أن يحتفل بيوم الحب، ألا يكون ذلك مقرونًا بتوقفه عن ذكر الله عز وجل أو عدم قيامه بالفرائض.

4- عدم تقديس عيد الحب

يُمكن أن يتحول الاحتفال بعيد الحب إلى محرم بشكل نهائي إن اعتبره المسلم مثل عيد الفطر وعيد الأضحى، فتلك المناسبات الدينية الشرعية التي من شأننا أن نعترف بها.

بينما عيد الحب هو يوم معتاد فيه تقديم الهدايا وتبادل العبارات الحانية فحسب، فشأنه شأن الأيام الوطنية وعيد الأم، وهكذا، فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل في سورة الحشر في الآية رقم 7:

وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ“.

تعرفي أيضًا على: عبارات عيد الحب للزوج

أصل عيد الحب

أما عن الأصول التي يرجع إليها عيد الحب، فقد ورد في ذلك العديد من الأقاويل، حيث يقول المصريون إنه من الأعياد التي ظهرت أيام الفراعنة، وكان اسمه حينها عيد طهارة القلوب، إلا أنه كان يتم الاحتفال به مع قدوم الربيع وعيد شم النسيم.

إلا أن القول الأرجح أن عيد الحب يرجع إلى الراهب الروماني فلانتين، والذي كان يساعد على تزويج المحبين سرًا، حيث إنه في تلك الفترة قد تم منع الزواج، ظنًا من الإمبراطور الروماني كلوديوس أن الزواج من شأنه أن يضعف صحة الجنود وعزيمتهم.

مع الوقت تم اكتشاف الأمر والقبض على فلانتين، والذي اعترف أنه كان يرى ذلك القرار غير عادل بالمرة، وتم إعدامه في اليوم الرابع عشر من شهر فبراير لعام 269، إلا أنه بمرور السنوات تم اكتشاف رسالة قد كتبها فلانتين إلى ابنة السجان، والتي كان يعرب فيها عن حبه الشديد لها.

مما دفع البابا جيلاسيوس إلى إعلان يوم وفاة فلانتين يومًا للاحتفال بالحب، وكان ذلك في القرن الخامس تحديدًا سنة 496 ميلاديًا، ومن الجدير بالذكر أن الحب لا يقتصر على الرجل والمرأة، فمن الممكن أن يتم الاحتفال بعيد الحب بين الأصدقاء، ممن جمعهم المشاعر الدافئة، ففي تلك الحالة يكونان ممن يظلهم الله في ظله يوم الحساب.

فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية أبي هريرة: سبعةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ تحتَ ظلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ: إمامٌ مُقْسِطٌ، ورجلٌ لقِيَتْهُ امرأةٌ ذاتُ جمالٍ ومَنْصِبٍ فعرضتْ نفسَها عليهِ فقال: إني أخافُ اللهَ ربَّ العالمينَ، ورجلٌ قلبُه مُعَلَّقٌ بالمساجدِ، ورجلٌ تَعَلَّمَ القرآنَ في صغرِه فهو يتلوهُ في كبرِه، ورجلٌ تصدقَ بصدقةٍ بيمينِه فأخفاها عن شمالِه، ورجلٌ ذَكَرَ اللهَ في بَريَّةٍ ففاضتْ عيناهُ خشيةً من اللهِ عزَّ وجلَّ، ورجلٌ لَقِيَ رجلًا فقال: إني أُحِبُّكَ في اللهِ فقال له الرجلُ: وأنا أُحِبُّكَ في اللهِ(صحيح).

لم يكن ديننا أبدًا دين العسر الذي يحرم تلك المشاعر النبيلة، على ألا تتنافى مع القيم التي منَّ الله بها علينا من خلال ديننا الحنيف.

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة
اترك تعليقا