هل يجوز الزواج في شهر شعبان
هل يجوز الزواج في شهر شعبان؟ وما الحكمة في ذلك؟ إن الزواج من الأمور التي لابُد أن تُكلل بضوابط حتى تكون في إطار ما أحله الله متفقة مع حدود الله سبحانه وتعالى، وفي هذا الصدد سؤال مطروح على المرأة المسلمة العلم بإجابته الوافية وفقًا لِما جاء من الأدلة النقلية، وهو ما يتعلق بحكم الزواج في شهر شعبان، وهذا ما سنتناوله من خلال موقع إيزيس.
هل يجوز الزواج في شهر شعبان؟
إن البعض يتردد في أمر الزواج قبيل شهر رمضان، رغم أن الأمر ليس به حُرمانيّة قط، نظرًا لأن الزواج في شهر شعبان من الأمور التي لا نهي فيها، فهو مباح، ولا يوجد أي دليل نقلي من القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة ينص على عدم جواز الزواج في شهر شعبان.
بل ما نشير إليه أن عقد النكاح في شهر رمضان الكريم ليس به حرج، إلا أن الأمر لا يخلو من وجود الضوابط على الزوجين إن أرادا ألا يُخالفا حدود الله ونواهيه، فيجوز أن يدخل الزوج بزوجته في شهر رمضان، وهنا ما نعنيه بالطبع أن يكون النكاح في ليالي رمضان، فقد قال الله تعالى في سورة البقرة:
“أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)”.
أما من يرى أن نفسه ستقوده ويجد أنه قد يخالف ما شرعه الله سبحانه وتعالى، بأن يجعله الزواج مخالفًا لأحكام الصيام والصلاة والتعبد في الشهر الجليل، فعليه أن يجعل زواجه قبيل رمضان أو بعده، من هنا نستوضح تأكيدًا جواب سؤال هل يجوز الزواج في شهر شعبان؟ بأنه جائزًا حتى يتجنب المسلم ما يُمكن اقترافه من مخالفة في رمضان.
على أن الأفضل في هذا الصدد أن يكون عقد النكاح في شهر شوال، لِمن نوى ورغب في الزواج في تلك الشهور المباركة، وهنا نستدل على الأمر من خلال ما ذكر في الحديث الشريف: “تزوّجَني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في شوالَ، وبَنَى بي في شوالَ، وكانت عائشةُ تستَحِبّ أن يُبْنَى بنسائِها في شوالَ” (رواه مسلم).
جملة القول إنه لا يوجد ما ينهي عن الزواج في رمضان أو شعبان أو غيره من شهور السنة، فالزواج أمر جائز في أي وقت، أما عن وقت الصيام خصيصًا فهو أمر به أحكام أخرى تتعلق بامتناع المرء عن الطعام والشراب والجماع من الفجر إلى وقت الغروب.
فمن كان على قناعة بأنه لن يفسد صيامه قط فلا حرج عليه، ومن خشي من نفسه وكان لا يملك زمامها فعليه أن يتزوج في غير وقت الصيام، وهذا ما أكد عليه العلماء.
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ” (صحيح البخاري)، فالإسلام هو دين السماحة المُراعي لفطرة المرء، وقد أوجد المسالك القويمة لحاجات المرء الفطرية حتى يُعف عما هو حرام ومنهى عنه.
تعرفي أيضًا على: هل يجوز التصدق بدل صيام القضاء للحائض
الصيام في شعبان
هو شهر يغفل عنه البعض وعما به من ثواب عظيم، رغم كونه من الشهور التي ترفع فيها الأعمال إلى الله، لذا يجب التعبد بأفضل العبادات لله تعالى، وبشكل عام يستحب صيام شعبان، وهنا نستند إلى ما ذكر عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف: “كانَ يصومُ شعبانَ كُلَّهُ حتَّى يَصلَهُ برمَضانَ” (صحيح).
عن عائشة رضي الله عنها: “قَالَتْ: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُ حتَّى نَقُولَ: لا يُفْطِرُ، ويُفْطِرُ حتَّى نَقُولَ: لا يَصُومُ، فَما رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إلَّا رَمَضَانَ، وما رَأَيْتُهُ أكْثَرَ صِيَامًا منه في شَعْبَانَ” (صحيح البخاري).
فما خير من رسول الله قدوة صالحة نقتدي بها في صالح الأعمال وجميعها، أما عما يتعلق بسؤالنا هل يجوز الزواج في شهر شعبان؟ فالأمر يتعلق بما يقوم به في الشهر الكريم من عبادات، فإن كان ينوي صيام الشهر اقتداءً بالرسول الكريم فعليه أن يؤجل زيجته إن أمكن له ذلك وتسنت له الظروف المواتية للتأجيل حتى لا يخل بأحكام الصيام بسبب الزواج.
الجدير بالذكر أنه من المستحب ألا يصوم الناس في شعبان كله بل في أغلبه حتى لا يقترن بفريضة الصوم في رمضان، وهو تدريب للمسلم على الصيام ولا شك في ذلك، فمن فضل شهر شعبان هو الحث على الإكثار من الصيام فيه وكذلك التقرب إلى الله بالعبادات قدر الإرادة والتمكن.
أما عن قول خير الخلق فنستند إليه هنا تأكيدًا على فضل الشهر الكريم، فيقول صلى الله عليه وسلم: “يا رسولَ اللَّهِ، لم أرك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟! قالَ: ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ” (صحيح).
تعرفي أيضًا على: هل يجوز صيام الزوجة عن زوجها
العلاقة الزوجية أثناء الصيام
شقٌ هام في حديثنا في إطار الجواب عن سؤال هل يجوز الزواج في شهر شعبان؟ فعلمنا أن المسلم والمسلمة إن عزما على الزواج في الشهر الفضيل فلا حرج عليهما، ومما ذكرناه من فضائل شهر شعبان واستحباب القيام بأجلّ العبادات فيه من صيام وصلاة وتقرب إلى الله تعالى.
فإننا نشير إلى ما يُفضل أن تكون عليه علاقتهما الزوجية في الشهر الكريم خاصةً في وقت الصيام، رغبةً وحرص منهما على تطبيق الأمر ذاته في شهر رمضان الذي فرض فيه الصيام، بادئ ذي بدء نذكر الحديث القدسي:
“كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا، إلى سَبْع مِائَة ضِعْفٍ، قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إلَّا الصَّوْمَ؛ فإنَّه لي، وَأَنَا أَجْزِي به، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِن أَجْلِي. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَخُلُوفُ فيه أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِن رِيحِ المِسْكِ” (صحيح مسلم).
فعما يتعلق بسؤال هل يجوز الزواج في شهر شعبان؟ فنرى أن الشروط العامة التي يجب أن يأمنها المسلم والمسلمة، هو عدم الانتقال إلى ما يفسد الصيام، وألا تكون الشهوة مُحجمة عن عبادة الله، فلا ينسى العبادات إثر انشغاله بشهوته.
خاصةً أن الانغماس في ملذات النفس هو أمر يزيد من وساوس الشيطان، ولا يجب أن يحب المرء ذلك الانغماس قبيل الشهر الكريم خاصةً في شهر شعبان وهو شعر اليُمن والبركات الذي يجب اقتناص الفرصة فيه للتقرب إلى الله.
تعرفي أيضًا على: هل يجوز للزوج منع زوجته من الصيام
إن شهر شعبان من الشهور الفاضلة التي تقع بين شهري رجب ورمضان، فيهب الله -سبحانه وتعالى- عباده فيه المنح الربانية التي على المسلمين اقتناصها تقربًا من الله تعالى وتيمنًا بالفضائل.
تابعنا على جوجل نيوز