تحليل فيلم الجوكر
تحليل فيلم الجوكر حير الكثير من المشاهدين والنقاد أيضًا؛ نظرًا لأن الفيلم ينتمي إلى نوعية الإثارة النفسية التي تتبنى فكرة التحليل النفسي للشخصية الرئيسية والتأمل في أبعادها الثلاثة النفسية والاجتماعية والجسدية، بهدف تقديم طرح فلسفي مُختلف عن باقي الأفلام التي تناولت تلك الشخصية.
تحليل فيلم الجوكر
المؤسس الفعلي لفيلم الجوكر هو المخرج والمنتج والذي شارك في كتابة السيناريو والحوار العبقري تود فيليبس، حيث أراد فيليبس ألا ينتج فيلم كوميكس تقليدي مثل باقي سلسلة عالم دي سي، وإنما كان يتطلع إلى إخراج تحفة فنية مُتكاملة يتم تسجيلها في التاريخ بين الأفلام المُجددة والمؤثرة، ليخرج لنا بتحفته الخالدة joker.
- يتمحور الفيلم في المقام الأول حول فكرة المهمشين في المجتمع متمثلين في شخصية آرثر فليك، والتي قام بأدائها الممثل الاستثنائي والناشط السياسي خواكين فينيكس.
- حيث يتحدث الفيلم عن الأشخاص الذي لا يشعر بآلامهم ومشاكلهم المجتمع ولا النظام فيعيشون في معزل عن المجتمع؛ تجنبًا لما يلاقونه من تنمر وسخرية واستهزاء بأحلامهم المؤجلة.
- تظهر فلسفة فيليبس في تحول المهمشين إلى مخربين من خلال هذا الفيلم بشكل واضح وعلى أكثر من محور؛ لإيصال رسالة واضحة عن أسباب التخريب والفوضى.
- تظهر معالم الفوضى في المجتمع منذ اللحظات الأولى في الفيلم، حيث استخدم فيليبس مشكلة القمامة ليعبر عنها، وبينما يذيعها التلفاز يقف آرثر فليك ليقوم بعمل مكياج شخصية الجوكر.
اقرأ أيضًا: قصة فيلم الجوكر الحقيقية
1- تقديم شخصية آرثر فليك
- منظور الفيلم هو منظور آرثر شخصيًا، حيث يرى المشاهد أحداث الفيلم من خلال عينيه وحالته النفسية المضطربة والغضب المتراكم بداخله، منذ تخلي والده الغني عنه وإنكار نسبه.
- على الرغم من ذلك نجد أن آرثر هو شخص وديع لا يضمر الشر لأحد، فكل ما يطمح إليه هو أن يعيش في سلام؛ حتى يبدأ المجتمع في إثارة الغضب الكامن بداخله، حتى يثور مثل البركان.
- تبدأ الشخصية بوظيفة المهرج الذي يعمل على إسعاد الناس، حتى يأتي بعض الأطفال المشاغبين؛ ليأخذوا اللافتة التي يستخدمها في التسويق ويركضون مبتعدين، ليبدأ آرثر في مطاردتهم.
- حتى يقومون بضربه دون سبب لينتهي به الحال مُلقى في الطريق في مشهد رمزي، قصد به فيليبس أن يرسخ فكرة التهميش عندما ترى الشخصية وكأنها مُلقاة في القمامة.
- ما كان من مديره في العمل عندما علم بالحادثة، إلا أن عنفه وخصم قيمة اللافتة من أجره الزهيد؛ تأكيدًا من الفيلم على فكرة القهر التي يتعرض لها المهمشين.
- يرسخ الكاتب والمهرج فيليبس قواعد المجتمع الذي نعيشه اليوم من حيث العشوائية والفوضى وعدم التضامن مع الضعفاء والمهمشين من خلال هذا المشهد الذي يعد افتتاحيًا.
- استخدم المخرج اللقطات الواسعة في الممر الضيق، الذي تم الاعتداء فيه على آرثر ليقطع بعدها المشهد بإطار متوسط؛ ليبتعد بعدها ببطئ بالكاميرا إلى أعلى لإظهاره في الممر الضيق كنوع من الحافز البصري للتعبير عن أنه نكرة.
- يظهر بعد ذلك آرثر جالسًا مع أخصائية علاج نفسي، بينما يضح بشكل هيستيري لنكتشف حينها أنه يعاني من متلازمة تجعله يضحك دون سبب.
- المفارقة أن آرثر ينفجر بالضحك عندما يتعرض للظلم والقهر، لذلك لا تفارقه الضحكات الحزينة طوال أحداث الفيلم.
- أظهر فيليبس هذا المعنى العميق باستخدام الموسيقى الحزينة التي تصاحب الضحكات الهيستيرية؛ لتحولها إلى صراخ من الألم بشكل متناغم أعطى الفيلم قيمة إضافية.
- من أكثر اللحظات المؤثرة في تقديم شخصية آرثر فليك أنه يتمنى أن يكون موته مفهومًا أكثر من حياته العبثية التي لا معنى لها.
2- عزلة آرثر وحياته البائسة
- لنتمكن من تحليل فيلم الجوكر يجب أن نركز جيدًا على استخدام فيليبس لزوايا وأبعاد الكاميرا في تصوير الشخصية والمدينة ككل.
- ليظهر المخرج وحدة وعزلة آرثر جعل الكاميرا تتبعه بين المباني العالية؛ لتظهر ضئالته بينما هو عائد إلى المنزل بعد يوم مرهق تعرض فيه للكثير من الضغط والقهر.
- استخدم فيليبس الموسيقى للتعبير عن عدم اتساق آرثر مع المجتمع، كما دلت الجمل الحوارية بشكل كبير على ذلك.
- كلما احتك آرثر بالمجتمع تكون النتائج سلبية فلم يستطع أن يتأقلم مع أي من الشخصيات المحيطة به، إلا نادرًا وأغلب المواقف لم تضف له إلا القهر واليأس.
- من أكثر المشاهد حزنًا عندما قام آرثر بضرب القمامة بأقدامه في الممر الضيق الذي تعرض فيه للضرب؛ ليعطينا الفيلم إيحاء بعجز الشخصية عن التفريغ عن الغضب الكامن بداخالها.
- يقوم صديق آرثر في العمل بإعطائه سلاح ناري للدفاع عن نفسه، لكن سرعان ما نكتشف أنها خدعه من زميله؛ ليبلغ المدير ويتم طرد آرثر من العمل.
- ما كان من آرثر إلا أن بدأ بضرب رأسه في كابينة هاتف، والمقصود من هذا المشهد أن التخريب يأتي من عدم القدرة على التفريغ عن الغضب، وأن القهر هو المسبب الرئيسي لأعمال التخريب.
3- ظهور شخصية الجوكر
لكي نتمكن من تحليل فيلم jokerعلينا أن نتعرف على نقطة التحول التي أظهرت الشر الناتج عن الغضب الكامن بداخل الشخصية، وحولته إلى الشرير المعروف باسم الجوكر.
- كان مشهد القطار نقطة تحول كبيرة فى الفيلم الذى جاءته نوبة الضحك الهستيري، بينما يشاهد بعض الشباب المستهتر يتحرشون بفتاة، فما كان منه إلا الضحك الذي يدل على حزنه كما تعرفنا على شخصيته.
- مما جعل هؤلاء الشباب إلا أن سخروا منه وقاموا بالاعتداء عليه بالضرب، يتحول آرثر في تلك اللحظة من شخص مسالم إلى وحش ضاري لا يعبء بحياة الآخرين، حيث يقوم بقتل الشباب الذين قاموا بالاعتداء عليه، ويجد اللذة لأول مرة في الانتقام منهم.
- كانت لحظة انفجار البركان الكامن داخل نفس آرثر نقطة تحول للشخصية بشكل كامل، حيث إنه قد ذاق طعم القوة والسيطرة للمرة الأولى، وتعهد أمام نفسه ألا يعود للقهر والذل مرة ثانية.
- يشعر آرثر لأول مرة في حياته أنه موجود وبالمقارنة بالمشاهد الأولى التي تعرض آرثر فيها للظلم والقهر، نجد أن فيلبس وضح هذا التناقض بين الحالتين بشكل ممتاز؛ ليوضح لنا ما آلت إليه الشخصية.
- يستكمل فيلبس الأحداث وكأن شخصية آرثر هي التي قتلت في هذا المشهد؛ لتخرج لنا شخصية الجوكر بجنونها وشرها المطلق الناتج عن التهميش والقهر؛ للبدء في قتل جميع من أساء إليه وجعله مهمشًا.
- ظهر ذلك بشكل واضح عندما كان الجوكر جالسًا مع الأخصائية النفسية بعد حادثة القتل؛ ليخبرها أنه عاش حياته كلها لا علم إن كان موجودًا أم لا! ولكنه أصبح يعمل جاهدًا ليكون مؤثرًا دون أن يذكر جريمته.
دور الإعلام في التهميش
من أهم خطوات تحليل فيلم الجوكر فيلم الجوكر ملاحظة دور الإعلام في الفيلم لتهميش الطبقة التي كان ينتمي لها آرثر، وجاء الفيلم بواحد من أهم ممثلي السينما الأمريكية بل والعالمية ليمثل هذا الإعلام وهو روبرت دينيرو.
- تناول الفيلم الشكل الحقيقي للإعلام، حيث يظهر لك صورة المجتمع الرائعة ويتجاهل الطبقة الفقيرة، التي تعيش بين القمامة من خلال بعض البرامج الترفيهية التافهة والمضللة.
- هذا ما قاله الجوكر عندما استضافه موراي الإعلامي الشهير في البرنامج، حيث صارحه بأنه لا يعلم شيئًا عما يحدث خارج هذا الاستوديو الفخم، وأنه يتعمد تجاهل الحقيقة بالترفيه وتقديم المحتوى التافه.
- قبل أن يقوم آرثر بإطلاق النار عليه مع ضحكات السخرية من الوضع الحالي، وليست ضحكات الحزن التي اعتاد عليها طوال حياته.
نهاية فيلم joker
- أشار فيلبس في مشهد قتل موراي إلى فكرة التطهير حيث قصد أن تطهير المجتمع يبدأ من تطهير الإعلام.
- فكأن قتل هذا الإعلامي المضلل بمثابة دعوة للثورة من جميع المهمشين، بهدف النزول والتعبير عن رفض الظلم والقهر.
- تم القبض على الجوكر وهو مرتديًا القناع، كما تم تحريره من قِبل الحشود الغاضبة وهو يرتديه أيضًا، وكأن الفيلم يريد إخبارنا أن هذه الشخصية ما هي إلا رمز لجميع المقهورين.
- نزلت الحشود إلى الشوارع للتعبير عن الغضب وهي مرتدية أقنعة تشبه قناع الجوكر، وكأن المخرج يريد أن يخبرنا أن هناك المزيد من تلك الشخصية الغاضبة، والتي تمثل قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت.
تحليل فيلم الجوكر من أكثر التحليلات الفنية إمتاعًا؛ نظرًا للحالة الفنية الفريدة التي يقدمها للمشاهدين، كما يحتوي على مظاهر الإبداع مثل القصة والإخراج والأداء الاستثنائي من خواكين فينيكس الحاصل على الأوسكار.
تابعنا على جوجل نيوز