من علامات حب الله لك اصرارك على التوبة
من علامات حب الله لك اصرارك على التوبة، فعندما يجد المرء في نفسه واعظًا كلما أذنب كان دليلًا على محبة الله له، إذ إن محبة الله منزلة عظيمة لا يشقى من نالها، ولا ينالها إلا من سعى إليها، فما علامات حب الله للعبد، وكيف ينال تلك المحبة؟
من علامات حب الله لك اصرارك على التوبة
بين لنا كتاب الله عز وجل أن الله عز وجل يحب عباده، ويرضى عنه، فقال تعالى: “سَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ…”(المائدة/53)
توجد العديد من علامات حب الله للعبد منها إصراره على التوبة، فكلما يذنب يوفقه الله للمسارعة في التوبة والإنابة، من أجل أن يغفر الله له ذنبه، حيث قال تعالى: “قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” (آل عمران/31)
كما أنه يوفقه للاستزادة من كل وجه من وجوه الخير، ويحفظ له جوارحه، فقال تعالى في سورة محمد: “وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ” (17)
- من علامات حب الله لك أن يبتليك في الدين أو الدنيا: وذلك من أجل اختبار صبرك وإيمانك، فيقع البلاء على العبد في ماله أو ولده أو رزقه ونحوها، فمن رضي وصبر وشكر فقد فاز، ومن جزع ولم يرض خسر عظيم الثواب.
- تعجيل العقوبة في الدنيا: فلا يدل العطاء دومًا على الرضي، فإذا أعطى الله للعبد من الخير ما يريد وهو مستمر على المعصية فهذا استدراج من الله له، لو أحب الله عبدًا وأراد به خيرًا عاقبه في الدنيا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ“.
- من علامات حب الله لك حسن الخلق: فقد روى أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “كنا جلوسًا عند النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كأنما على رؤوسنا الطيرُ ما يتكلم منا مُتكلِّمٌ إذ جاءه أناسٌ فقالوا من أَحَبُّ عبادِ اللهِ إلى اللهِ تعالى قال أَحسنُهم خُلُقًا.”
- حسن الخاتمة: فعندما يحب الله عبده يوفقه للعمل الصالح ويبعثه عليه، فيرزق حسن الخاتمة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المروي عن عمرو بن الحمق: “إذا أحَبَّ اللهُ عَبدًا عَسَلَه، قالَ: يا رَسولَ اللهِ، وما عَسَلَه؟ قالَ: يُوَفِّقُ له عَمَلًا صالِحًا بيْنَ يَدَي أجَلِه حتَّى يَرضى عنه جيرانُه -أو قالَ: مَن حَولَه”
- محبة أهل السماء والأرض: فمن علامات حب الله لك أن يجعل لك القبول في الأرض؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللَّهَ إذا أحَبَّ عَبْدًا دَعا جِبْرِيلَ فقالَ: إنِّي أُحِبُّ فُلانًا فأحِبَّهُ، قالَ: فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنادِي في السَّماءِ فيَقولُ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّماءِ، قالَ ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ.”
- إعانة الناس وخدمتهم: فيجد في قلبه رقة ولين تعينه على مساعدة الناس وتفريج كربهم، وإدخال السرور على قلوبهم، ويجد أنه يحب لهم ما يحبه لنفسه، خلى قلبه من البغضاء والحقد، وامتلئ بالإيمان والخير.
- من علامات حب الله لك حمايتك من الفتن والشهوات: فيصبح قلب العبد مقبلًا على الله، زاهدًا في الدنيا، امتلأ قلبه بالآخرة وعمل لأجلها، فقد روى قتادة بن النعمان عن رسول الله أنه قال: “إذا أحبَّ اللَّهُ عَبدًا حماهُ الدُّنيا كَما يظلُّ أحدُكُم يَحمي سَقيمَهُ الماءَ“
- التوفيق إلى الطاعات والإكثار من العبادات.
- استجابة الله عز وجل لدعاء عبده.
اقرأ أيضًا: فضل قراءة سورة الواقعة 7 مرات لجلب الرزق
كيف ينال العبد محبة الله؟
إثر الحديث عن علامات حب الله بيّنا أنه من علامات حب الله لك اصرارك على التوبة، واستكمالًا لذلك نبين كيف السبيل إلى تلك المحبة.
1- قراءة القرآن
فتحصل محبة الله للعبد من خلال تلاوته لكتابه، وتدبر معانيه وأحكامه، ثم العمل بها، فعندما لزم أحد الصحابة صورة الإخلاص وأخبر النبي أنه يحبها قال له عليه الصلاة والسلام: “أخبِروه أنَّ اللهَ يُحِبُّه“
قال الإمام ابن الجوزي -رحمه الله-: “ينبغي لتالي القرآن العظيم أن ينظر كيف لطف الله – تعالى – بخلقه في إيصال معاني كلامه إلى أفهامهم وأن يعلم أن ما يقرأه ليس من كلام البشر، وأن يستحضر عظمة المتكلم – سبحانه -، ويتدبر كلامه“.
2- المداومة على الذكر
بأن يذكره بلسانه وسائر جوارحه وقلبه، كما أنه يذكره في الضيق والفرج، في الصحة والمرض، وعلى أي حال، فمتى حقق العبد ذلك حصل على معية الله ومحبته سبحانه وتعالى.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ اللهَ تعالى يقولُ: أنا مع عبدي ما ذكَرني، وتحركَتْ بي شفَتاه“.
3- التقرب إليه بالنوافل
فيكثر العبد من النوافل من أجل نيل محبة الله عز وجل، والتي لها بالغ الأثر في سعادة العبد في الدنيا والآخرة.
يقول الله -عز وجل- في الحديث القدسي: “ما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ؟”
4- العلم عن الله بأسمائه وصفاته
فمن علم عن الله عز وجل، واستشعر أسمائه وصفاته بقلبه.. أحبه ورغب في القرب منه، وعمل على طاعته فنال بذلك محبة الله له.
5- إيثار محبة الله على هوى النفس
فيجاهد العبد نفسه، ويهزم هواه، فعندما يجد في نفسه إقبالًا على المعصية وحبًا لها، خالف هواه وجاهد شيطانه.
يقول ابن تيمية: “يحتاج المسلم إلى أن يخاف الله وينهى النفس عن الهوى، ونفس الهوى والشهوة لا يعاقب عليه، بل على اتباعه والعمل به، فإذا كانت النفس تهوى وهو ينهاها، كان نهيه عبادة لله، وعملًا صالحًا”.
6- انكسار القلب لله عز وجل
بأن يكون قلبه خاشعًا لله خائفًا من معصيته ومن غصبه تعالى، فيجتمع في قلبه تعظيم الله ومحبته والخوف منه ورجائه.
قال ابن القيم: “الحق أن الخشوع معنى يلتئم من التعظيم والمحبة والذل والانكسار”.
7- البعد عن كل ما يحول بينه وبين ربه
فيحافظ على قلبه من الفساد، فإذا فسد القلب لم يجد المرء سعادة أو نفعًا، أما السبيل لمحبة الله عز وجل بسد كل باب للفتنه، والبعد عن كل ما يُبعده عن ربه.
قال تعالى في سورة الشعراء: “يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)“
8- مجالسة الصالحين
فأكثر ما يعين العبد على الطاعة هي الصحبة الصالحة، فينتقي منهم أطيب الثمار، ويستعين بهم على طاعة الله، اجتمعوا فيه وإليه.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “قال اللهُ: وجَبتْ مَحَبَّتِي للمُتحابِّينَ فيَّ، والمُتجالِسينَ فيَّ، والمُتزاوِرينَ فيَّ، والمُتباذِلينَ فيَّ.“
إن حب الله للعبد منزلة عظيمة، وفضل كبير، يفرح به العبد المؤمن، ويتمناها كل مسلم، ولكي تنال محبة الله عز وجل، يجب الامتثال لأوامره واجتناب نواهيه، وكثرة العبادات لكي ترضيه.
تابعنا على جوجل نيوز