أقوال السلف في تعدد الزوجات
أقوال السلف في تعدد الزوجات تساهم في إيضاح فكرة تعدد الزوجات لجميع النساء المُسلمات، إن الله عز وجل عندما خلق هذا الكون وضع له العديد من الضوابط والتي أرسلها لنا مع الرُسل لكي تكون بمثابة عظة، وجاء القرآن الكريم بالعديد من الضوابط الشرعية من أهمها أمر تعدد الزوجات، وسوف نتعرف على أقوال السلف حول هذا الأمر بشيء من التفصيل، من خلال موقع إيزيس.
أقوال السلف في تعدد الزوجات
على الرغم من أن تعدد الزوجات لا يعتبر من الأمور المُحرمة، وهو من الأمور التي شرعها الله عز وجل، إلا ان عدد كبير من الأشخاص قد يختلفون في هذا الأمر، وقال أئمة وشيوخ السلف العديد من الأقاويل في ذلك الأمر، ولكن تنصب جميع الآراء في أنه من الأشياء غير المُحبذة لكونها تستلزم شرط العدل، وتأتي أقوال السلف في تعدد الزوجات، على النحو التالي:
- قال العابد ابن ميسار “لا تستقيم عبادة الرجل إذا كانت له خليلة واحدة” (أي زوجة واحدة).
- كذلك قال القاضي أبو مسعود “من كانت له زوجة واحدة لا يصلح للقضاء ولا الفصل بين الناس”.
- مأمون بن هارون الرشيد قال “إن بالبصرة أقوام الرجل ما له إلا زوجة واحدة قال: ما هم برجال أما الرجال فهن زوجاتهم، يخالفون الفطرة والسنة”.
- ابن يونس المزني “لم اليهود والنصارى تركوا التعدد” (أي لهم زوجة واحدة)، وكانت تلك من أشهر أقوال السلف في تعدد الزوجات.
- قال ابن حيان التوحيدي “أدركت قوما لا يجلسون بينهم من كانت له زوجة واحدة يحسبون هم من صغار الناس”.
- ابن خلدون قال “تبصرت في الأمم الهالكة فوجدتهم اعتادوا أن تكون لهم زوجة واحدة”.
- كذلك قال الإمام الحصري “عندما ذكر الله الزواج ذكر مثنى وثلاث ورباع ولم يبدأ بواحدة ثم مثنى وثلاث ورباع وترك الواحدة في الأخير لأنها من منقوصات كمال الرجال وهو الخوف”.
- قيل لأبي معروف الكرخي “ما الحكم في قوم زعموا الزهد فلا يتزوجون إلا واحدة قال: لا شيء أولئك مجانين فمهما بلغوا من الزهد لم يبلغوا معشار أبي بكر وعمر وعثمان وعلي.
- لما ذهب تقي الدين المزني فقيها الي سمرقند قالوا له إن هؤلاء قوم الرجل فيهم له زوجة واحدة قال أولئك مسلمين (شك في دينهم) فوعظهم واسترشادهم فما مر هلال وإلا وعقد لثلاث الآلاف منهم حتى صارت ما بكر او ثيب إلا تزوجت.
- قال ابن عطاء الله عن أقوام لهم زوجة واحدة من لم يصير على سنة الأكابر (يقصد الرسول وصحبه) عددناه من الأصاغر.
- سُئل ابن فياض عن رجال لهم زوجة واحدة فقال “أولئك أموات يأكلون ويشربون ويتنفسون”.
- عندما ولي ابن إسحاق النيسابوري الكرك منع العطايا عمن كانت له زوجة واحدة قالوا له ولما فعلت كذا قال: تلك أموال الله لا نعطيها للسفهاء.
تعرفي أيضًا على: متى يكون تعدد الزوجات حرام
الأئمة السلف الذين ابتعدوا عن التعدد
بعد أن تمكنا من التعرف على كافة أقوال السلف في تعدد الزوجات، يجدر بن ذكر أن هناك عدد كبير من الأئمة والشيوخ السلف الذين ابتعدوا تمامًا عن أمر تعدد الزوجات، بل وقاموا بتنفيذ ذلك في حياتهم بالفعل ومن أبرزهم ما يلي:
- الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه رفض تعدد الزوجات رفضًا تامًا واكتفى بزوجته إلى أن توفاه الله تعالى.
- الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود لم يقُم بالزواج إلا من امرأة واحدة فقط طوال حياته وهي زينب الثقفية.
- مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم “بلال” تزوج من أخت عبد الرحمن بن عوف وهي زوجته الأولى والأخيرة واكتفى بها حتى وفاته.
- رفض الإمام علي بن أبي طالب الزواج على زوجته ورفض أمر التعدد تمامًا، ولم يتزوج إلا بعد وفاة زوجته.
- الإمام أبي هريرة أيضًا كان من ضمن الأئمة السلف الذين امتنعوا تمامًا عن أمر التعدد، ويرجع ذلك إلى انشغاله الكبير بالعلم، ولكن من بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج مرة واحدة فقط.
- كذلك الإمام أبي حنيفة كان من الأئمة السلف الذين امتنعوا عن تعدد الزوجات، وحينما لجأ إليه الخليفة العباسي لكي يأخذ رأيه في الزواج مرة أخرى على امراته، أخبره أن التعدد لا يكون إلا لأهل العدل فقط، وهو ما يشير إلى رفضه لهذا الأمر.
تعرفي أيضًا على: لماذا شرع الله التعدد للرجال دون النساء
مشروعية التعدد في الإسلام
المقصود بالتعدد هو إباحة الزواج للرجل على امرأته، ولكن ذلك بشرط ألا يزيد عدد الزوجات عن أربعة، وعلى الرغم من أن تعدد الزوجات من الأمور المُباحة والشرعية إلا أنه ليس شيء بسهل، ولكنه مشروع، ويمكن الاستدلال على مشروعية تعدد الزوجات بما ورد في الإسلام.
قال الله تعالى:
(فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) سورة النساء الآية: 3
تُبين الآية الكريمة أن الله عز وجل حلل الزواج للرجل بأكثر من الزوجة، ولكن وضع شرط العدل واحدًا من الشروط الأساسية الواجب توافرها.
إن أمر تعدد الزوجات في الإسلام لا يعتبر من الأمور الإلزامية، بل إنه أمر مُباح وله حكمة من الله عز وجل، حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج أكثر من امرأة وكان زواجه لحكمة من الله عز وجل، مثل الزواج من أرامل الشهداء لكي يعول أبنائهن، وغيرها من الأسباب الأخرى.
تعرفي أيضًا على: هل يجوز للزوجة الأولى طلب الطلاق بسبب التعدد
شروط تعدد الزوجات في الإسلام
وضع الدين الإسلامي قواعد لا يمكن لأحد اختراقها، ولا يعتبر أمر تعدد الزوجات من الأمور العادية الموضوعة من دون شروط، بل إنه من أكثر الأشياء التي يجب توخي الحذر منها ووضع كافة شروطها في الاعتبار وهي على النحو التالي:
1- العدل بين الزوجات
يعتبر العدل واحدًا من الشروط الأساسية التي يجب وضعها في الاعتبار، والرجل الذي يقوم بالزواج من امرأة ويتزوج عليها ويفقر بينهم في المعاملة فإن ذلك الأمر يدل على أنه يأثم إثم كبير، ويمكن الاستدلال على صحة ذلك الشرط من قول الله تعالى:
(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا).
أكد الله عز وجل على أن أمر العدل بين الزوجات لا يعتبر من الأمور البسيطة التي يستطيع كل رجل فعلها، وظهر ذلك بشكل واضح في قوله تعالى:
(وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) النساء الآية 129.
2- القدرة المالية
أقوال السلف في تعدد الزوجات من شأنها الإشارة إلى أن أغلب الائمة والشيوخ لم يفضلوا أمر تعدد الزوجات على الإطلاق، ومن ضمن الأسباب التي دفعتهم نحو هذا هو عدم وجود القدرة المالية الكافية للإنفاق على كلا المنزلين.
من الخطأ أن يقوم الرجال بالزواج من أجل الزواج، ولكن من الضروري الوضع في الاعتبار كافة الأمور المالية التي قد تؤدي إلى فشل تلك الزيجة أو نجاحها، ويمكن الاستدلال على ذلك من قول عبد الله بن مسعود ـ رضى الله عنه ـ عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
“يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ” [صحيح مسلم].
المقصود بالباءة هنا هو مصاريف الزواج والإنفاق، فإن لم تتوافر تلك الأمور من الأفضل صرف النظر عن هذا الأمر وغض النظر عن النساء والرجوع لله عز وجل وتنفيذ كل ما جاء من أحكام تشريعية في القرآن الكريم.
3- عدد الزوجات
على الرغم من أنه في تلك الآونة من المعروف أن الإسلام ينص على عدم زواج الرجل بأكثر من 4 زوجات، إلا أنه في العهود القديمة وقبل مجيء الإسلام كان الناس يتبعون العديد من الديانات الأخرى ولهم العديد من العادات والتقاليد الخاطئة، وجاء الإسلام لكي ينفي كل تلك الأمور ويرشد الناس للصواب.
كما أن هناك عدد من الصحابة قاموا بسؤال الرسول صلى الله عليه وسلم حول أمر إبقاءه العديد من الزوجات على ذمته، فأمر بإبقاء أربعة زوجات فقط وتسريح الباقي تنفيذًا لِما جاء في الشرع.
4- اختيار الزوجات
من ضمن الشروط الهامة والواجب وضعها في الاعتبار في أمر تعدد الزوجات هو عدم الزواج من أخت الزوجة، فعلى الرغم من أن الإسلام يحتوي على ضوابط واضحة إلا أن غياب القيم والمبادئ ودور الدين أدى إلى تغافل الناس عن أمور دينهم.
أجمع علماء الإسلام على أنه لا يجوز الجمع بين الأختين، ويمكن الاستدلال على ذلك من قول الله تعالى: {وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}، بالإضافة إلى ما روي عن أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان أنها قالت:
“قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، انْكِحْ أُخْتي بنْتَ أبِي سُفْيَانَ، قالَ: وتُحِبِّينَ ذَلِكِ؟ قُلتُ: نَعَمْ، لَسْتُ لكَ بمُخْلِيَةٍ، وأَحَبُّ مَن شَارَكَنِي في الخَيْرِ أُخْتِي، فَقالَ: إنَّ ذَلِكِ لا يَحِلُّ لي”.
الحكمة من عدم الجمع بين الأختين تكمُن في أن ذلك سوف تكون نتيجته قطع الأرحام، وتحول الأختين إلى ضرائر، واختلاط الأنساب بالإضافة إلى البغض والكراهية والعداوة التي تنشأ بين الأختين، فما بُني على حرام فهو حرام.
تعرفي أيضًا على: أيهم أشد غيرة الزوجة الأولى أم الثانية
الحكمة من تعدد الزوجات
إن الله عز وجل شرع تعدد الزوجات في الإسلام للعديد من الأسباب، فلم تكُن الغاية من ذلك الأمر هو اشتهاء النساء كما يزعم البعض، ولكنه كان لحكمة قدرها عز وجل، وفي صدد التعرف على أقوال السلف في تعدد الزوجات، يجدر بنا ذكر الحكمة المراد الحصول عليها من أمر تعدد الزوجات، وهي على النحو التالي:
- تشير الاحصائيات إلى أن عدد النساء يتزايد كل يوم بشكل مضاعف عن عدد الرجال، وبالتالي فإن هناك عدد كبير من النساء سوف يُحرمن من الزواج ولكن تعدد الزوجات حل تلك المشكلة.
- يعمل ذلك الأمر على تعفيف الرجل والمرأة من الوقوع في المعصية.
- كانت الحكمة قديمًا تهدف إلى زيادة عدد المسلمين، وذلك من خلال كثرة الإنجاب.
- الحفاظ على كافة حقوق المرأة التي تعاني من أي مرض أو عُقم وعدن الحاجة لتطليقها.
- شهوة الرجال أكبر من شهوة النساء، وبالتالي سوف يكون ذلك الأمر جيدًا من الناحية الصحية بالنسبة للرجل.
- من أبرز الحكم التي جاء بها التعدد أنه يعمل على تقليل الحروب والشدائد التي تحدث في العالم منذ بدء الخليقة.
- تقليل عدد حالات الطلاق التي كان يضطر لها الرجل من أجل الزواج من أخرى.
- رعاية الزوجة أثناء مرضها واحدة من الأشياء التي جاء لها تعدد الزوجات وذلك إن لم يكن الرجل يستطيع خدمة زوجته.
- النساء اللواتي لا يجدن مصدر دخل يعتبر الزواج الثاني لهن بمثابة وسيلة للإنفاق.
- طبيعة عمل الرجل واحدة من الأمور التي جاء لها تعدد الزوجات، حيث إن أغلب الرجال يسافرون كثيرًا ومن الممكن ألا يكون في استطاعتهم اصطحاب الزوجة في كل مكان، وبالتالي سوف يساهم ذلك في إعطائه الفرصة للزواج.
سلبيات تعدد الزوجات
على الرغم من أن تعدد الزوجات واحدًا من الأشياء التي شرعها الله عز وجل وأباحها للرجال، إلا أن هذا لا يمنع أنها تعود على المجتمع بالعديد من السلبيات، الأمر الذي دفع أغلب الرجال نحو الابتعاد عن أمر التعدد، وتأتي تلك السلبيات على النحو التالي:
- في تلك الآونة أصبح العالم يعاني من الزيادة السكانية الكبيرة، وبالتالي سوف يؤدي ذلك إلى زيادة الأمر سوءً.
- كثرة الخلافات والمشكلات الزوجية التي قد تنتهي بطلاق أحدهما في النهاية.
- صعوبة العدل بين الزوجتين سوف يؤدي إلى شعور إحدى الزوجات بالظلم، وبالتالي سوف يقع الزوج في إثم كبير لعدم قدرته على تنفيذ شرط التعدد وهو العدل.
- كثرة الخلافات وإنجاب أبناء لا يحبون بعض، وبالتالي سوف يؤثر ذلك على سعادة كلا الأسرتين.
- تقسيم التركة على زوجتين وعدد كبير من الأبناء سوف يؤدي إلى كثرة المُشاحنات ومعاناة الأسرتين من الفقر.
- دخل رب الأسرة سوف يقل كثيرًا نظرًا لإنفاقه على أسرتين.
تشير أقوال السلف في تعدد الزوجات إلى أن أغلب الشيوخ والأئمة لم يحبذوا أمر تعدد الزوجات حتى وإن كان حلال فإن يلزمه توافر شروط عديدة لا يجب التهاون بها، ومن أبرزها العدل.
تابعنا على جوجل نيوز