حقوق المرأة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. مهد الطريق لاتفاقيات ترفع شأن النساء
لطالما كانت المرأة مُهدر حقها في المُجتمع، تُعاني مع من حولِها من الحقوق المسلوبة حتى صُدِرَت كثير من الإتفاقيات تعني بالحفاظ على حق المرأة، ومنحها ما سُلِبَ منها، وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سلط الضوء على الأمر.. دعونا نتطرق بشكل تفصيلي في إيزيس.
دور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الاهتمام بحقوق المرأة
لطالما كانت المرأة ذات حق مهدر، منذ القدم وهي تكافح لنيل حقوقها الأساسية التي لا تنأى عن كونها حقوقًا إنسانية، من حق كل فرد، لا تعلم لماذا اقتصرت على الرجال دونها.. فما كان لها إلا أن تخرج إلى النور لتثبت دورها في المجتمع ككيان قائم، له حرية يتوق إليها، وله حقوق يسعى لاكتسابها، هي من وصلت وتمكنت إلى أن تكون في مصاف الرجال، لا ينقصها شيء.
تلك الرغبة الكامنة داخل كل امرأة جاءت اتفاقيات ومواثيق عالمية لتخرجها أمام العيان، موضحة أنه لا إهدار بعد لمن أُجحفت كثيرًا، ومن أهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948، فقد جاءت مادته الثانية تؤكد على حق كل إنسان في التمتع بحقوقه وحرياته دون أدنى تمييز بسبب جنس أو عرق، من هنا كانت تلك المادة طفرة في إعطاء المرأة حقها المهدر، فقد اعترف الإعلان بوضوح أن لها حقوق متساوية مع الرجل، ولا مجال للتمييز بينهما.
تعرفي أيضًا على: تأسست جمعية الحماية والدفاع عن حقوق المرأة في السعودية.. لتعاضد منظمات كثيرة
نساء شكلن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
هو ذلك الإعلان الذي عني بالمساواة بين الرجل والمرأة وإعطاء كلا منهما الحرية والحقوق الكاملة، والفضل في مبدأ المساواة الذي نادى به يعزو إلى نساء جعلنه عالميًا شاملًا لحقوقهم تمامًا كالرجال، ومنهن:
- هانسا مهتا: الهندية التي نجحت في تغيير النص القائل «يولد كل الرجال أحرارًا» إلى يولد كل الناس.
- إليانور روزفلت: كانت رئيسة لجنة الصياغة لكتابة الإعلان العالمي، وقد حافظت على وحدة اللجنة رغم اختلاف الآراء.
- بوديل بجترب: دعت إلى أن يشير الإعلان في صياغته إلى الكل لا كل الرجال.
- بيجوم شيستا: مندوبة باكستانية دافعت عن المادة 16 عن حقوق المرأة في الزواج.
- إيفدوكيا إرالوفا: من بيلاروسيا وقد نادت بحق المرأة في الحصول على أجر مساوٍ للرجل في العمل.
- منيرفا بيرنادينو: دبلوماسية من الدومينيكان، لها دور لا يستهان به في تضمين المساواة في ديباجة الإعلان.
- ماري هيلين: نادت بالمساواة بين الجنسين في المادة الثانية من الإعلان، وهي فرنسية الأصل.
- لاكشمي مينون: دعت إلى تضمين مبدأ المساواة بين الجنسين في وثيقة الإعلان.
دون الدور الذي عنيت به كلًا منهن جاهدة في تنفيذه لما كتب للإعلان العالمي النور الذي شهده في المناداة بالحرية والمساواة دون تمييز على أساس الجنس.. ناهيك عن نساء أخريات كان لهن عظيم الفضل في صياغة ميثاق الأمم المتحدة 1945 الذي بدوره قدم أساس تحقيق المساواة بين الجنسين.
تعرفي أيضًا على: حقوق المرأة الاجتماعية.. ما بين النظرية والتطبيق
القضاء على التمييز ضد المرأة
كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مؤكدًا على الإيمان بحقوق المرأة الأساسية، وأنها تتساوى مع الرجل في التمتع بالحقوق، علاوة على أن التأكيد على التساوي في الكرامة الإنسانية والحريات، فلا تمييز بسبب الجنس، هذا ما دعمته القرارات والإعلانات الصادرة عن الأمم المتحدة التي تهدف إلى القضاء على التمييز بكافة أشكاله.
حيث إن التمييز يحول دون اشتراك المرأة في الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في بلدها، كما يمثل عقبة أمام طاقتها، وتحجيمًا لقدراتها، ومقدار إسهامها في مختلف المجالات الحياتية، حيث ألقي على عاتق تلك الاتفاقيات اتخاذ التدابير اللازمة في كفالة المرأة على قدم المساواة بينها وبين الرجل، وتمتعها بالحقوق كالحق في التصويت وتقلد المناصب العامة وما يتعلق باكتساب الجنسية.. والتمتع بالأهلية وإدارة الممتلكات وكذلك الحقوق التشريعية.
تعرفي أيضًا على: جمعيات حقوق المرأة في فرنسا.. السبيل للقضاء على أشكال العنف الموجه ضدها
حقوق النساء في الحركات النسوية
إذا كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عني بذكر حقوق المرأة وكان لذلك تأثيرًا قويًا، إلا أن الحركات النسوية أيضًا كان لها الإنجازات الأكبر في توضيح حقوق المرأة على المستوى العالمي، فرغم كل الإخفاقات التي تعاني منها جاءت الحركات النسوية منصفة لها ولو بالقليل.
فكانت مسيرة كفاح طويلة للاعتراف بحقوق المرأة كمواطن كامل الأهلية، لأنه رغم ما ذكر في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن حقوق المرأة إلا أن البنى الثقافية والاجتماعية التي تجحفها ما زالت سائدة لتمارس التمييز ضد معشر النساء.. وقد تطورت حقوق المرأة من نواحي كثيرة في هذا الصدد على النحو التالي:
أولًا: تطور المفاهيم
عوضًا عن مصطلح المساواة بين الجنسين وجدنا مفهوم إلغاء التمييز ضد المرأة، ومنه وصلنا إلى مناهضة العنف ضد النساء، وفي تلك المفاهيم ترابط واضح، حيث إن المساواة المنشودة في الحقوق يواجهها عائق التمييز ضد المرأة، الأمر الذي يتجذر إثر العنف الجندري وهو الممارس ضدها، والذي يعتد به من قبيل انتهاكات حقوق الإنسان الأكثر شيوعًا.
لمّا كان هذا التمييز متأصلًا ضد المرأة، فإنه لا يمكن تحقيق المساواة دون القضاء على التمييز، للارتقاء بالمرأة فتحصل على صفة المواطنة الفعلية.
تعرفي أيضًا على: حقوق المرأة الاجتماعية.. ما بين النظرية والتطبيق
ثانيًا: التطور على مستوى الاتفاقيات الدولية
حيث عنيت الكثير من المواثيق والاتفاقيات بالحديث عن حقوق المرأة وتضمين نصوص خاصة بها لتسليط الضوء على أحقيتها في المساواة، وكان منها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أما عن الاتفاقيات الأخرى فنذكر منها:
- ميثاق الأمم المتحدة 1945: سبق نصوص حقوق المرأة في الإعلام العالمي لحقوق الإنسان، وأكد على الكرامة الإنسانية وحقوق الرجال والنساء على السواء.
- اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة 1952: نادت بحق المرأة في الترشح والتصويت في الانتخابات، وحقها في تقلد المناصب العامة في تساوٍ بينها وبين الرجل دونما تمييز.
- اتفاقية تتعلق بأمور الزواج 1962: بتحديد الحد الأدنى لسن الزواج، فضلًا عن أحقية المرأة في الرضا عن زوجها، وما يتعلق بتسجيل عقود الزواج.
- العهدين الدوليين لحقوق الإنسان 1966: في الفصل الثالث في كل عهد كان هناك تأكيدًا على المساواة بين الرجل والمرأة في التمتع بالحقوق.
- إعلان القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة 1967: حتى تتمكن من التمتع بالمساواة الكاملة والتامة في الحقوق.. وكان الإعلان هو الخطوة الأولى في تشريع اتفاقية دولية للمرأة.
- اتفاقية دولية للقضاء على التمييز ضد المرأة “السيداو” 1979: جاءت كإطار دولي ضامن للمرأة بأن تتساوى بشكل كامل مع الرجل دون تفرقة في كافة الميادين السياسية والاجتماعية والثقافية، فأصبحت المساواة في القانون والنتائج.. كما أن تلك الاتفاقية تعتبر أهم صكوك حقوق الإنسان التي تهدف إلى تعزيز حقوق المرأة، لأنها تعترف للمرة الأولى بأن المرأة إنسانة كاملة.
- الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة 1993: تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة، نظرًا لأن العنف من أبشع ما يعزز التمييز ضد المرأة، كما أنه يعتبر انعكاسًا للانتهاكات القائمة على أساس الجنس.
- المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان 1993: انصب تركيزه على حماية الحقوق الإنسانية للمرأة ومنع العنف ضدها، فهي غير قابلة للتصرف فيها، وتعتبر جزء من الحقوق الإنسانية لا تنفصل عنها.
- المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة 1995: من أكثر البرامج المكتملة بشأن حقوق الإنسان مع تشخيص عالمي لوضع المرأة وتعزيز دورها وحقوقها في الكثير من المجالات.
من الجدير بالذكر أن الأمم المتحدة في لجنة وضع المرأة قد كرست أربعة مؤتمرات عالمية منوطة بإدماج المرأة وحقوقها في صميم حقوق الإنسان العامة، كانت في أعوام 1975 إلى 1985.
قرارات دولية لمنع العنف والتمييز ضد النساء
تلك القرارات هي الصادرة عن الأمم المتحدة من خلال أحد أجهزتها الأمنية، وكانت:
- قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 52/86: العدالة الجنائية للقضاء على العنف الممارس ضد المرأة.
- قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 59/165 عام 2004: للقضاء على الجرائم المرتكبة تخص شرف المرأة.
- قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325 الصادر عام 2000: دور المرأة في السلام، وحل النزاعات.
- قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1820 لعام 2008: منع العنف الجنسي ضد الفتيات وضرورة توفير الحماية اللازمة لهنّ.
- قرار الأمين العام للأمم المتحدة 2005: دراسة حول العنف ضد النساء وكافة أشكال التمييز الممارس ضدهنّ، وآليات الحماية المتبعة.
تعرفي أيضًا على: حقوق المرأة في الدستور الأمريكي
ثالثًا: تطور آليات حماية حقوق المرأة
حتى تتمكن المرأة من ممارسة حقوقها كان لزامًا على تلك الاتفاقيات السابق ذكرها أن تُكلل بإجراءات موضوعة واضحة لضمان ممارسة تلك الحقوق التي نادت بها، بإعداد آليات جديدة لضمان تحقيق المساواة، وجاءت على النحو التالي:
- نشر ثقافة حقوق المرأة وتعزيزها في النظام التعليمي لتحقيق المساواة الجندرية كفكرة راسخة.
- تمكين المرأة والحركات النسوية من مراقبة أداء دورها في حالة استيفاء واجباتها وفق ما ورد في نصوص مواد حقوق الإنسان التي تناولت حقوق المرأة.
- إذكاء الوعي بشأن تقديم التقارير الكافية للقضاء على التمييز الممارس ضد المرأة.
- اتخاذ الإجراءات اللازمة أمام الدول التي تعمل على انتهاك حقوق المرأة، لتفادي ارتكاب أي ضرر تجاه الفتيات ضحايا الانتهاك.
- منع الاتجار بالنساء والأطفال والقصّر والمراهقات، ومعاقبة الفاعل.. وكل ما يشمل ذلك من استعباد أو استغلال جنسي.. أو الإكراه على البغاء.
- آليات حماية للمرأة من أشكال التعذيب المختلفة ومنها الاغتصاب، وأي شكل من أشكال العنف الجنسي، أو العنف المنزلي.
- هذا علاوة على دور المنظمات النسوية في بناء قدرات المجتمع المدني لرصد الانتهاكات في حقوق الإنسان، مما يقود إلى التغيير للقضاء عليها.
مجرد إنسانية المرأة لم تكن ضمانًا كافيًا لكفالة الحقوق لها، فقد تطلب الأمر جهدًا وكفاحًا كبيرًا لتتمكن المرأة من القضاء على كافة أشكال التمييز الممارس ضدها.
تابعنا على جوجل نيوز