حديث المرأة المتعطرة
حديث المرأة المتعطرة يعد واحدًا من أهم الأحاديث التي ذكر فيها هيئة المرأة، كما في هذا الحديث إجابة سؤال هل العطور من زينة المرأة؟
لذلك في السطور القادمة عبر موقع إيزيس سنعرض لكم حديث المرأة المتعطرة، ونبين لكم صحة هذا الحديث والروايات الموجودة في أسانيد كتب الحديث عنه، والأوامر والنواهي التي أخذت من الحديث الشريف.
حديث المرأة المتعطرة
العطر هو ما يستعمله الإنسان من طيب ليجمل رائحته، وهو مما حُبب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فروى أنس بن مالك حديثًا عن رسول الله أخرجه الألباني صحيحًا في صحيح النسائي برقم 3949.
“حُبِّبَ إليَّ منَ الدُّنيا، النساءُ، والطِّيبُ، وجُعِلَ قرةُ عيني في الصلاةِ“
والمقصود بقوله صل الله عليه وسلم “حُبِّبَ إليَّ منَ الدُّنيا، النساءُ” هو حبه لنسائه أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن، والطيب أي العطور.
كما أن التطيب بالنسب للرجال من سنن يوم الجمعة ومن سنن الإحرام، فكان عليه الصلاة والسلام يستعمل العطر حتى تلمع لحيته وشعره من كثرته، ومع كل هذه الشواهد عن الدهن، فلماذا هو محرم لدى النساء؟
لم يمنع الإسلام شيئًا على المسلمين ويحرمه إلا إن كان الضرر الناتج عن إباحتها أكثر من تحريمها، وجاء حديث المرأة المتعطرة الذي رواه أبو موسى الأشعري وأخرجه الترمذي برقم 2786 حسنًا صحيحًا في سننه، وأخرجه أبو داود في سننه برقم 4173 صحيحًا.
“كل عينٍ زانِيةٍ، والمرأةُ إذا استعطرتْ فمرتْ بالمجلسِ، فهي كذا وكذا، يعني: زانيةٌ“
المقصود بلفظ استعطرت أي استخدمت العطر قبل خروجها من المنزل، والمجلس هو مجتمع الرجال، وهو أشبه بمجتمع الرجال والشباب على المقاهي في هذا الوقت.
أما المقصود بقولها زانية، هو أنها تحرض على الزنا، أي تثير شهوة الرجال بعطرها، لكن إن كان العطر لا رائحة نفاذة أو قوية له فلا حرج في أن تضع المرأة هذا العطر بغرض إزالة الروائح المنبعثة من الجسم.
فأرجع العلماء سبب وضع المرأة لعطر دون رائحة مهيجة إلى القول الفقهي الذي يفيد بأن العلة تدور مع معلولها، والعلة هنا هي الرائحة النافذة فإن اختفت فلا حرج في استعمالها.
تعرفي أيضًا على: من هي المرأة التي ضحك الله لفعلها
قول علماء السلف الصالح في تعطر المرأة
علماء السلف الصالح منهم من عاصر الأئمة الفقهاء الأربعة وسار على نهجهم وفسروا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ضمن هذه الأحاديث حديث المرأة المتعطرة.
الشيخ أبو جعفر الطحاوي صاحب “العقيدة الطحاوية” وكان حنفي المذهب ذكر أن سبب إطلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتعطرة خارج منزلها بالزانية لأنها تتسبب في لفت النظر إليها، والعين تزني بالنظر إلى ما حرم الله سبحانه وتعالى.
أما الإمام تاج العارفين المناوي صاحب “فيض القدير شرح الجامع الصغير” فقد قال في كتابه، إن المرأة إن خرجت إلى المسجد أو إلى غيره من الأماكن وكان بها أثر عطر أو أثر بخور فالأولى أن تغتسل مثل غسلها من الجنابة.
أما محمد بن حجر الهيتمي الشافعي المذهب فقد ذكر في كتابه “الزواجر”، إن الكبيرة رقم مائتين وتسعة وسبعين هي خروج المرأة من بيتها متزينة، أو متعطرة حتى وإن كان بإذن زوجها فهي تعد زانية، فيجب أن تغتسل حتى لا يظهر من هذا العطر شيئًا في جسدها.
شيخ المالكية ابن رشد الأندلسي المعروف بابن رشد الجد ذكر في كتابه “البيان والتحصيل”، أن الإمام مالك سُئل عن زينة المرأة والعطر، فأجاب بأن المرأة لا تبدي زينتها.
شبه الإمام مالك العطر الفواح بالخلخال، واستشهد بقول الله تعالى في الآية الحادية والثلاثين من سورة النور
(وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ۚ).
تعرفي أيضًا على: هل المرأة خلقت من ضلع أعوج
قول ابن باز وابن عثيمين وابن جبرين في تعطر المرأة
ذكر العلماء الأجلاء عليهم رحمة الله عبد العزيز بن باز ومحمد بن عثيمين شرح حديث المرأة المتعطرة، وفي هذه الفقرة سنعرض لكم قول كل عالمٍ من العلماء منفردًا.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز إن استعمال المرأة للطيب لا يجوز إلا إذا كان خروجها لمجلسٍ نسائي فقط لا غير، بشرط ألا تمر في طريقها على مجلسٍ للرجال.
فإن كان الطريق من بيتها إلى الرفيقات في السيارة فلا حرج وإلا فعليها بعدم استعمال أي عطرٍ فواح، وإن كانت مع زوجها، بينما ذكر الشيخ ابن عثيمين أن المرأة مشرع لها استعمال كل أنواع الزينة والعطور والبخور أمام محارمها.
لكن إن كانت رائحة البخور أو الدهن أو العطر الذي تستعمله المرأة في ثيابها، فعليها بعدم الخروج من البيت دون أن تذهب رائحة العطر، وإن لم تنقضي فعليها بالاغتسال، والشاهد الذي ذكره ابن عثيمين هو الحديث الذي رواه أبو هريرة وأخرجه مسلم في صحيحه برقم 444
“أَيُّما امْرَأَةٍ أصابَتْ بَخُورًا فلا تَشْهَدْ معنا العِشاءَ الآخِرَةَ“.
أما فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين فقد ذكر إن استعمال العطور الفواحة النفاذة محرمة، لأنها من أسباب الفتنة، فالعطر الفواح مثله مثل الملابس التي تلف الأنظار، الشاهد على أن العين تزني.
ما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو هريرة وأخرجه شعيب الأرناؤوط صحيحًا في تخريج المسند برقم 8356
“العينُ تَزني، والقلبُ يَزني؛ فزِنَا العينِ النظرُ..”.
كما جاء في قول الله تعالى في سورة النور الآية الحادية والثلاثين منعًا من إظهار المرأة لزينتها (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ).
استعمال المرأة للعطر من الأقوال الشرعية التي لا اختلاف على صحتها طالما كان نفاذًا، لذلك على المرأة أن تختار العطور التي لا تلفت أنظار الرجال إليها.
تابعنا على جوجل نيوز