دون محرم.. متى يُباح للمرأة السفر؟ حالات متعددة
إن ديننا الحيف وضع عِ>ة ضوابط شرعية من أجل الحفاظ على المرأة، وحمايتها من أي ضرر مُحتمل، وعليها الالتزام بها وألا تتخطاها حتى لا تكون آثمة، أمّا عن مُقتضيات سفرها إلى العمل، أو الدراسة، أو الحج وغيرها.. عنى موقع إيزيس أن يوضح الأحكام الفقهية فيها وذِكر الحالات التي يُباح لها الخروج بمفردها.
الحالات التي يُباح فيها للمرأة السفر دون محرم
نظرًا لاختلاف الطبيعة التي فطر الله عليها النساء والرجال، فإننا نجد أن الإسلام قد وضع قواعدًا وأحكامًا للمرأة عند عزمها على السفر، لم يضعها للرجل الذي جُبل على الذهاب والإياب دون الاحتياج للحماية.. كما الحال بالنسبة للمرأة.
إن الأصل أن سفر المرأة يحرم دون وجود محرم، وكذلك إقامتها، استنادًا إلى حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ، تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَومٍ وَلَيْلَةٍ إلَّا مع ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا“ (صحيح مسلم).
مع ذلك، هناك حالات يجوز فيها السفر بدون محرم، من سماحة ويسر الدين الإسلامي وتشريعاته المعنية بحقوق والتزامات المرأة، وتلك الحالات جاءت كما يلي:
- الرجوع من النشوز.
- قضاء الدين.
- رد الودائع لأهلها.
- الخوف على نفسها.
- الهجرة من الحرب إلى بلد آمن.
- وجوب عدة الوفاة أو المطلقة.
- إذا تمكنت من الهرب حال كونها أسيرة.
على أن تلك الحالات لا يُنفذ فيها الحكم إلا بضوابط وشروط، قد أوضحها مجلس الإفتاء، أن يكون سفر المرأة بغرض مشروع ومقيد بما يلي:
- ارتداء الملابس الشرعية.
- الالتزام بالآداب السامية.
- أن يكون الطريق آمنًا.
- أن تأمن الفتنة.
- السفر برفقة النساء محل الثقة.
- السفر في وسائل النقل.
تعرفي أيضًا على: شروط السعودية لحج المرأة بدون محرم
الدليل النقلي على سفر المرأة دون محرم
مما سبق في الحالات التي يُباح للمرأة السفر دون محرم تبين لنا أن أهل العلم والفقهاء قد أجازوا سفر المرأة دون محرم في حالات الضرورة فقط، كما هو الحال عندما تنتقل من بلاد تخشى فيها أن يتم افتتانها في الدين والعقيدة، فتأمن على نفسها، على أن تكون في صحبة آمنة.
فقد روي عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: “اتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقَّةِ تَمْرَةٍ، فمَن لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ، قَالَ عَدِيٌّ: فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ حتَّى تَطُوفَ بالكَعْبَةِ، لا تَخَافُ إلَّا اللَّهَ” وفي رواية الإمام أحمد: “فَوَالَّذى نَفسِى بيَدِه لَيُتِمَّنَّ اللهُ هذا الأمرَ حتى تَخرُجَ الظَّعِينةُ مِن الحِيرةِ حتى تَطُوفَ بالبَيتِ في غَيرِ جِوارِ أَحَدٍ” (صحيح البخاري).
من هنا فإن ما يُنهى المرأة عن سفرها دون وجود محرم معها يحتمل في حكمه على توافر الأمن من عدمه، فإذا توافر شرط الأمن لا يكون هناك نهي، ويشترط موافقة ولي الأمر بأي حال.
تعرفي أيضًا على: من محظورات الإحرام التي اختصت بها المرأة دون الرجل
آراء المذاهب الأربعة في سفر المرأة
علاوةً على ما سبق من ذكر الحالات التي لا يجوز فيها السفر بدون محرم نذكر ما ذهب إليه الأئمة في هذا الحكم، تفصيلًا كما يلي:
- الشافعية: ليس للمرأة أن تسافر أكثر من 3 أيام إلا مع محرم، في حين أن البعض الآخر من أنصار الشافعية أجازوا السفر بلا محرم دون تحديد مدة على شرط صحبة نساء صالحات، إذا كان الحج الواجب لا التطوع.
- المالكية: ليس للمرأة أن تُسافر دون محرم طالما كان السفر يزيد عن يوم وليلة، فإن قلّ عن تلك المدة فيجوز، حتى لا تفوت عليها مصالحها.
- الحنابلة: لا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم إن كان السفر يزيد عن يوم واحد، والبعض من أنصار الحنابلة ذهبوا إلى أن من تحج دون محرم كان حجها جائزًا ولكنها تكون قد أثمت لكونها عصت ما أمر به الله ورسوله.
ما اتفق عليه الفقهاء أن سفر المرأة ما دام في مسيرة يوم، فلا تكون آثمة إن كانت دون محرم.. على أن يكون السفر لحاجة ضرورية ولا يكون طويلًا متضمنًا من الإجراءات المعقدة ما يشق عليها الأمر.
تعرفي أيضًا على: حديث المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين
سفر المرأة لفريضة الحج
إنَّ محرم المرأة هو زوجها ومن يكون مُحرمًا عليها بسبب النسب أو القرابة، لكن لا يدخل في هذا الإطار (ابن الخال أو ابن العم، زوج الخالة أو زوج العمة، زوج الأخت) فكل منهم يحب له زواجها لو فارق زوجته، أما عن الحكمة من وجود المحرم مع المرأة:
- لدفع الشك والريبة عنها.
- الحفاظ عليها من الاعتداء إن حدث.
في حديثنا عن الحالات التي تجوز فيها السفر بدون محرم، نذكر أن بعض الفقهاء قد أجازوا سفر المرأة لأداء فريضة الحج دون محرم في حال كانت مع رفقة من أهل التقوى والصلاح من النساء، مستندين إلى أن أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن- قد خرجن بعد وفاة الرسول وفي عهد الفاروق عمر إلى الحج.
كما قيل في شرح ما جاء به البخاري في هذا الصدد أن المرأة بإمكانها أن تخرُج للحج وإن لم يكن معها محرم في وسط رفقاء مأمونات، فقد قال الحسن البصريّ: “المسلم مَحرَمٌ، ولعلَّ بعضَ مَن ليس بمَحرَمٍ أوثقُ مِن المَحرَم“.
أما عن عدم خروجها دون محرم في الحج فكان في ظل الإفراد والعدد اليسير، لكن بوجود القوافل الكبيرة والطرق العامرة فلا بأس في سفر المرأة لأداء الحج حينئذِ، وما يدعم من القول إن المحرم وجوده مقترن بتوفير الأمن والحماية لها ما ذكر عن الإمام مالك -رضي الله عنه- حينما قال:
“ووجه ذلك عندي ما ثبت للربائب مِن العداوات وقِلَّة المُراعاة في الأغلب؛ فلا يَحصُل لها مِنه الإشفاق والستر والحِرص على طيب الذِّكْر” أي أن ابن زوجها على سبيل المثال لا يؤتمن عليها حتى وإن كان محرمًا، ففي تلك الحالة أغلب الظن أنه الأقل حرصًا على حمايتها.
كما ذكر عن الجويني الشافعي حول الحالات التي يُباح للمرأة السفر دون محرم أمر اشتراط الأمن حتى يكون الحج مباحًا، فقال: “ليس الأمن الذي نذكره قطعًا، فالمسافر ومتاعه على قَلَت (أي: توقع الهلاك) إلا ما وقى الله، وإنما الحكم على غالب الظن، والنفس لا تثق بالخلاص عن الحوادث…
فالذي يجب التفطن له: أننا لا نشترط في السفرِ الأمنَ الذي يغلب في الحضر؛ فإن ذلك إنما يحصل لو صار السفر في حكم الحضر، بأن تصير الطرق آهلة، ولا سبيل إلى شرط ذلك؛ فالأمن في كل مكانٍ على حسب ما يليق به“.
جدير بالذكر أنه من الأولى أن تُسافر المرأة مع زوجها إن وجد، أو ذي محرم محل ثقة، رغبةً في الخروج من خلاف الأحكام الدائرة حول الأمر، وبأي حال قد صار السفر أكثر أمانًا اليوم على المرأة.
للمرأة مكانة عظيمة فقد كرمها الدين الإسلامي ووضع من التشريعات ما يحفظ قدرها ويرعاها، ومن أوجه رعايتها ما يكون في الحَضر والسَفر.
تابعنا على جوجل نيوز