قصة المرأة العقيم وثقتها برحمة الله تعالى
هناك العديد من الأمثلة على قصة المرأة العقيم وثقتها برحمة الله تعالى كما جاء ذكرها في كتب سير الأنبياء نذكرها حتى تكون عظةً للنساء، لذلك عبر موقع إيزيس سنعرض لكم قصة العقيم التي رزقها الله خير الولد، وهل توجد قصة مكذوبة أم لا، والحكمة من وراء ذكر القصة، وتداولها بين الناس.
قصة المرأة العقيم وثقتها برحمة الله تعالى
قد خلق الله -سبحانه وتعالى- بني آدم منهم المنجب للذكور، ومنهم من ينجب الإناث، ومنهم من خلقه الله عز وجل عقيمًا لا ينجب كما ذكر الله عز وجل في سورة الشعراء “لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ۖ وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ“ (الآيتان 49، 50).
فإن جعل الله عز وجل المرأة عقيمة لا تنجب فإنها تلجأ إلى الله بالتضرع، والدعاء عسى أن يرزقها الله عز وجل الولد الصالح الذي يخلف عليها، ويعوضها صبرها على ابتلاء الله ومحنته.
الدعاء والتضرع هو خير الفعل، ففي أخبار الأولين، فإن أم السيدة مريم السيدة حنة بنت فاقود بن قبيل، وخالة السيدة مريم أشياع بنت فاقود، فكانتا عقيمتان فتوجها بالدعاء إلى الله عز وجل برزقهما الولد، فأخلف الله عليهما.
هاتان القصتان صحيحتان سنذكرهما في قادم السطور، لكن وجب علينا توضيح القصة الشهيرة وهي قصة المرأة العقيمة مع سيدنا موسى، التي ذاع صيتها، لأن الله -عز وجل- استحى منها في طلبها الولد، وقد خلقها عقيمة.
إن القصة خاطئة ومكذوبة، حتى أن علماء الحديث الشريف لم يضعفُّوها فحسب، بل جعلوها مكذوبة لا أصل لها، ومنهم من قال عنها قصة من اختراع الصوفيين والقصاصين.
كما قال من علماء الحديث الشريف من قال إن الحديث الذي ورد فيه الحديث منكر، لكن من القصص التي تعلم حسن الظن بالله، حتى وإن كانت المرأة عقيمة هما قصتا أم السيدة مريم، وزوج سيدنا زكريا.
تعرفي أيضًا على: من هي المرأة التي رفضت الزواج من الرسول
قصة المرأة العقيمة مع كليم الله موسى
ينتشر بين عوام الناس قصة نبي الله وكليمه موسى بن عمران مع امرأة عقيم أرادت أن يرزقها الله عز وجل الولد، فاستجاب الله لها، بل وزاد البعض وقالوا إن الله عز وجل استحى منها، وقد ذكرنا أنها قصة خاطئة، لكنا في هذه الفقرة سنوضح سبب وهن هذه القصة.
سبب الخطأ والضعف في هذه القصة هو ما أجمع عليه علماء أهل السُنة، وعلماء الحديث الشريف في كافة العصور الإسلامية، أن القصة منافية لما شرعه الله عز وجل وقدر به أمور الكون وخلقه، فالله يجعل لمن يشاء الأولاد من البنين والبنات، ومنهم من يثني الله لهم.
ثم يجعل من يشاء عقيمًا، والجعل هنا هو التحويل، والله خلق البشر منذ أن خلق آدم كلٌ في كتاب مقدر أعمالهم، ورزقهم في الدنيا من الأموال، أو البنين، أو كلاهما، واستشهد أهل العلم بالحديث الشريف الذي رواه بن مسعود.
“إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ، وَرِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ” الحديث صحيح، ومتفق عليه من البخاري ومسلم.
خبر آل عِمران وكرم الله عز وجل لهم
آل عمران المقصودون في هنا هي السيدة حنة بنت فاقود أم السيدة مريم، وابنتها، التي تعد من ضمن القصص التي أتت في تأويل قصة المرأة العقيم وثقتها برحمة الله تعالى.
أما بذكرنا في القصة آل عمران هو قول الله تعالى في الآية الثالثة والثلاثين من سورة آل عمران، “إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ“.
ذكر في تفاسير القرآن الكريم أن أم السيدة مريم كانت لا تحبل، فرأت طيرًا تطعم صغرها، فاشتهت فجاشت في نفسها عاطفة الأمومة، وكانت زوجة عِمران من نسل يعقوب عليه السلام، كما أنه كان كبير كهنة هيكل سليمان.
كان عِمران، وزوجته دؤوبين على عبادة الله عز وجل، حامدين له على ما أعطاهم من رزق، وعندما أرادت الولد فدعت الله الذي لا يرد يدين مدتا له خائبتين بأن يرزقها الولد، ونذرت الوليد أن يكون في خدمة الله سبحانه وتعالى.
“إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا” (الآية 35 من سورة آل عمران)، ولما حبلت السيدة حنة بنت فاقود، ووضعت حملها رأتها أنثى، فأطلقت عليها مريم، وهو في اللغة القديمة مؤنث العابد الناسك لله.
دعت الله عز وجل بأن يحفظها وذريتها من مس الشيطان الرجيم، فتقبل الله -عز وجل- منها الدعاء، ومكن لمريم في الأرض وجعلها أطهر نساء أهل الأرض جميعًا، وجعلها تحمل معجزة من معجزات الله في الأرض، وحملت بالرسول النبي المسيح عيسى بن مريم -عليه الصلاة والسلام-.
تربت مريم في كنف زوج خالتها زكريا، الذي وهن عظمه وشاب شعره، وأصبح هو وزوجه كهلين، فاشتهى زكريا الولد لما رآه من قبول الله لدعاء أم السيدة مريم.
رزق الله زكريا وزوجه يحيى
لابد من ذكر قصة المرأة العقيم وثقتها برحمة الله تعالى، أن نذكر أحسنها، وهي قصة خالة السيدة مريم البتول، التي بلغ منها الوهن حتى أصبحت عجوزًا، وزوجها أصبح شيخًا وهو زكريا، اللذان دعيا الله عز وجل بأن يرزقهما الله الولد.
فكان الدعاء في بادئ الأمر كان من سيدنا زكريا في سورة مريم الآية الخامسة “وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا“، والعاقر هي العقيم، ولم يكن زكريا هو الوحيد الذي اشتهى الولد.
فقد اشتهت امرأته مثله الولد فدعت الله عز وجل بأن يكون لهم من الولد، فذكر الله -عز وجل- في القرآن الكريم أن الله -عز وجل- في الآية التسعين من سورة الأنبياء، برزقهم يحيى بن زكريا.
“فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ“، فكان حسن ظن زكريا وزوجه بالله عز وجل، أن رزقهم ولدًا وجعله نبيًا.
فكان يحيى بارًا بوالديه زكريا وأشياع، وجعله الله على الرغم من صغر سنه عاقلاً رزينًا حكيمًا، والسلام عليه يوم مولده، ويوم موته، ويوم البعث كنا ذكر الله -عز وجل- في سورة مريم.
ما جاء في القرآن الكريم من أخبار عن العقيمات
قصة المرأة العقيم التي وثقت برحمة الله تعالى، وأبرها الله عز وجل لم تقف عند بيت آل عمران، فبالعودة إلى آيات كتاب الله عز وجل في ذكره تعالى عن خبر النساء العقيمات في القرآن فنجد منها قصة زوج سيدنا إبراهيم -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام-.
فكان سيدنا إبراهيم عليه السلام قد جاوز المائة وثلاثين سنة ولم يرزقه الله عز وجل بالبنين من زوجه الصابرة سارَّة، وعند زواجه من هاجر من الله عليه بإسماعيل عليه السلام، فأثار هذا عاطفة الأمومة فيها فدعت الله عز وجل بأن يرزقها الولد.
“وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ” (سورة هود الآية 71)، وكانت السيدة سارة في هذا الوقت قد بلغت من العمر الكثير، والشاهد هو قول الله تعالى في سورة هود الآية الثانية والسبعين.
“قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ“، والعجوز تطلق على النساء الكبيرات في السن، والشيخ هو الرجل الطاعن في السن، وكانت مكافأة الله عز وجل لسارة على صبرها أن رزقها إسحاق.
الذي سينجب يعقوب، ومن صلب يعقوب نبي الله يوسف الصديق، فكان هذا خير الجزاء للصابرين الشاكرين لله، الآخذين بالأسباب.
الدروس المستفادة من القصص الثلاثة
بعد ما عرضنا لكم قصص النساء العقيمات في القرآن، فما هي الدروس والقصص المستفادة التي علينا نحن المسلمين أن نستخرجها من هذه القصص الأربعة -على الرغم من وهن قصة موسى والمرأة العقيمة-:
- حسن الظن بالله عز وجل.
- الصبر على ما قدَّره الله عز وجل، فكله خير والشر لا يأتي من الله عز وجل.
- جزاء الله عز وجل الصابرين خير الجزاء، فكان الجزاء بأنبياء مثل إسحاق، ويحيى.
إنَّ حسن الظن بالله من شيم المسلم، لذا فليصبر كل ذو ابتلاء على ما أصابه، ومن أصحاب الابتلاءات المرأة العقيم، فيجب أن تثق برحمة الله سبحانه وتعالى بها، فهو العادل في توزيع الأرزاق على العباد.
تابعنا على جوجل نيوز