هل يفرح الميت بالدعاء له
هل يفرح الميت بالدعاء له؟ وهل يعرف من الذي يدعو له؟ شاعت الاعتقادات والأقوال الكثيرة منذ القِدم بشأن ما يشعر به الميت في حياة البرزخ، وما إذا كان يشعر بالأحياء ممن يزورونه ويدعون له أم لا، وقد تحيّر أهل الدين والسُنة في الحصول على إجابات وافية، تم الاستدلال عليها من كتاب الله تعالى وسُنة نبيّه.
هل يفرح الميت بالدعاء له؟
جاءت الكثير من الدلائل القرآنية والسُنيّة التي تُشير إلى انتفاع الميت بالدعاء له، ومن هنا يُمكن الحصول على إجابة للسؤال هل يفرح الميت بالدعاء له؟ فيفرح الميت كثيرًا؛ نظرًا لما يقع عليه من النفع جراء الدعاء، كما أنه يشعر بالأُنس الشديد الذي يُخلّصه من وحشة القبر.
لذلك شرع الإسلام زيارة القبور للسلام على أهلها ومؤانستهم والدعاء لهم، ويُقال إن الميت يعرف من جاء ليُسلّم عليه، بل ويرد السلام هو الآخر لكننا لا نسمع، والكثير من الأسرار الأخرى في عالم البرزخ الذي لا يعلم أحد عنه شيء إلا الله سبحانه وتعالى.
جاء الدليل على ذلك في حديث مرويّ على لسان عبد الله بن عباس: “ما مِن أحدٍ يَمُرُّ على قبرِ أخيه المؤمنِ فيُسَلِّمُ عليه إلا عَرَفَه، وردَّ عليه”.
هل يعرف الميت من الذي يدعو له؟
علمنا أن الميت يفرح كثيرًا بالدعاء لكن يظهر تساؤل آخر من هنا، وهو هل سبب شعوره بالفرحة هو معرفته بماهية الشخص الذي يدعو له! فهل يعرف من الأساس من الذي يدعو له!
لذا جدير بالذكر أن الميت حتمًا يعرف من يدعو له، وهو ما تم الاستدلال عليه من السُنة النبوية الشريفة، حينما روى أبو هريرة أن درجة الميت تُرفع في الجنة بفضل دعاء الحيّ له، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إنَّ الرَّجلَ لتُرفَعُ درجتُه في الجنةِ فيقولُ: أنَّى هذا؟ فيقالُ: باستغفارِ ولدِك لكَ” صحيح ابن ماجه.
أي أنه تم إخبار الميت أن الداعي له هو ابنه، وبالتالي فهو يعرف من يدعو له، ويفرح كثيرًا، ويصل ثواب الدعاء إليه وينفعه في موقفه هذا.
هل يشعر الميت بمن يزوره؟
أثبتت الأحاديث النبوية الشريفة أن الميت يفرح بدعاء الحي له، لكن لا يوجد ما يُثبت أن الميت يشعر بزيارة الأحياء له، وهو ما جدُر بنا ذكره نظرًا لتساؤل الكثيرين عما إذا كان يراهم أو يشعر بوجودهم عند زيارتهم له في المقابر.
لكن بشكل عام لقد شرع لنا الدين الإسلامي الدعاء للموتى في كل وقت وحين، سواء كنّا نعرفهم أم لا، وفضلًا عما إذا كانوا يشعرون بالدعاء أو الزيارة أم لا يشعرون، فلا يضرّنا الأمر أو ينفعنا على حدٍ سواء.
فضل الدعاء للميت
في ظل الإجابة على سؤال هل يفرح الميت بالدعاء له لا بُد من ذكر الجانب الآخر من الأمر، وهو لماذا يفرح بهذا الدعاء؟ وهل هناك حاجة له من الدعاء وهو سبب شعوره بالسعادة؟ أم أنه مُجرد شعور عشوائي لا مُبرر واضح له! لذا جدير بالمعرفة بشأن اتفاق أهل الكتاب على أن الدعاء له فضل كبير على الميت، حيث يعود عليه بما يلي:
1- رفع الميت درجة في الجنة
وُجدت علاقة رابطة بين الإجابة على سؤال هل يفرح الميت بالدعاء له، والسؤال عما إذا كان يعرف من الذي يدعو له أم لا، وفي ظل الإجابة الثانية ذكرنا أن الدليل على أن الميت يعرف من يدعو له من خلال حديث النبيّ صلى الله عليه وسلم المرويّ عن أبي هريرة حينما قال إن درجة الرجل في الجنة قد ارتفعت بسبب دعاء ولده له بالمغفرة.
من هنا يُمكن الاستدلال على فضل الدعاء بالمغفرة للميت، وهو أن منزلته في الجنة تُرفع درجة كلما دعا إليه ولده، ولا يقتصر هذا الأمر على الولد فقط، وإنما يشمل الدعوة من القريب والغريب.
اقرأ أيضًا: دعاء لنفسي بالشفاء والتوفيق
2- الثبات عند سؤال القبر
إن فرحة الميت بالدعاء له وتشريع الدعاء له من الأساس لا بُد أن له حِكمة بالغة من الله تعالى يهدف بها رحمةً للعباد، وهو بالفعل ما يُمكن استدراكه عند المعرفة بأن الدعاء للميت يساعده على الثبات عندما يسأله الملكان في القبر، وهو ما يُمثل المساعدة التي يكون الميت في أشد الحاجة لها في هذا الوقت.
سواء كان بعد الدفن مباشرةً أو بعد مغادرة المقابر، وقد جاء ذلك في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، المرويّ عن الصحابيّ الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه، حينما قال: “كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، إذا فرغَ مِن دفنِ الميِّتِ وقفَ علَيهِ، فقالَ: استغفِروا لأخيكُم، وسَلوا لَهُ التَّثبيتَ، فإنَّهُ الآنَ يُسأَلُ” صحيح أبي داود.
3- نيل الميت المغفرة من الله
بالتأكيد ترجع الإجابة بنعم على السؤال هل يفرح الميت بالدعاء له؟ ترجع إلى أسباب عديدة، والتي من بينها أن هذا الدعاء يساعد الميت على نيل المغفرة من الله، وكلما زاد الدعاء له كان إلى الغفران أقرب، وهو ما جاء الدليل عليه في رواية أبي هريرة رضي الله عنه عن نبيّ الله محمد في الحديث:
“إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له” صحيح مسلم.
أدعية للميت بالرحمة والمغفرة
هناك العديد من الأدعية التي يُمكن الاستعانة بها للدعاء إلى الميت وجعله يشعر بالسعادة، ويحصل على عظيم الأجر والفضل منها، وبالطبع يُتاح للداعي أن يدعو بما شاء، لكن في حال لم يعرف بماذا يدعو يُمكنه استخدام أحد صيغ الدعاء التالية:
- اللهمّ يمّن كتابه، ويسّر حسابه، وثقّل بالحسنات ميزانه، وثبّت على الصّراط أقدامه، وأسكنه في أعلى الجنّات، بجوار حبيبك ومصطفاك صلّى الله عليه وسلّم.
- اللهمّ عامله بما أنت أهله، ولا تعامله بما هو أهله.
- اللهمّ إنّه نَزَل بك وأنت خير منزولٍ به، وأصبح فقيراً إلى رحمتك، وأنت غنيٌّ عن عذابه.
- اللهمّ إنّه كان يشهد أنّك لا إله إلّا أنت، وأنّ محمّداً عبدك ورسولك، وأنت أعلم به.
- اللهمّ إنّه في ذمّتك وحبل جوارك، فقِهِ فتنة القبر، وعذاب النّار، وأنت أهل الوفاء والحقّ، فاغفر له وارحمه، إنّك أنت الغفور الرّحيم.
- اللهمّ إنّه عبدك وابن عبدك، خرج من الدّنيا، وسعتها، ومحبوبها، وأحبّائه فيها، إلى ظلمة القبر، وما هو لاقيه.
- اللهمّ انقله من مواطن الدّود، وضيق اللّحود، إلى جنّات الخلود.
- اللهمّ انظر إليه نظرة رضا، فإنّ من تنظُر إليه نظرة رضاً لا تعذّبه أبداً.
- اللهمّ آنسه في وحدته، وفي وحشته، وفي غربته.
- اللهمّ أنزله منزلاً مباركاً، وأنت خير المنزلين.
- اللهمّ أنزله منازل الصدّيقين، والشّهداء، والصّالحين، وحسُن أولئك رفيقاً.
- اللهمّ إنّا نتوسّل بك إليك، ونقسم بك عليك أن ترحمه ولا تعذّبه، وأن تثبّته عند السّؤال.
- اللهمّ إن كان محسناً فزد من حسناته، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيّئاته.
- اللهمّ أمّنه من فزع يوم القيامة، ومن هول يوم القيامة، واجعل نفسه آمنةً مطمئنّةً، ولقّنه حجّته.
- اللهمّ املأ قبره بالرّضا، والنّور، والفسحة، والسّرور.
- اللهمّ افسح له في قبره مدّ بصره، وافرش قبره من فراش الجنّة.
- اللهمّ أدخله الجنّة من غير مناقشة حساب، ولا سابقة عذاب.
- اللهمّ احمه تحت الأرض، واستره يوم العرض، ولا تخزه يوم يبعثون “يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلّا من أتى الله بقلبٍ سليم“.
- اللهم اجعله في بطن القبر مطمئنًا وعند قيام الأشهاد آمناً، وبجود رضوانك واثقاً، وإلى أعلى درجاتك سابقاً.
- اللهمّ اجعل قبره روضةً من رياض الجنّة، ولا تجعله حفرةً من حفر النّار.
- اللهم اجعل عن يمينه نوراً، حتّى تبعثه آمناً مطمئنّاً في نورٍ من نورك.
- اللهمّ اجزه عن الإحسان إحساناً، وعن الإساءة عفواً وغفراناً.
- اللهمّ آته برحمتك ورضاك، وقهِ فتنة القبر وعذابه، وآته برحمتك الأمن من عذابك حتّى تبعثه إلى جنّتك يا أرحم الرّاحمين.
- اللهمّ أبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأدخله الجنّة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النّار.
- اللهمّ لا نزكّيه عليك، ولكنّا نحسبه أنّه آمن وعمل صالحاً، فاجعل له جنّتين ذواتي أفنان، بحقّ قولك: “ولمن خاف مقام ربّه جنّتان“.
- اللهمّ لا تحرمنا أجره، ولا تفتنّا بعده، واغفر لنا وله، واجمعنا معه في جنّات النّعيم يا ربّ العالمين.
- اللهمّ شفّع فيه نبيّنا ومصطفاك، واحشره تحت لوائه، واسقه من يده الشّريفة شربةً هنيئةً لا يظمأ بعدها أبداً.
- اللهمّ بشّره بقولك “كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيّام الخالية“.
- اللهمّ إنّه كان مُصلّ لك، فثبّته على الصّراط يوم تزلّ الأقدام.
- اللهمّ إنّه كان لكتابك تالياً وسامعاً، فشفّع فيه القرآن، وارحمه من النّيران، واجعله يا رحمن يرتقي في الجنّة إلى آخر آية قرأها أو سمعها، وآخر حرفٍ تلاه.
- اللهمّ إنّه كان صائماً لك، فأدخله الجنّة من باب الريّان.
- اللهمّ إنّه عبدك وابن عبدك وابن أمتك، مات وهو يشهد لك بالوحدانيّة، ولرسولك بالشّهادة، فاغفر له إنّك أنت الغفّار.
- اللهمّ إنّه صبر على البلاء فلم يجزع، فامنحه درجة الصّابرين، الذين يوفّون أجورهم بغير حساب، فإنّك القائل “إنّما يوفّى الصّابرون أجرهم بغير حساب“.
- اللهمّ إنّه جاء ببابك، وأناخ بجنابك، فَجُد عليه بعفوك، وإكرامك، وجود إحسانك.
- اللهمّ إنّ رحمتك وسعت كلّ شيء، فارحمه رحمةً تطمئنّ بها نفسه، وتقرّ بها عينه.
- اللهمّ ارزقه بكلّ حرفٍ في القرآن حلاوةً، وبكلّ كلمة كرامةً، وبكلّ اّية سعادةً، وبكلّ سورة سلامةً، وبكل جُزءٍ جزاءً.
- اللهمّ ارحمه فإنّه كان مسلماً، واغفر له فإنّه كان مؤمناً، وأدخله الجنّة فإنّه كان بنبيّك مصدّقاً، وسامحه فإنّه كان لكتابك مرتّلاً.
- اللهمّ ارحمنا إذا يئس منّا الطّبيب، وبكى علينا الحبيب، وتخلّى عنّا القريب والغريب، وارتفع النّشيج والنّحيب.
- اللهمّ ارحمنا إذا فارقنا النّعيم، وانقطع النّسيم، وقيل ما غرّك بربّك الكريم.
- اللهمّ ارحمنا إذا اشتدّت الكربات، وتوالت الحسرات، وأطبقت الرّوعات، وفاضت العبرات، وتكشّفت العورات، وتعطّلت القوى والقدرات.
- اللهمّ ارحمنا إذا أتانا اليقين، وعرق منّا الجبين، وكثر الأنين والحنين.
- اللهمّ احشره مع المتّقين إلى الرّحمن وفداً.
- اللهمّ احشره مع أصحاب اليمين، واجعل تحيّته سلامٌ لك من أصحاب اليمين.
- اللهمّ اجعله من الّذين سعدوا في الجنّة، خالدين فيها ما دامت السّماوات والأرض.
كثيرًا ما تتردد على أذهاننا التساؤلات المتعددة بشأن ما يشعر به الميت في حياة البرزخ، مثل هل يفرح الميت بالدعاء له أم أنه لا يعرف بشأن الدعوة من الأساس!
تابعنا على جوجل نيوز