حكم خلع النقاب في العمل.. دار الإفتاء تحسم الجدل
نعي أن ديننا الإسلامي دين يُسر وليس عُسر، لذا فيجب اِتباع ما جاء من أحكام فقهية هامة قد توقع صاحبتها في إثم إثر عدم اِتباعها، والعِلم بجميعها ليتبين لها الحق في الباطل، فلا تبقى في حالة من الصراع النفسي بين الإحساس بالمعصية والتشدُد، لا سيما المرأة المُنتقبة، ومن خلال موقع إيزيس نُعلِمكم بحكم خلع النقاب في العمل.
نزع النقاب في العمل.. هل تأثم صاحبته؟
لنا أن نوضح حكم خلع النقاب في العمل -أي في حالة الضرورة- من جانبين.. لبيان وجهات النظر المتباينة بين العلماء وجموع الفقهاء.
هناك بعض الأعمال التي تتطلب خلع النقاب ولا تقبل بأن تعمل لديهم امرأة منتقبة، وفي حالة الاضطرار لهذا العمل بعينه لأيّ من الأسباب التي تستوجب أن تنفق الفتاة على نفسها، فلا حرج عليها أن تخلع النقاب طالما كان العمل لا يخلو من الضوابط الشرعية الأخرى.
مع اعتبار أن الأمر من جانب الضرورة، بعد استنفاذ محاولات البحث عن عمل آخر دون جدوى، فلا مصدر للرزق غيره.. هذا مع إمكانية البحث في المدارس الإسلامية ودور تحفيظ القرآن والمؤسسات الدينية التي أكثر العاملات معهنّ مُنتقبات.
يعتبر أنصار هذا الرأي أن النقاب من الفرض المُحتم على المرأة، بأن الأدلة تثبت وجوب ستر الكفين والوجه، أي ارتداء النقاب، لاسيما في زمان عمّت فيه الفتن وفسدت فيه القلوب.
إلا أنهم أشاروا إلى أن الضرورة تُقدر بقدرها، أي متى زالت تلك الضرورة يعود الأمر إلى ما كان عليه، فيصير ارتداء النقاب مرةً ثانية من الواجب والفرض.
أما عن الرأي الثاني.. فقد استند إلى غطاء الوجه والكفين في الأساس وأصل الحكم ليس بواجب، فالنقاب من قُبيل الفضائل لا الفرائض، فلا يوجد ما يأُثم على خلعه، ولا يوجد ما يفرض ارتدائه، لاسيما إن كان الأمر من الضرورة ما يستدعي خلعه، كممارسة عمل ما، أو التضرر الصحي، وما شابه.
هذا ويؤكد أنصار ذلك الاعتبار على أن القاعدة تشير أنه لا ضرر ولا ضرار.. فلطالما كان زيّ المرأة مُحتشمًا تراعي فيه الضوابط، وقد انتقت عملًا فاضلًا ليس فيه من إمارات الفاحشة شيئًا، فلها أن تُمارسه وفقًا لمقتضياته.
بعد بيان وجهتي النظر في حكم خلع النقاب في العمل، على المرأة المُسلمة أن تنظر في أمرها، وتبتعد عن كل ما فيه شُبهة لها، وتتخذ حيطتها مُتبعة أوامر الله سُبحانه وتعالى.. بالنظر إلى أن الله أعطى الرخص في الضرورات، والدين الإسلاميّ هو دين اليُسر في المقام الأول، والحرص على أحكام الدين ومعرفتها إنما هو من الورع وتقوى الله.
تعرفي أيضًا على: خلع النقاب لضيق التنفس
هل أتمسك بالنقاب؟
نعلمُ أنَّ الستر لا شك في كونه صيانةً للمرأة، وهو ما يتمثل في احتشامها، وهذا ما ذُكر في غير موضع من آيات الله.
- “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا” سورة الأحزاب الآية 59
- “وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ” سورة النور الآية 31
أما عن تغطية الوجه فقد اختلف فيها العلماء بين وجوب أو ندب، والأمر بالاحتشام والزيّ الشرعي ناتج عن حكمة بالغة، في تكريم المرأة وصيانتها فتأمن الفتنة.. فهل نعتبر أن النقاب بذاته هو مأمنها من الفتنة؟
كيف لنا اعتباره هكذا وهناك من النساء المُنتقبات ما يسئن ارتدائه ويُظهرن من مفاتنهنّ ما هو أشد جذبًا للرجال عن امرأة غير منتقبة.. فالأمر لا علاقة له بزيّ بعينه، إنما جاء الشرع بتوضيح شروط وأحكام في مواصفات الزي الشرعي للنساء، لا بجعله على هيئة معينة.
فمتى التزمت المرأة بحشمتها كانت سالمة آمنة من الفتنة، فتكون بذلك غير آثمة، هذا سواء كانت راغبة في ارتداء النقاب من باب الفضيلة أو غير راغبة في ارتدائه ومتمسكة بالزيّ الشرعي والاحتشام من باب الفريضة.
بأن يكون لباسك أمام الرجال الأجانب ليس بزينة في نفسه، ولا فيه ما يُلفت النظر أو يُثير شهوة، فلا يصف ولا يشف ولا يكون ضيقًا فاضحًا لعورات الجسد.
لكِ يا أختاه إدراك أن النساء ليس كلهنّ سواسية، وما ينطبق على غيرك لا يُشترط أن يتماشى معكِ، وفي الأمر كله عليكِ النظر إلى ما جاء به الشرع، فلا تُلقي بأيديكِ إلى التهلكة، وتراعين الحيطة والحذر في التعاملات، فتكونين بذلك اخترتِ الطريق الأبرأ أمام الله سُبحانه وتعالى.
تعرفي أيضًا على: هل النقاب يؤثر على النظر
حكم خلع النقاب للضرر
إن نظرنا إلى حكم خلع النقاب في العمل، ربّما نعني بأن العمل من الضرورة.. فما بالِ الضرر اللاحق بامرأة مُنتقبة على صحتها على إثر ارتدائها النقاب؟
لم يكن الأمر من زاوية طبية فحسب.. على اعتبار أن النقاب مُسببًا لبعض النساء مُشكلات صحية، على غرار مشاكل التنفس وتراكم البكتيريا والتهابات الشُعب الهوائية والتلف الرئوي وكذلك ضعف النظر والزغللة الدائمة، إلا أن الشرع كذلك لم ينأى عن ذلك الاعتبار.
فالمرأة التي تُعاني من ضرر صحيّ وهي منتقبة وتبيّن أنه بسبب نقابها نظرًا لهيئته التي تستوجب إحكامًا عند العينين والأنف والفم، لها أن تخلعه ولا تُعتبر آثمة في ذلك.
كما أشارت الإفتاء أنّ النقاب ليس بواجب كالحجاب، فمن تخلعه عليها أن تلتزم بهيئة ومواصفات الحجاب الشرعي.. وما إن كان خلعها له بسبب ضرورة العمل أو الضرر الصحي فإنها ليست آثمة على ذلك.
في الدين الإسلاميّ كثيرٌ من الأحكام التي تنم عن اليُسر لا العُسر، والتشدد غير مطلوب بأي حال، ففي العبادات.. قليلٌ دائم على قناعة وإيمان خيرٌ من كثيرٌ مؤقت عن عدم قناعة.
تابعنا على جوجل نيوز