هل العادة السرية تبطل الصيام وما حكمها
هل العادة السرية تبطل الصيام؟ وما حكمها؟ وما الذي يترتب عليها؟ الأصل في الصيام هو العبادة والتقرب إلى الله، إلا أن هناك بعض الأمور التي يقع فيها الصائم، تكون مثار جدل بين الفقهاء مثل ممارسة العادة السرية في نهار رمضان، وإذا كانت مبطلة فما الذي يتوجب على المُسلم حينها؟
هل العادة السرية تبطل الصيام
يُطلق على العادة السرية “الاستمناء”؛ وهي حالة يلجأ إليها البعض لإخراج المني دون حدوث جماع، فقد يستخدم الإنسان أي وسيلة لها؛ فهل العادة السرية تبطل الصيام؟ قبل بيان إذا ما كانت تُبطل الصيام أم لا.. لا بُد من معرفة ما حكم العادة السرية؟ حيث يتوقف إبطالها للصيام من عدمه على حُكمها.
أجمع العُلماء في المذاهب الأربعة على أنها من الأمور المُحرمة، لما فيها من مُخالفة قوله تعالى: “الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ” (سورة المؤمنون: 5-6)، مما يترتب عليه بطلان الصيام؛ لما فيه من إخراج ماء بالفعل.
فما الذي يترتب على المُسلم بعد فساد صومه بالإنزال؟ يجب على المرء أن يتوب عن فعله، ويلزمه قضاء صيامه دون الكفارة.
حكم العادة السرية
إن العادة السرية من الأحكام الفقهية التي تُركت لاجتهاد العُلماء؛ فلم يرد أي نص صريح أو ظاهر في القُرآن الكريم والسُنة النبوية يُبين حُكمها.. الأمر الذي أدى إلى اختلاف العُلماء فيها بين الإباحة والكراهة والحُرمانية.
1- تحريم العادة السرية
شرع الإسلام الزواج حفظًا للنفس من الوقوع في الخطأ؛ الأمر الذي يدل على أن الاستمتاع فيما دون الزواج مُحرمًا، فقد تعددت الآراء التي حكمت بحُرمانية الاستمناء.
- المذاهب الأربعة: اتفقت على تحريم العادة السرية.
- الشيعة: يحرمون العادة السرية.
- ابن باز: يرى أنه من الاعتداء على ما أباحه الله من الاستمتاع والذي اقتصر على العلاقة الزوجية، فيحكم بحُرمانيتها.
- ابن تيمية: يرى أن الأصل فيها التحريم؛ إلا في حالة الخشية من الوقوع في الزنا.
الدليل قوله تعالى: “وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ” (سورة النور: 33)
2- إباحة العادة السرية
يرى الكثير أن العادة السرية مُباحة في حالة الخشية من الوقوع في أمر حرمه الله، لا يوجد أي شك في ابطالها للصيام إذا كان الإنزال بقصد؛ ففي كلتا الحالتين يكون صرفًا للذهن عن الهدف من الصيام وهو صون النفس عن الشهوات والتقرب إلى الله.
اقرأ أيضًا: حكم مداعبة المرأة لنفسها في رمضان
ما الذي يترتب على العادة السرية في رمضان؟
من خلال الإجابة عن هل العادة السرية تبطل الصيام وما حكمها؟ يتبين لنا إبطال الصيام، فما الذي يترتب على هذا الفعل؟ هُناك بعض الأمور التي يجب على المُسلم الالتزام بها إذا فعل ذلك مُتعمدًا في نهار رمضان.
- المُسارعة بالتوبة والاستغفار والعزم على عدم العودة إلى ذلك الفعل مرة أخرى.
- الإمساك عن الطعام والمُحرمات طوال اليوم، فيُحرم عليه الإفطار احترامًا لحرمانية الشهر الكريم.
- يجب عليه القضاء دون الكفارة.
لا تقتصر الأمور المُترتبة على الإنزال في نهار رمضان على ذلك فقط؛ بل يلزمه الطهارة، والتي تختلف وفقًا لبعض الأمور.
- في حالة نزول المني إثر مُمارسة العادة السرية؛ فيجب الغُسل.
- إذا كان الإنزال مذيًّا فلا يلزم الغُسل ويكتفي بالوضوء لأداء الفرائض.
- في حالة عدم الإنزال فلا يلزم الطهارة حينها.
ما هي مبطلات الصيام؟
فرض الله علينا الصيام قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (سورة البقرة: 183) وألزمنا ببعض الأحكام والأمور التي يجب التوقف عنها؛ حتى لا يبطل صيامنا، وقد كان سؤال هل العادة السرية تبطل الصيام داعيًا إلى ذكر مُبطلات الصيام بشكل عام، للمُحافظة على أحد أركان الإسلام.
- الأكل أو الشرب المُتعمد في نهار رمضان.
- الجماع في نهار رمضان؛ ويلزم حينها قضاء اليوم وإخراج كفارة.
- إنزال المني “العادة السرية”، بشكل مُتعمد أثناء الصيام، حيث إن الصيام يقتضي الإمساك عن الشهوات، فإذا كان الإنزال غير مُتعمد “الاحتلام” فلا يبطل الصيام.
- الحيض؛ ويلزمه القضاء، لحديث عائشة -رضي الله عنها (كان يصيبنا على عهد رسول الله فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة) تعمد التقيؤ أثناء الصيام؛ ويلزم القضاء دون كفارة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (من ذرعه القيئ، فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدا فليقض).
أضرار العادة السرية
تُعد العادة السرية هي إخراج الشهوة بالإنزال من خلال تحفيز الأعضاء التناسلية دون اللجوء إلى طرف آخر، وهي من العادات المُنتشرة بين فئة كبيرة من الشباب والمُراهقين دون الرجوع إلى معرفة ما حكم العادة السرية؟ وما يترتب عليها من بُطلان العبادات.
لا تقتصر أضرار العادة السرية على الناحية الشرعية فقط؛ بل إنها تُسبب الكثير من الأضرار الصحية والنفسية أيضًا.
- تؤدي إلى التعرض للاضطرابات العصبية والنفسية الناجمة من الشعور بالخجل والنقص وفقد الثقة في النفس، كما تتسبب في الشعور بالتقلبات المزاجية التي تؤثر على حياته الطبيعية.
- قد تتسبب في التهاب الجلد وتهيجه بسبب الاحتكاك الناجم من استخدام الوسائل المُساعدة في أداء العادة السرية.
- يظهر تأثيرها على المدى البعيد؛ حيث تؤثر على الإحساس بالاستثارة مما يجعل العلاقة الحميمية أمرًا غير مُمتعًا، وبالتالي صعوبة القُدرة على الجماع.
- قد يصل المرء إلى إدمان العادة السرية الأمر الذي يُسبب الكثير من المشاكل؛ فهي من الحالات التي تستدعي الاستعانة بالمُتخصصين.
- تتسبب بعض الأدوات المُستخدمة في الوصول إلى النشوة الجنسية أثناء مُمارسة العادة السرية إلى انتقال البكتيريا والميكروبات إلى الجهاز التناسلي؛ مما يزيد من خطر الإصابة بالالتهابات.
كيفية التخلص من العادة السرية
يترتب على العادة السرية الكثير من الأضرار الصحية والدينية، فقد كانت إجابة السؤال هل العادة السرية تبطل الصيام؟ يدعونا إلى تركها في الحال لما فيها من تهاون في حق العبادات والفرائض، وهُناك العديد من الوسائل التي تُعين على التخلص منها.
أولا: الحفاظ على الفرائض والعبادات
يُعد أداء الصلوات في أوقاتها حافظًا للنفس من الوقوع في المُحرمات فالصلاة تُهذب الإنسان وتنهاه عن المعاصي والمُنكرات، فيخشى العبد ربه ويستشعر مُراقبة الله له في السر والعلن؛ مما يجعله يتخلص من العادة السرية، لا تُعد الصلاة هي الوسيلة الوحيدة للتخلص منها بل إن للصيام دور كبير في هذا أيضًا.
فالصيام يصون النفس عن الوقوع في الكثير من الأمور التي حرمها الله ويُهذبها؛ كما أن الشهوة الجنسية غالبًا ما ترتبط بتناول الطعام؛ لذا فإن الحد من تناول الطعام في الصيام يقطع الشهوة عن الإنسان.
فيُمكن اللجوء إلى صيام النوافل للتخلص من العادة السرية بفعالية، ويُمكن الاستدلال على فضل الصيام في الحد من الشهوات من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).
ثانيًا: غض البصر
يُعد غض البصر حافظًا للنفس من الشهوات؛ فيُجنبها اللجوء إلى العادة السرية لتفريغ شهوته، وهو من الأمور التي حثنا الإسلام عليها تزكيةً للنفس وصونها عن الحرام، قال تعالى: “قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُون” (سورة النور: 30)
ثالثًا: الاستعانة بالمُختصين
هُناك بعض الحالات التي تصل إلى مراحل إدمان العادة السرية؛ فيصعب التخلص منها في تلك الحالة، ولا بُد من وجود إرادة قوية للتخلص منها، كما يُمكن اللجوء إلى الأطباء النفسيين والمُتخصصين لعلاج تلك المُشكلة والتخلص منها بشكل تدريجي.
العادة السرية من العادات السيئة، ويترتب عليها الكثير من الآثار السلبية بدنيًا ونفسيًا، فإذا كُنت أحد مُمارسيها عليك الإسراع بالتخلص منها حفاظًا على النفس من المُحرمات، لاسيما بعد معرفة إجابة السؤال عن حكم العادة السرية؟
تابعنا على جوجل نيوز