معلومات عن ليلة القدر

معلومات عن ليلة القدر تُرسّخ في ذهن القارئ مدى أهميتها وفضلها، وما هو الأجر والثواب العظيم الذي قد يتحصّل عليه المرء من فعل الخيرات والعبادات فيها، فليلة القدر تعادل ألف شهر، وهذا يدل على مزيد فضلها حتى تحدث عنها القرآن الكريم.

معلومات عن ليلة القدر

عند حلول شهر رمضان المبارك، وعندما يوشك الشهر على الانتهاء، وتبدأ العشر الأواخر من رمضان، تحظى تلك الأيام بمزيد عناية من المسلمين، مترقبين تلك الليلة العظيمة المباركة، وهي ليلة القدر التي أُنزل فيها القرآن الكريم.

فهناك سورة كاملة تتحدث عنها في القرآن الكريم هي سورة القدر، تحدث الله عنها في كتابه العزيز وبين فضلها وفضل العمل فيها، حيث قال الله عز وجل: “إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ”

كذلك ذكرت في الأحاديث النبوية الشريفة، حيث جاء في الحديث الذي رواه أبا سعيد الخدري رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “فَالْتَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ، والتَمِسُوهَا في كُلِّ وِتْر” وقد رُويّ أنه بعدما قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وذكر فضل تلك الليلة، نزل المطر من السماء.

فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى تلك الليلة في أيام العشر الأواخر من شهر رمضان، وحث الأمة على الإكثار من العبادات والطاعات في تلك الليلة، فغن ثوابها يصيب العبد في الدنيا والأخرة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ.”

لذلك ينبغي على المسلم المبادرة في فعل الخيرات والعبادات في تلك الليلة حتى يعود ذلك عليه بالنفع الكبير والثواب العظيم في الدنيا والآخرة.

وقت ليلة القدر

لما علم المسلمون فضل تلك الليلة والثواب العظيم الذي يناله العبد فيها، أخذوا يتساءلون عن وقتها حتى يدركوها، فلا يضيعوا هذا الثواب العظيم عليهم.

فثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها في الثلث الأخير من شهر رمضان، والذي يدل على ذلك، ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “ كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُجَاوِرُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ ويقولُ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ”

لكن الفقهاء اختلفوا فيما بينهم حول ذلك اليوم بالتحديد إلى عدة آراء: فقال البعض أنها ليلة وترية من ليالي العشر الأواخر، واستدلوا على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوِتْرِ مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ” فدل ذلك على أن ليلة القدر ليلة وترية.

بينما يرى البعض: أن ليلة القدر في الأيام السبع الأخيرة من رمضان، واستدلوا على ذلك برواية أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “فمنْ كان متحرّيهَا فليتحرّها في السبعِ الأواخرِ“، أما البعض الآخر قال: أنها ليلة بين الليالي العشر الأخيرة وأنها غير ثابتة، ولم يحددوا هل هي وترية أم زوجية.

وعلى كلٍ فعلى العبد أن يجتهد في العبادة في الثلث الأخير من شهر رمضان، فإذا كانت في أي يوم من تلك الأيام، نال الثواب العظيم بفضل عمله وعبادته فيها.

اقرأ أيضًا: معلومات دينية عن قصص التابعين

الحكمة من إخفاء ليلة القدر

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبره الله عز وجل بوقت ليلة القدر تحديدًا، إلا أنه عليه الصلاة والسلام لم يبين يومها لأمته، وأخفاه عنهم، وكان ذلك لحكمة عظيمة.

  • لأن ذلك أدعى أن يجاهد العبد في تحريها، والرغبة فيها والتحفيز إليها، ولكي يظل العبد يجتهد ويبالغ في العبادات في الثلث الأخير من شهر رمضان بأكمله، حتى إن كانت ليلة القدر في أحد تلك الأيام حصل لهم الثواب.
  • لأنهم إن علموا ليلة القدر، اقتصروا على مجاهدة النفس وعمل الطاعات في تلك الليلة فقط، دون غيرها، وأهملوا باقي ليالي العشر، فكان إخفاؤها عنهم سببًا في أن يواظبوا على العبادة والذكر وكل الأعمال الصالحة، حتى لا يحصل لهم فواتها، وبذلك تكون كل أوقاتهم منشغلة بطاعة الله

علامات ليلة القدر

حرص المسلمون على معرفة ليلة القدر في أي يوم تحديدًا، فعلى الرغم من أنه لم يُعرف لها يوم بعينه، إلا أنه قد وردت بعض الآثار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتي تدل على العديد من العلامات لليلة القدر.

  • مغيب شعاع الشمس عنها، فعند طلوع شمس صباح ليلة القدر، فإنها تطلع دون شعاع، ويستدل على ذلك بما رواه أُبيّ بن كعب قال: “وآيةُ ذلك أنْ تَطلُعَ الشَّمسُ في صَبيحَتِها مِثلَ الطَّسْتِ، لا شُعاعَ لها، حتى تَرتفِعَ” فيدل ذلك على أنه إذا طلعت الشمس بلا شعاع، فهذا يعني أنها كانت ليلة القدر.
  • ليلة القدر جوّها معتدل، فلا هي شديدة البرودة، ولا هي شديدة الحرارة.
  • نزول الملائكة فيها، ودل على ذلك القرآن والسنة، فقد قال الله عز وجل في سورة القدر: ” تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)” فهذه دلالة صريحة وواضحة على نزول الملائكة في هذا اليوم.

فضل ليلة القدر

إن فضل ليلة القدر لا يقتصر على فضل واحد وإنما لها الكثير من الفضائل.

  • تلك الليلة أنزل الله عز وجل فيها خير كتاب، وهو القرآن الكريم، حيث قال سبحانه وتعالى: “إنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ” ونزوله في تلك الليلة دون غيرها دليل على علو شأنها ومكانتها ومزيد فضلها.
  • ليلة مباركة، فيها من الخير والفضل الكثير، كما أن الأجر والثواب فيها يختلف عن غيرها، وقد قال الله عز وجل فيها: “إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ“
  • العمل فيها أفضل من غيرها، والثواب على العمل فيها أعظم، حيث أن العبادة في تلك الليلة يعادل العبادة ألف شهر، أي عبادة ثمانين عامًا، والدليل على هذا قول الله عز وجل: “لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ”
  • غفران الذنوب والخطايا، فإنه من فضل تلك الليلة، أن الله عز وجل يمحو فيها الخطايا والذنوب، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك حيث قال في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:“مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ.”

خير الأعمال في ليلة القدر

إن جميع الأعمال الصالحة في هذا اليوم، ويثاب عليها العبد بخلاف الأيام الأخرى، إلا أن هنالك أعمال وعبادات هي الأحب إلى الله والأنفع في هذا اليوم.

1- الدعاء في ليلة القدر

معلوم أن الدعاء من أفضل العبادات التي قد يتقرب بها العبد من ربه، فالدعاء في هذا اليوم له ثواب عظيم، فعلى العبد أن يتضرع إلى الله سبحانه وتعالى في هذا اليوم، ويكثر من الذكر والتسبيح والحمد، حتى يغتنم كل لحظة في تلك الليلة المباركة في عبادة الله عز وجل بمختلف أنواع العبادة.

فالدعاء في تلك الليلة مستحب، لذا على العبد أن يجتهد في الدعاء ويسأل الله المغفرة والرحمة، وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها قد سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ” قلتُ يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إن علِمتُ ليلةَ القدرِ ما أقولُ فيها؟ قال: قُولي اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعْفُ عنِّي“

فعلى المسلم أن يُكثر من هذا الدعاء ليلة القدر، فإن عفو الله عز وجل ومغفرته هي السبيل إلى نجاته، وفيها فلاحه.

وقد قال الإمام بن القيم رحمه الله: “لا سبيل للعبد إلى النّجاة إلاّ ّ بعفوه ومغفرته -جلّ وعلا- وأنّه رهينٌ بحقّه، فإن لم يتغمّده بعفوه ومغفرته، وإلاّ فهو من الهالكين لا مُحالة، فليس أحدٌ من خَلقْه إلاّ وهو محتاجٌ إلى عفوه ومغفرته كما هو محتاجٌ إلى فَضْله ورحمته”.

2- قراءة القرآن في ليلة القدر

إن قراءة القرآن وتلاوته وتدبر آياته من أعظم العبادات، لذلك يستحب للعبد أن يقرأ القرآن في ليلة القدر، حتى ينال عظيم الثواب من الله عز وجل، وليس عليه أن يختمه، وإنما يقرأ ما تيسر له من قراءته.

فقد تحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال في الحديث الذي رواه أبا هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ“

فالقيام ليس بصلاته في الليل فحسب، وإنما كذلك قراءته للقرآن كذلك تُعد قيامًا، لذلك فإن من يقرأ القرآن في هذا اليوم ينال الثواب العظيم من الله عز وجل.

3- الصلاة في ليلة القدر

ليس هناك عبادة أفضل عند الله من الصلاة، فإنها عماد الدين والركن الثاني لأركان الإسلام، بها تحسن الأخلاق، وتنتهي الفواحش، لذلك عندما يقوم العبد بعبادة عظيمة كالصلاة، في ليلة مباركة هي ليلة القدر، فإن ثواب تلك الليلة أيضًا يكون عظيمًا.

فلذلك يقوم العبد في تلك الليلة، ويصلي ما تيسر له من الركعات، لكنه يصلها ركعتين ركعتين، والدليل على ذلك ما رواه عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا سأله فقال: ” يا رسولَ اللَّهِ كيفَ تأمرُنا نصلِّي منَ اللَّيلِ؟ قالَ يصلِّي أحدُكُم مَثنى مَثنى، فإذا خشِيَ الصُّبحَ يصلِّي واحدةً، فأوتَرَت لَهُ ما قَد صلَّى“

بذلك يتبين لنا فضل تلك الليلة وما الواجب على العبد فعله فيها من أعمال، وكيف أن العبد لابد أن يتحرى ليلة القدر في الثلث الأخير من شهر رمضان، حتى لا يُضيع الثواب العظيم في تلك الليلة.

المسلم الفطن هو من يتحرى أفضل أوقات العبادة وخير أيامها، فيجتهد فيها ويقوم بالكثير من العبادات والخيرات، فيحصل له من الثواب العظيم والخير الكثير ما لا يتحصّل عليه في غيرها من الأوقات.

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة