عقاب الرجل الذي يبكي زوجته
عقاب الرجل الذي يبكي زوجته
في بادئ الأمر دعونا نسترجع فترة التفكير في الزواج، فهي المدة التي يشعر فيها الرجل بأن له الرغبة في إنشاء بيت قام على المودة والرحمة كما قال الله تعالى في سورة الروم الآية رقم 21:
“وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ“.
هنا يبدأ في اختيار المرأة التي تنشئ له بيته وتعمل على تعميره فيما يرضي الله عز وجل، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنها في رواية عبد الله بن عباس:
“ألا أُخبرُكم بخيرِ ما يَكنِزُ: المرأةُ الصالحةُ إذا نظر إليها سرَّتْه، وإذا غاب عنها حفظَتْه، وإذا أمرَها أطاعتْهُ” (صحيح).
يتم الزواج كما أمر الله عز وجل، فتكتشف الزوجة الكثير من الطباع التي كانت لا تعلم عنها شيئًا في الزوج، فهو يتركها وحيدة في المشكلات ويعمل على إبكائها غاضًا الطرف عن عقاب الله له في تلك الحالة فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية أبي هريرة:
“مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ، فَإِذَا شَهِدَ أَمْرًا فَلْيَتَكَلَّمْ بخَيْرٍ، أَوْ لِيَسْكُتْ، وَاسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ، فإنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أَعْوَجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْرًا” (صحيح).
كذلك إن بكت منه دون أن تكون قد اقترفت أي من الآثام تجاهه، فقد وقع عليها الظلم منه، وفي تلك الحالة تكون دعوتها مستجابة، وكذلك فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية أبي هريرة:
“مَن كانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لأخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْها، فإنَّه ليسَ ثَمَّ دِينارٌ ولا دِرْهَمٌ، مِن قَبْلِ أنْ يُؤْخَذَ لأخِيهِ مِن حَسَناتِهِ، فإنْ لَمْ يَكُنْ له حَسَناتٌ أُخِذَ مِن سَيِّئاتِ أخِيهِ فَطُرِحَتْ عليه” (صحيح).
تعرفي أيضًا على: حقوق الزوجة إذا طلبت الطلاق بدون سبب
مظاهر ظلم الرجل لزوجته
بعد أن تعرفنا على عقاب الرجل الذي يبكي زوجته ينبغي أن نتعرف على المظاهر التي من شأنها أن تبكي الزوجة، دون أن يعلم الزوج ما مدى الأذى النفسي الذي عرضها له، لذا ومن خلال ما يلي دعونا نسلط الضوء على تلك المظاهر، والتي تمثلت فيما يلي:
1- خيانة الزوجة
لا شك أن أمر الخيانة من شأنه أن يجعل المرأة تنهار، خاصة إن كانت هناك علاقة عاطفية تربطها به، ففي تلك الحالة ينفطر قلبها، لكن الجدير بالذكر أنه في تلك الحالة لا يتعرض الزوج لعقاب الرجل الذي يبكي زوجته فقط، فقد أصاب حدًا من حدود الله عز وجل، والذي قال في محكم التنزيل في سورة النور الآية رقم 2:
“الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ“.
لذا على الرجل أن يتقي الله في المرأة التي صانت بيته وعرضه وشرفه وألا يخونها حتى ولو بالنظرة وليست العلاقات الكاملة، حتى لا يقع في الإثم المبين، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “العينُ تَزني، والقلبُ يَزني؛ فزِنَا العينِ النظرُ، وزِنا القلبِ التمَنِّي، والفرجُ يُصدِّقُ ما هنالِك أو يُكذِّبُه” (صحيح) رواه أبو هريرة.
2- ضرب الزوجة
على الرغم من أن الله تعالى قد أباح للرجل أن يضرب زوجته، إلا أن الأمر لم يكن مباحًا دون أن يتقيد بالضوابط التي لا تؤذي المرأة، فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل في سورة النساء الآية رقم 34:
“الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا”.
أي أنه على الرجل في حالة الرغبة في ضرب المرأة أن ينظر هل قام بما أمر الله -عز وجل- في أمر المعاقبة، حيث تكلم معها عدة مرات في نفس الأمر دون جدوى، هل هجرها في المضجع بعد ذلك إلى أن تمتثل لأوامره لكنها لم تستجب له.
إن رأى أنه قد قام بذلك، فإنه من الممكن في تلك الحالة أن يقوم بضربها لكن لا يكون الضرب مبرحًا وأن يبتعد عن الوجه لما فيه إهانة للمرأة، وحتى لا يرضخ لعقاب الرجل الذي يبكي زوجته.
تعرفي أيضًا على: هل النسوية حركة متطرفة
3- الامتناع عن الإنفاق على الزوجة
قال الله تعالى في سورة النساء الآية رقم 34: “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ.
فقوامة الرجل على امرأته أن ينفق عليها مما رزقه الله عز وجل، وألا يبخسها حقوقها، فعليه مأكلها ومشربها وملبسها، فإن امتنع عن ذلك دون أن يكون هناك سببًا واضحًا لذلك، فإنه يوقع عليها الظلم، مما يكون سببًا في إبكائها، وهنا لا شك أنه يعرض نفسه إلى عقاب الرجل الذي يبكي زوجته.
لذا على الزوج أن ينفق على زوجته قدر استطاعته، فقد قال الله تعالى في سورة الطلاق الآية رقم 7:
“لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا“
4- إهانة الزوجة
تعمد القول السيء من الأمور التي تشعر الزوجة بالإهانة والتي تدفعها إلى البكاء وتعمل على تدمير حالتها النفسية، خاصة إن لم يكن هناك داعيًا لذلك، فمثلما أن الرجل مسؤول عن زوجته من الناحية المادية فإنه مسؤول أيضًا عن كل ما يخصها منذ أن عقد القران عليها.
فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية عبد الله بن عمر: “كُلُّكُمْ راعٍ فَمَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فالأمِيرُ الذي علَى النَّاسِ راعٍ وهو مَسْئُولٌ عنْهمْ، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتِهِ وهو مَسْئُولٌ عنْهمْ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى بَيْتِ بَعْلِها ووَلَدِهِ وهي مَسْئُولَةٌ عنْهمْ، والعَبْدُ راعٍ علَى مالِ سَيِّدِهِ وهو مَسْئُولٌ عنْه، ألا فَكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ” (صحيح).
5- منعها من زيارة أهلها
الكثير من الرجال خاصة إن كان هناك خلافًا بينه وبين أهل زوجته يمنعها من الذهاب إليهم، وفي تلك الحالة عليها أن تطيعه وتسمع كلامه ولا تخرج إلا أن يأذن لها، إلا أنه في تلك الحالة يكون ظالمًا لها وسببًا في قطع الأرحام، فهو لن ينال عقاب الرجل الذي يبكي زوجته فقد، بل يكون مفرق للجموع العائلية وهو إثم عظيم.
تعرفي أيضًا على: كيف تعرف الزوجة اللعوب
6- عدم العدل بين الزوجات
إن كان للرجل أكثر من زوجة، فمن الضروري ألا يظلم أي منهن حتى لا يكون ذلك سببًا في بكاء إحداهن فيكون عليه الذنب، فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل في سورة النساء الآية رقم 3:
“وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا“.
لذا على الرجل أن يجنب نفسه هذا الإثم، حتى لا يحشر مائل الشق يوم القيامة كما جاء في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برواية أبي هريرة:
“مَن كان له امرأتان فمَالَ إلى أَحَدِهما جاءَ يومَ القيامةِ وشِقُّهُ مائلٌ“ (صحيح).
يجب على الزوج أن يعامل زوجته بما يرضي الله عز وجل، حتى لا يقع في العديد من الآثام وليضمن أن حياته الزوجية لن تسكنها المشاكل التي من شأنها أن تهدم البيت إن استمرت دون اكتراث منه.
تابعنا على جوجل نيوز