شعر نزار قباني عن الأم
شعر نزار قباني عن الأم من الأشعار الرائعة على الرغم من عدم كثرتها، فالشاعر الراقي نزار كان يكتب كلمات بحروف من نور نابعة من قلبه، وهذا ما يمكننا أن نستشعره من القصيدة الرائعة التي قالها في حق والدته، لذا ومن خلال موقع إيزيس سوف نتناول كل ما يخصها تزامنًا مع اقتراب عيد الأم، والذي يحلو معه قراءة أروع الأشعار التي مهما كثرت لن توفيها حقها على الإطلاق.
شعر نزار قباني عن الأم
يقول الله تعالى في سورة الإسراء الآية رقم 23“ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا“
فللأم عظيم الفضل الذي لا يمكن نسيانه أو نكرانه، فحتى عندما ترحل الأم عن عالمنا، يظل طيب أثرها هو رفيقنا في الدنيا إلى أن يمن الله علينا ونلتقي مجددًا في الحياة السرمدية.
فقد استطاع الشاعر أن يجسد لنا تلك المعاني الرائعة من خلال شعر نزار قباني عن الأم، ولكن قبل أن نتناوله، دعونا نتناول نبذة قصيرة عن حياة الشاعر.
فهو نزار بن توفيق القباني، والذي ولد في عام 1923 م، ووفاته المنية في عام 1998، هو الدبلوماسي، والشاعر الذي نشأ في سوريا، والجدير بالذكر أن ولادته كانت في تاريخ 21 مارس، وهو تاريخ عيد الأم، ويالها من صدفة تثير العجب.
فعلى الرغم من حبه الشديد إلى أمه، إلا أنه لم يلقي لنا شعر نزار قباني عن الأم إلا بعد أن انتقلت إلى جوار ربها، وفي حقيقة الأمر لا يمكننا قول إننا ندرك الحقائق باكرًا وأمهاتنا تجلس أمامنا، فهو أمر غير صحيح على الإطلاق.
لكن استكمالًا للحديث عن نزار قباني قبل أن نتعرف على تلك القصيدة الرائعة التي قالها في حق والداته، علينا أن نعرف أن نزار قباني من أسرة لا يُستهان بقدرها، الجدير بالذكر أن جده
أبو خليل القباني، وهو أحد رواد المسرح العربي، كما أنه قد درس في كلية الحقوق بجامعة سوريا وتخرج فيها عام 1945، ومنذ ذلك الحين انخرط في الكثير من الأعمال كونه التحق بالسلك الدبلوماسي فور التخرج، مما كان سببًا في اغترابه عن والدته.
فهو الأمر الذي دفعه لكتابة شعر نزار قباني عن الأم، وهو الأمر الذي يؤكد أننا لا نشعر بقيمة الأشخاص إلا في حالة فقدانهم، فما بال الأمر لو كان ذلك الشخص هو الأم، أي أغلى من لدينا في هذه الدنيا.
قدم نزار استقالته للهيئة الدبلوماسية، وذلك في عام 1966 كي يتفرغ إلى الأعمال الكتابية، حيث نشر العديد من الدواوين في فترة ليست بقصيرة، فقد قام بنشر 35 ديوان خلال خمسين عامًا، لكن من أبرز ما قام بقوله هو ما جاء في القصيدة الرائعة التي قالها عن الأم، والتي سنتعرف عليها من خلال الفقرات التالية.
تعرفي أيضًا على: شعر عن الأم مكتوب بالعامية المصرية لعيد الأم
قصيدة خمس رسائل إلى أمي
من أفضل القصائد التي من الممكن أن تستمتع بقراءتها أو الاستماع إليها كونها، على الرغم من كونها حزينة، حيث تعبر عن افتقاد الأم والاشتياق إليها، إلا أن نزار قباني قد أوضح من خلالها الكثير من المشاعر الفياضة، لذا دعونا نتعرف على أبياتها الرائعة من خلال ما يلي:
صباحُ الخيرِ يا حلوة
صباحُ الخيرِ يا قدّيستي الحلوة
مضى عامانِ يا أمّي
على الولدِ الذي أبحر
برحلتهِ الخرافيّة
وخبّأَ في حقائبهِ
صباحَ بلادهِ الأخضر
وأنجمَها، وأنهُرها، وكلَّ شقيقها الأحمر
وخبّأ في ملابسهِ
طرابيناً منَ النعناعِ والزعتر
وليلكةً دمشقية
أنا وحدي
دخانُ سجائري يضجر
ومنّي مقعدي يضجر
وأحزاني عصافيرٌ
تفتّشُ –بعدُ- عن بيدر
عرفتُ نساءَ أوروبا
عرفتُ عواطفَ الإسمنتِ والخشبِ
عرفتُ حضارةَ التعبِ
وطفتُ الهندَ، طفتُ السندَ، طفتُ العالمَ الأصفر
ولم أعثر
على امرأةٍ تمشّطُ شعريَ الأشقر
وتحملُ في حقيبتها
إليَّ عرائسَ السكّر
وتكسوني إذا أعرى
وتنشُلني إذا أعثَر
أيا أمي
أيا أمي
أنا الولدُ الذي أبحر
ولا زالت بخاطرهِ
تعيشُ عروسةُ السكّر
فكيفَ فكيفَ يا أمي
غدوتُ أباً
ولم أكبر؟
صباحُ الخيرِ من مدريدَ
ما أخبارها الفلّة؟
بها أوصيكِ يا أمّاهُ
تلكَ الطفلةُ الطفله
فقد كانت أحبَّ حبيبةٍ لأبي
يدلّلها كطفلتهِ
ويدعوها إلى فنجانِ قهوتهِ
ويسقيها
ويطعمها
ويغمرها برحمتهِ
وماتَ أبي
ولا زالت تعيشُ بحلمِ عودتهِ
وتبحثُ عنهُ في أرجاءِ غرفتهِ
وتسألُ عن عباءتهِ
وتسألُ عن جريدتهِ
وتسألُ –حينَ يأتي الصيفُ–
عن فيروزِ عينيه
لتنثرَ فوقَ كفّيهِ
دنانيراً منَ الذهبِ
سلاماتٌ
سلاماتٌ
إلى بيتٍ سقانا الحبَّ والرحمة
إلى أزهاركِ البيضاءِ فرحةِ “ساحةِ النجمة“
إلى تختي
إلى كتبي
إلى أطفالِ حارتنا
وحيطانٍ ملأناها
بفوضى من كتابتنا
إلى قططٍ كسولاتٍ
تنامُ على مشارقنا
وليلكةٍ معرشةٍ
على شبّاكِ جارتنا
مضى عامانِ يا أمي
ووجهُ دمشقَ،
عصفورٌ يخربشُ في جوانحنا
يعضُّ على ستائرنا
وينقرنا
برفقٍ من أصابعنا
مضى عامانِ يا أمي
وليلُ دمشقَ
فلُّ دمشقَ
دورُ دمشقَ
تسكنُ في خواطرنا
مآذنها تضيءُ على مراكبنا
كأنَّ مآذنَ الأمويِّ
قد زُرعت بداخلنا
كأنَّ مشاتلَ التفاحِ
تعبقُ في ضمائرنا
كأنَّ الضوءَ، والأحجارَ
جاءت كلّها معنا
أتى أيلولُ يا أماهُ
وجاء الحزنُ يحملُ لي هداياهُ
ويتركُ عندَ نافذتي
مدامعهُ وشكواهُ
أتى أيلولُ أينَ دمشقُ؟
أينَ أبي وعيناهُ
وأينَ حريرُ نظرتهِ؟
وأينَ عبيرُ قهوتهِ؟
سقى الرحمنُ مثواهُ
وأينَ رحابُ منزلنا الكبيرِ
وأين نُعماه؟
وأينَ مدارجُ الشمشيرِ
تضحكُ في زواياهُ
وأينَ طفولتي فيهِ؟
أجرجرُ ذيلَ قطّتهِ
وآكلُ من عريشتهِ
وأقطفُ من بنفشاهُ
دمشقُ، دمشقُ
يا شعرًا
على حدقاتِ أعيننا كتبناهُ
ويا طفلاً جميلاً
من ضفائره صلبناهُ
جثونا عند ركبتهِ
وذبنا في محبّتهِ
إلى أن في محبتنا قتلناهُ
تعرفي أيضًا على: قصيدة صعيدية عن الأم
شرح قصيدة صباح الخير يا حلوة نزار قباني
من خلال قراءتنا لأبيات شعر نزار قباني عن الأم، لا بد وأن انتابت قلوبنا القشعريرة وأصابها الحزن، خاصةً من عاش المشاعر ذاتها ولم تسنح له الفرصة بقضاء وقتًا إضافيَا مع أمه، حيث حان وقت الرحيل.
فتلك القصيدة الرائعة قام بكتابتها الشاعر القوي النبيل بعد أن توفيت أمه بعامين، وقد أهداها إليها بمناسبة حلول عيد الأم، فقد جعل منها رسائل شوق وحب فياض لا يمكنه أن يخفيه، أو أن يرحل برحيل أمه، حيث تذكر في تلك القصيدة العديد من الأمور التي طالما أسعدته في ظل وجود أمه الحنونة.
كما احتوت القصيدة على الكثير من مواطن الجمال العربية الرائعة، فتكوينها العذب، ومفرداتها المستساغة، جعلتها تتربع على عرش القصائد العربية التي من الممكن أن تقال بحلول تلك المناسبة الجميلة.
تعرفي أيضًا على: قصيدة عن الأم باللغة العربية الفصحى
للأم الفضل العظيم الذي لا يمكننا نكرانه على الإطلاق، أو حتى نسيانه بعد وفاتها، سواء أكان مر على ذلك الحدث عامًا، عامين، أو عقد بأكمله.
تابعنا على جوجل نيوز