حكم تجنيد النساء في الجيش وخدمات حراسة الحرم

على الرغم من أن دول شبه الجزيرة العربية قديمًا كان من المعروف عنهم تهميش دور المرأة في المجتمع، إلا أن في الآونة الأخيرة أشادت دول كثيرة بتأثيرهنّ الكبير في النهوض بالحركة الاقتصادية والسياسية للبلاد، ولا سيما المملكة العربية السعودية؛ حيث منحتهنّ حق التجنيد في الجيش، ولكن ما هو حكم ذلك؟ هذا ما نوافيكم إيّاه من خلال موقع إيزيس.

تجنيد النساء في الإسلام

على الرغم من المكانة العالية التي وضعها الإسلام للمرأة إلى ان هناك بعض الأحكام التي تبدو في ظاهرها حجرًا على حريتها، ولكن في الحقيقة قد شرعها الله لحمايتها وإنصافها، ومن تلك الأحكام هو حكم تجنيد المرأة في الإسلام.

سمح الكثير من العلماء بتجنيد النساء في الجيش والخدمات الوطنية العامة مثل التمريض والمساعدات الإدارية في الجيش، والمؤسسات المدنية، كما أن عمل المرأة في الخدمة العسكرية أو المدنية لخدمة المجتمع مراعاة مبادئ الشريعة الإسلامية لا تحريم فيه من جمهور الفقهاء ولا يعد تشبهًا بالرجال.

لكن أكد الفقهاء على التزام المرأة أو الفتاة بالزي الشرعي المتمثل في الحجاب الشرعي، كما يتوجب عليها الابتعاد عن الاختلاط في العمل والحديث مع الرجال الأجانب خارج نطاق العمل.

عليها أيضًا أن تتحرى الملابس النسائية الشرعية، ولا يجب على المرأة المسلمة ان ترتدي زيًا رجاليًا لأن في هذا تحريم مع الحذر من الخلوة المحرمة، ومراعاة تجنب التبرج كما جاء في كتاب الله تعالى: “وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى” (الأحزاب: 33).

لا بُد مراعاة غض البصر كما علمنا ديننا الحنيف “وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ” (النور: 31).

الحذر من جميع ما يجعل المرأة تشبه الرجل كما علمنا خير معلم سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام حين قال (لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال) رواه أحمد وأصل الحديث في البخاري.

تعرفي أيضًا على: المرأة الأوكرانية بين التجنيد التطوعي والاستغلال الجنسي

حكم تجنيد النساء عند ابن الباز

في رأي الشيخ ابن الباز لا يجوز تجنيد المرأة في العمل العسكري لأنها لا تتحمل أمور القتال وكان يعطى لها في التاريخ الإسلامي مهامًا مساعدة مثل سقاية المقاتلين وعلاجهم.

كما أن تلك الأعمال لا تنقص من شأنها وإنما يجعلها تحصل على نفس الأجر والثواب الذي كتبه الله للمقاتلين ولأن الاعمال بالنيات، حيث سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها رسول الله عن وجوب جهاد المرأة قال رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام (نعم، هو جهاد لا قتال فيه، وحج وعمرة).

قد استنبط الفقهاء من هذا الحديث أن الجهاد أو العمل العسكري إذا كانت المشاركة لمنفعة المسلمين فيجوز، بما يتناسب مع طاقتها ولدينا العديد من الأمثلة التاريخية عن مشاركات النساء في الغزوات والمعارك.

حكم دخول المرأة في الجيش عند ابن عثيمين

نظرًا لكثرة التساؤل حول هل يجوز تجنيد النساء، أجاز العالم الجليل ابن عثيمين التحاق المرأة بالجيش لكن وفق عدة شروط هامة، التي تأتي من مبادئ الشريعة الإسلامية وإذا تطلب العمل العسكري التخلي عن مبادئ الإسلام مثل خلع الحجاب أو ارتداء الملابس الذكورية فلا يجوز.

مشاركات المرأة المسلمة في المعارك التاريخية

ظهر دور الصحابيات في غزوة أحد بشكل بارز في سقاية الجيش كذلك دور التمريض ومداواة الجرحى، وفي كثير من الأحيان حملن السلاح في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم لاسيما بعد ما وقع من اختلال في نظام الجيش المسلم في غزوة أحد أظهرت الصحابيات شجاعة وثبات في مواجهة تلك الأزمة.

1- الصحابية أم عمارة

كان للصحابية الجليلة نُسيبة بنت كعب الخزرجية المازنية الشهيرة بأم عمارة، رضي الله عنها وأرضاها، دورًا بالغ الأهمية في معركة أحد حيث خرجت مع مجموعة من الصحابيات للمساعدة في إسعاف الجرحى وسقاية العطشى.

عندما اختل توازن الجيش المسلم في أحد نتيجة عدم الالتزام بأوامر الرسول تم حصار النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، كانت هناك قلة من الصحابة الأجلاء يدافعون عنه.

فبدأوا بالزود عنه وعمل جدار بشري لتلقي الضربات بدلًا منه ولكن الأمر كان في غاية الصعوبة واشتدت الخطورة على حياة النبي، أصيب رسول الله، في هذه الموقعة إصابات شديدة حيث يروى انه قد فشُج وجهه الشريف المبارك، وسالت دمائه الزكية، كما كسرت رَباعِيته.

فما كان من أم عمارة إلا أن تناولت سيفاً ودرعًا، وهرعت لحماية رسول الله والزود عن راية الإسلام وكأنها مقاتلة متمرسة أقوى من أعتى الرجال.

حيث تمكنت من اختراق المَيدان دون خوف متجهة إلى النبي، لخوض غمار المعركة مثل الرجال، وكانت مبارزتها بالسيف علامة في التاريخ الحربي الإسلامي.

تعرفي أيضًا على: مواكبة للتحديات المجتمعية.. المرأة السعودية تحقق الريادة في مجالات شتى

2- خولة بنت الأزور

اصطحب الصحابي الجليل ضرار ابن الأزور أخته (خولة) معه ضمن القوات المقاتلة المسلمة إلى بلاد الشام، لأن سيف الله المسلول خالد بن الوليد قد اختاره قائداً على جيش قوامه خمسة آلاف مقاتل لإعجابه الشديد به حيث كان يعرف عن ضرار أنه رجل لا يخشى الموت.

الشهير عن تلك المعركة أن المسلمين كانوا أقل عدداً من الروم، لكنهم أكثر إيماناً، عندما اشتد الوطيس تم أسر القائد ضرار واهتز توازن الجيش المسلم، وأصبح الأمر أكثر صعوبة.

فما كان من خولة إلا أن تركت موقعها في الصفوف الخلفية للسقاية والتمريض وركبت فرسًا وتقدمت الصفوف في لمح البصر للذود عن دينها وتحرير أخاها، أخذت هذه الشخصية البطولية التاريخية على نفسها عهدًا أن تعيد أخاها ضرار إلى قائمة الأحرار.

ظلت خولة تقاتل بشجاعة منقطعة النظير متشحةً بالسواد فترمي بالرمح تارة وتضرب بالسيف تارةً أخرى وجنود الجيشين يتعجبون من أمر هذا الرجل الملثم المغوار.

استمرت في القتال حتى استردت أخاها من الأسر واستتب الأمر للمسلمين حتى أنا خبر ما فعلته في المعركة قد وصل إلى خالد بن الوليد وأعجب بشجاعتها إعجابًا شديدًا.

هل يجوز تجنيد النساء في الحرم المكي

الشيخ صالح الفوزان هو فقيه كبير في المملكة العربية السعودية كما أنه عضو في هيئة كبار العلماء، وكانت له عدة آراء هامة في شأن تجنيد المرأة عامة وفي الحرم المكي خاصةً.

قال الشيخ ابن الفوزان يجوز للمرأة أن تعمل في الشرطة أو حراسات الأماكن المقدسة عند الحاجة واقتضاء ضرورة، إذا دعت الحاجةُ إلى تجنيد النساء في الحرم المكي فلا حرج دون الوقوع في أي مخالفات دينية أو أخلاقية، أو تقصير في واجبات بيتها وأولادها.

يفضل ألا تدخل المرأة في الأعمال القاسية التي تتعارض مع طبيعتها الأنثوية حماية لها، والأفضل أن تقوم المرأة بالمشاركة في الأعمال الإدارية أو الخدمات الصحية التي تتناسب مع استعدادها التدريبية بدنيًا وذهنيًا ونفسيًا.

تعرفي أيضًا على: حقوق المرأة في الإسلام

شروط تجنيد النساء في الحرم

عندما سمح علماء الدين بتجنيد المرأة وعملها في مجال الحراسات والخدمات في الحرم كان الهدف من ذلك إعطاء الحرية على المرأة والتيسير من أمر العمل، وتوفير العمالة الخدمية المطلوبة في الحياة الوظيفية في المملكة، لذلك يجب مراعاة الحدود التي وضعتها الشريعة الإسلامية حتى يصح تشريع الحكم.

  • لا يجوز عمل النساء كضابطات لأن الأصل في الشريعة أن المرأة يجب أن تبقى لأن ذلك يتعارض مع أنوثتها كما أن القوامة في الإسلام للرجل.
  • الحفاظ على الآداب العامة في الحديث مع الرجال ولا تكون المخالطة إلا في شؤون العمل فقط.
  • لا يجوز تجنيد النساء بصورة حتمية او إجبارية لان في ذلك الكثير من الظلم للمرأة، ويجبرها ذلك على التخلي عن مسؤولياتها الأساسية في بيتها.
  • لا يجب أن تنقطع المرأة عن الأهل أو تقصر في حق زوجها وأولادها.
  • لا يصح ان تظل المرأة خارج منزلها لفترات طويلة أو تبيت أياما خارج البيت.
  • لا يصح للمرأة المجندة أن تسافر دون زوج او أخ أو أب ولا يصح الاختلاط مع رجال آخرين في السفر.

عندما يتم تحريم الشرع بعض الأعمال على المرأة لا يكون الهدف من الحكم هو كبت الحرية وإنما الحفاظ على كرامة المرأة واحترامها وبغرض الإنصاف لها.

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة
اترك تعليقا