حكم البقاء مع الزوج الشاذ
حكم البقاء مع الزوج الشاذ من الأحكام الدينية التي تدخل في بند الأمور الشائكة، فالتشريعات التي تخص الزواج والطلاق لا تشكيك فيها، ولا تقبل الجدال أو التعديل، لذا من الضروري على المرأة أن تتعرف على كافة الجوانب لذلك الأمر، من ذلك المنطلق كان حري بموقع إيزيس أن يسلط الضوء على حكم استمرار الزواج من رجل شاذ، وذلك عبر السطور التالية.
حكم البقاء مع الزوج الشاذ
يقول الله تعالى في محكم التنزيل:“وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ * وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ” سورة الأعراف الآيات من 80 إلى 83
فلا شك أن شذوذ الزوج من الأمور التي تصعب على المرأة استيعابها في الكثير من الأحيان، ويحق لها في تلك الحالة أن تطلب منه الطلاق، ولا تكون آثمة لذلك، فهو يقوم بفعل قوم لوط الذين لعنهم الله عز وجل وعذبهم عذابًا أليمًا.
لكن يوجد القليل من الزوجات قد تكون على علم بأمر زوجها، إلا أنها فضلت البقاء معه، فما حكم البقاء مع الزوج الشاذ؟ إن كانت الزوجة قد استمرت من أجل الإصلاح من أمره، من منطلق أن تنال عظيم الأجر والثواب، فإنها تؤجر على ذلك ولا تكون آثمة على الإطلاق.
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية سهل بن سعد الساعدي:“ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ( لَأُعطِيَنَّ الرَّايةَ غدًا رجُلًا يفتَحُ اللهُ على يدَيْهِ ) قال: فبات النَّاسُ ليلتَهم أيُّهم يُعطاها فلمَّا أصبَح النَّاسُ غدَوْا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلُّهم يرجو أنْ يُعطاها فقال: ( أين علِيُّ بنُ أبي طالبٍ ؟ ) قالوا: تشتكي عيناه يا رسولَ اللهِ قال: فأرسِلوا إليه فلمَّا جاء بصَق في عينَيْهِ ودعا له فبرَأ حتَّى كأنْ لَمْ يكُنْ به وجَعٌ وأعطاه الرَّايةَ فقال علِيٌّ: يا رسولَ اللهِ أُقاتِلُهم حتَّى يكونوا مِثْلَنا ؟ قال: ( انفُذْ على رِسْلِك حتَّى تنزِلَ بساحتِهم ثمَّ ادعُهم إلى الإسلامِ وأخبِرْهم بما يجِبُ عليهم مِن حقِّ اللهِ فيه فواللهِ لَأنْ يهديَ اللهُ بكَ رجُلًا واحدًا خيرٌ لكَ مِن أنْ يكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ )” (صحيح).
فالله عز وجل يعلم أن أمر الإصلاح من أي من الأشخاص ليس بسهل على الإطلاق، لذا فإنه يجزي به خير الجزاء.
أما إن كان بقاءها معه من أجل البيت والأولاد على أن يبقى على حاله، فإنها في تلك الحالة تبقى على بلاء وضرر بالغ وهنا يكون التفريق بينهما أولى، فلا يجوز لها أن تلقي بنفسها في تلك التهلكة طالما لا يرجى الإصلاح من شأنه.
تعرفي أيضًا على: حكم عمل الغمازات الوجه
كيفية الإصلاح من الزوج الشاذ
بعد أن تعرفنا على حكم البقاء مع الزوج الشاذ، وفي حالة إن رغبت الزوجة في المكوث معه، فإن عليها في تلك الحالة أن تقوم بما يلي:
أولًا: الوعظ باللين
يقول الله عز وجل في كتابه الكريم في سورة النحل الآية رقم 125“ ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ“
فعندما تقوم المرأة بوعظ زوجها عليها أن تدعوه باللين وليس العنف، فإنه في تلك الحالة سوف يرق قلبه ويستجيب.
لكن التعنيف، والكلمات السلبية من شأنها أن نتفر الزوج وتجعله في رغبة دائمة للقيام بتلك الأعمال المحرمة كونه لا يشعر أن له قيمة إلا أثناء تلك الممارسات الشنعاء.
ثانيًا: الدعاء له بالهداية
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:” لا يردُّ القدرَ إلا الدعاءُ ، ولا يزيدُ في العمرِ إلا البرُّ ، وإنَّ الرجلَ لَيُحرَمُ الرزقَ بالذنبِ يُصيبُه” رواه ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما أن الله عز وجل قد ذكر الدعاء في العديد من المواضع القرآنية، ذلك لكونه من الأمور التي تصلح من شأن المدعو له، وترشده إلى طريق الخير والهداية.
لذا فعلى الزوجة الصالحة أن تصبر على الزوج وتدعو الله عز وجل له ليل نهار، وألا تمل أن أن تستأخر الاستجابة، فهي لا تدري لعل الله يحدث أمره بين ليلة وضحاها، كما عليها أن تدعو ربها أن يرزقها مزيدًا من الصبر كي تتحمل ما هي عليه إلى أن يقلع عما يقوم به.
تعرفي أيضًا على: حكم زواج الرجل على زوجته بدون سبب
ثالثًا: الإرشاد غير المباشر
في سياق التعرف على حكم البقاء مع الزوج الشاذ يجب على المرأة أن تعلم أنه هناك العديد من الرجال لا يودون البقاء مع المرأة التي لا تكف عن الموعظة، سواء أكان ذلك باللين أم غيره.
لذا على الزوجة حينها أن تتبع سبيل آخر للقيام بذلك، مثلًا أن تقول للزوج: سمعت اليوم الشيخ الفلاني وهو يحذر من الكثير من الأمور من أجل استمرار الحياة على وتيرة حسنة، ألا أنها قد تظن في تلك الحالة أنها تقوم بالكذب، لكن في حقيقة الأمر في تلك الحالة يكون الكذب مباحًا، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
” ما سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرخِّصُ في شَيءٍ من الكَذِبِ إلَّا في ثَلاثٍ، كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا أعُدُّه كاذبًا، الرَّجُلُ يُصلِحُ بيْنَ النَّاسِ، يقولُ القولَ ولا يريدُ به إلَّا الإصلاحَ، والرَّجُلُ يقولُ في الحَربِ، والرَّجُلُ يُحدِّثُ امرأتَه، والمرأةُ تُحدِّثُ زَوجَها” صحيح روته أم كلثوم بنت عقبة.
رابعًا: التودد والتقرب إليه
إن كانت الزوجة تحبه كثيرًا عليها أن تقف إلى جواره ولا تتركه يهلك في تلك الأمور التي حرمها الله عز وجل، كذلك عليها أن تتودد إليه وتشعره بأنه غير منبوذ، فتبقى إلى جواره تعد له الطبيات، تطيعه وتتقرب إليه بالمودة والرحمة.
ففي تلك المرحلة يكون الزوج مصابًا بما يكفي من الاضطرابات، فعلى الزوجة أن تستوعب الأمر، طالما هي من قررت الاستمرار من أجل الإصلاح من شأنه، فالأمر ليس سهلًا على الإطلاق، لكنه سيعود عليها بالخير المؤكد بإذن الله تعالى كما رأينا في حكم البقاء مع الزوج الشاذ.
تعرفي أيضًا على: حكم زواج الرجل على زوجته بدون رضاها
خامسًا: اللجوء إلى العلاج النفسي
الكثير من حالات الشذوذ تحتاج إلى أن يلجأ الشخص إلى الطب النفسي، وفي تلك الحالة على المرأة أن تحاول قدر المستطاع إقناع الزوج مرارًا وتكرارًا إلى أن يستجيب لها ويذهب معها بكامل رغبته، فإرادته في تلك الحالة هي التي ستدعمه في الاستمرار على معالجة الأمر إلى أن يمن الله عليه من فضله ويتوب عليه ليعود إلى صوابه.
على الرغم من أن إثم الشذوذ ليس بهين على الإطلاق، إلا أن الله عز وجل يغفر للتوابين ويبدل سيئاتهم حسنات، فعلى كلا الزوجين ألأ ييأسا من رحمته جل في علاه إن أرادا إصلاحًا.
تابعنا على جوجل نيوز