حديث المرأة المترجلة
حديث المرأة المترجلة يعد شرحه وصوره من الابتلاء الذي أصاب شباب وبنات الأمة العربية ككل، وأخبر الصادق الأمين عن هذا الصنف من النساء منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا.
لذلك في السطور القادمة عبر موقع إيزيس سنعرض لكم حديث المرأة المترجلة، وشرح كبار علماء الأمة للحديث في مختلف العصور، وحكم من يقوم بالتشبيه في الإسلام.
حديث المرأة المترجلة
خلق الله سبحانه وتعالى بني آدم على جنسين، جعل منهم الرجال، وجعل لهم دور في الحياة يختلف عن النساء، فلهم العمل ورعاية الأسرة ككل، وخلق الله سبحانه وتعالى النساء وجعل لهم أسلوب حياة مختلف عن الرجال.
فهن المختصات بتربية الأبناء، ومراعاة أمور البيت، ولا يحق لصنف أو نوع أن يجور على هيئة الآخر سواء في طريقة اللبس، أو أسلوب الحديث، أو في نمط المشي وما يشابه ذلك.
فلا يحق للمرأة أن تجعل من صوتها رخيمًا خشنًا بإرادتها محاولة منها لتقليد الرجال، ولا يحق لهن أن يرتدين البنطلونات، أو القمصان ذات الطابع الرجالي، مثلما لا يحق للرجال أن يرتدوا التنورة أو الحلي المذهبة أو الحرير.
من شدة وعِظم هذا الأمر جعل الله سبحانه وتعالى لمرتكبة أو مرتكب هذه الفعلة في حديثين عن المرأة المسترجلة، كلاهما من رواية عبد الله بن عباس، الأول أخرجه الألباني برقم 5103 في صحيح الجامع
“لعن اللهُ الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرجالِ، والْمُتَرَجِّلاتِ منَ النساءِ“.
أما الحديث الثاني فأخرجه الغمام البخاري في صحيحه برقم 5885
“لَعَنَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ، والمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجَالِ“.
اللعن في لسان العرب يعني الطرد من رحمة الله سبحانه وتعالى فجاء في سورة المائدة في الآية الستين بيان لمن لعنه الله
(قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ).
أما عن سبب اللعن فلأن من ذُكر في حديث المرأة المترجلة يغير في خلقة الله سبحانه وتعالى التي فطر الإنسان عليها، ولا تبديل لخلق الله، وهو من المعاصي التي من عظمتها الطرد من رحمة الله.
تعرفي أيضًا على: حديث المرأة المتعطرة
الأئمة الأربعة وشرحهم لحديث المترجلات من النساء
قضية حديث المرأة المترجلة شغلت الأمة الإسلامية في عديد الأزمنة المختلفة وفي العصر العباسي على وجه الخصوص، وبسبب وجود الأئمة الأربعة في الدولة العباسية وتعرضهم لهذه المسألة سنعرض لكم أقوال جمهور علمائهم.
المذهب الشافعي والمرأة المسترجلة
جاء في قول الشافعية أن هذا الفعل سواء أكان مفتعله ذكرًا متشبهًا بالنساء، أو أنثى وتشبهت بالرجال عن عمد، هو كبيرة من الكبائر التي قد يقع فيها المسلم، وهو مسخ لحقيقة الأمة، وانحطاط لما في حياته من عِزة وكرامة.
كما جاء عند الشافعية أن الأولى إخراج هؤلاء الصنف من الناس رجلاً أو نساء من البيوت، والشاهد ما رواه ابن عباس عن رسول الله وأخرجه البخاري في صحيحه برقم 6834 في حديث رسول الله الذي في معناه.
أن الله عز وجل قد لعن المتشبهين بالنساء من الرجال، والمتشبهين بالرجال من النساء، وأخرج رسول الله أحدًا، وأخرج الفاروق عمر أحدًا.
المرأة المسترجلة في مذهب مالك
جاء في مذهب المالكية إن كان الصبي أو الفتاة ظهر عليه في صغر سنه علامات الميول بالتشبه بالجنس الآخر في الرأي أو المعرفة، يحجر عليه، ولا ينفك عنه الحجر إلا حين البلوغ، مخافة فسادهما، أو فساد سائر المجتمع.
المرأة المترجلة عند الحنابلة
جاء في شرح زاد المستقنع أن الله سبحانه وتعالى قد لعن المخنثين والمترجلات، بل ونفي أية نوعٍ منهما، وذُكر في الكتاب نفي نصر بن حجاج الذي افتعل فتنة في المدينة، وهذا النفي في الإسلام يسمى بنفي العقوبة.
قد قُسم النفي إلى نفي العقوبة بالنسبة للزاني والمخنث والمترجلة، أو نفي الحرابة “قاطعو الطريق”.
تعرفي أيضًا على: حديث المرأة التي طلبت الطلاق
المرأة المترجلة عند علماء السلف الصالح
علماء السلف الصالح منهم من عاصر أحد الأئمة الأربعة أو التابعين، وفسروا حديث المرأة المترجلة، وبينوا الحدود التي تقام على مرتكب تلك الفعلة.
شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية يوضح المرأة المترجلة، فأورد في “مجموع الفتاوى المجلد الثالث الصفحة رقم 476″، أن المخنث والمترجلة مثلهما كمثل من يقوم بفعل قوم لوط، وفي أغلب الأحيان يكون المخنث والمترجلة متلوطين.
فكيف لرجلٍ أن يأتي امرأة وقد غير من هيئته التي خلقه بها الله سبحانه وتعالى، وحول مسار حياته أن يكون محل المرأة، وذكر ابن تيمية أن المرأة المترجلة والمخنث يعدان في حكم الزناة.
فإن تزوجا يكونا زانٍ متزوج لزانية مثل ما جاء في الآية الثالثة من سورة النور
(الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ).
أما ابن القيم -رحمه الله- فقال إن ترجل المرأة وتخنث الرجل من الكبائر، ويحق للمرأة أن تتزين بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية أو مع أنوثتها، فيحق لها ثقب أذننها للحلي، ويحق لها لبس الحرير، والذهب للزينة من دون الرجال.
فإن لبس الرجل الحرير أو الذهب قد تشبه بالنساء، أما الطبراني فقد ذكر أن امرأة مرت على رسول الله، وهي متقلدة للقوس، والأقواس مما يستعمله الرجال دون النساء، فلعنها رسول الله لتشبهها بالرجال.
ابن عثيمين وابن باز وشرحهما للحديث
اثنين من كبار علماء الأمة الإسلامية في العصر الحديث، وهما الشيخان محمد بن صالح آل عثيمين والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمهما الله، وقد تعرض الشيخين إلى حديث المرأة المترجلة، كونهما عاصرا هذه الفتنة في العصر الحديث.
قال الشيخ ابن عثيمين في جميع الفوائد باب تحريم النظر إلى أجنبية، وقد خلق الله سبحانه وتعالى الرجال والإناث، وجعل لكلٍ منهما خاصية وميزة، فمن حاول أن يجعل النساء مثل الرجال أو العكس فقد حاد الله في شرعه.
لحكمة الله سبحانه وتعالى لما خلق وما شرع، من تشبهت بالرجال ملعونة، ومن تشبه بالنساء فهو ملعون، فإذا تشبه الرجل كالمرأة في الكلام أو اللبس أو في مشيته فهو ملعون بقول رسول الله.
أما صور تشبه المرأة للرجل، إن لبست ما يلبس الرجل أو تكلمت كما يتكلم الرجل، فإن فعلت فحقت عليها لعنة رسول الله.
الشيخ عبد العزيز بن باز ذكر في فتاوى نورٌ على الدرب، أن ما جاء في حديث رسول الله باللعنة للمتشبهات بالرجال كان من باب الوعيد والتحذير، ولا يجوز للرجل أن يتشبه بامرأة أو بكافر، ولا يجوز للمرأة أن تتشبه بالرجل أو بكافرة.
لا في الزي أو في الكلام أو في طريقة المشي، ومن فعل قد يسلم من العقوبة إن تاب إلى الله سبحانه وتعالى ورجع إليه، وندم على ما فعله، سواء أكان المرتكب رجلاً أم أنثى، فالله تواب رحيم.
تعرفي أيضًا على: حديث المرأة الملساء
ما قاله العلماء المعاصرين في المترجلة
شاع تشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء في القرن الحالي، مما جعل علماء الأمة الإسلامية المعاصرين يعيدون تذكير المسلمين بحديث المرأة المترجلة.
كان من أبرز من تعرضوا لهذه المسألة الدكتور عمر عبد الكافي، أن سبب التشبه بالرجال، أو سبب التشبه بالنساء تكون بدايته من البيت والأسرة، وعرض الشكل الجديد من التشبه بالرجال بالنسبة للنساء في السيطرة على البيت.
فإن تحولت القيادة في البيوت من الرجل إلى المرأة، وقال الشيخ إن المرأة المذكرة ناقصة الأنوثة لنقص فيها، كما شبه الدكتور المرأة المذكرة بأنها مصابة بجنون الذكورة، ولا ينزع من المرأة قيادتها في البيت بالنسبة للأطفال.
فإن وجد الطفل أن أبيه قد تخلى عن صفات التذكير يصبح بلا هوية، وإن كانت الفتاة الصغير قد رأت أمها مجبورة الخاطر مقموعة قد تصبح حينما تكبر تصبح متحولة إلى أن تتشبه بالرجال.
أما الشيخ عزيز العنزي فقد ذكر أن تشبه الرجال بالنساء أو العكس هو أمر محرم، وهو كبيرة من كبائر الذنوب، سواء أكان التشبه في الأخلاق أو الصوت أو اللبس، كما ذكر الشيخ عثمان بن محمد الخميس، أن المخنثين في الشرع ثلاثة الذكر، والأنثى، والمشكل.
فالذكر هو رجل خلق الله ذا بعض الصفات الأنثوية، أما الأنثى فهي التي خلقها الله بصفات رجولية، والمشكل هو الذي توسط بين الذكر والأنثى، وهو المنتهي بعد تطور الطب، وإن كان خلق بالصفات المعاكسة لجنسه لا يلام عند الله.
خلقنا الله تعالى كلٌ على الجنس الذي أراد الله، لحكمة في خلقه سبحانه وتعالى، فإن تبديل الخلقة يعد معادة لإرادته سبحانه وتعالى، فحافظ على هويتك كي لا تأثم.
تابعنا على جوجل نيوز