السبب في الأحلام المزعجة بالرغم من قراءة الأذكار وما قاله عنها ابن القيم
تعتبر الأحلام المزعجة ظاهرةً غامضةً تشغل بال الكثير من الأشخاص، وخاصةً الذين يلتزمون بقراءة الأذكار والآيات القرآنية قبل النوم، في محاولة للتخلص من هذه التجارب السلبية.. إلا أنه يبدو أن هناك عوامل تجعل هذه الأحلام تستمر على الرغم من الجهود المبذولة.. سنقوم في هذا المقال بدراسة هذه الظاهرة الغامضة استنادًا إلى وجهة نظر ابن القيم، ونحاول فهم الأسباب وراء استمرار الأحلام المزعجة حتى بعد قراءة الأذكار.
السبب في الأحلام المزعجة بالرغم من قراءة الأذكار
قد أجمع العلماء أن الذكر قبل النوم يقي الإنسان من الأحلام المزعجة التي تؤرقه، فقد ورد في الحديث الذي رواه أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
“إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدقك وهو كذوب، ذاك شيطان.”
قال النبي في الحديث الشريف: …وآمركم بذكر الله كثيرًا، وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فتحصن فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله.”
فكون هذه الكوابيس مستمرة بالرغم من قراءة الأذكار، فما هو إلا دليل واضح على تلبس الشيطان؛ ليبين لك أن ذكرك لهذه الأحاديث هو السبب وراء الكوابيس المزعجة.
عند تكرار هذا الأمر فالشيطان يجعلك توقن أن السبب وراء ذلك هو الأذكار، ومن ثم تتجنب هذه الأذكار تدريجيًا، إلى أن تمتنع عنها تمامًا وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز:” وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا” {طه:124}.
توجد عدة أسباب أخرى تؤدي إلى حدوث الأحلام المزعجة بالرغم من قراءة الأذكار هي:
- انخفاض مستوى السكر في الدم أثناء النوم.
- شعورك بالحزن الشديد قبل النوم.
- مراودة بعض الأفكار السيئة أثناء النهار.
- ملء المعدة بالطعام قبل النوم مباشرةً.
- النوم على وسادة عالية وبطريقة غير مريحة.
- نومك وأنت في حالة من القلق والتوتر المستمر.
اقرأ أيضًا: أسباب الكوابيس في علم النفس
أقوال ابن القيم عن السبب في الأحلام المزعجة
تحدث الإمام ابن القيم عن الأحلام المزعجة التي تصيب الإنسان أكثر من مرة، فقال:
“ومن جرب هذه الدعوات والعوذ، عرف مقدار منفعتها، وشدة الحاجة إليها، وهي تمنع وصول أثر العائن وتدفعه بعد وصوله بحسب قوة إيمان قائلها، وقوة نفسه، واستعداده، وقوة توكله وثبات قلبه، فإنها سلاح، والسلاح بضاربه.”
قال في كتابه الجواب الكافي: “إن الأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح، والسلاح بضاربه لا بحده فقط، فمتى كان السلاح سلاحاً تاماً لا آفة به، والساعد ساعد قوي، والمانع مفقود، حصلت به النكاية في العدو، ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير، فإن كان الدعاء في نفسه غير صالح، أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدعاء، أو كان ثم مانع من الإجابة لم يحصل الأثر.”
هل الأحلام المزعجة علامة على وجود اضطرابات؟
الكوابيس أو الأحلام المزعجة بالرغم من قراءة الأذكار التي تصيب الإنسان، تحدث نتيجة لأسباب فسيولوجية أو نفسية وتكون منتشرة بين الأطفال غالبًا، ومن الممكن أن تستمر الكوابيس بتقدم العمر في بعض الحالات تكون الكوابيس ضمن الاضطرابات إذا:
- تكررت بشكل مستمر.
- ارتبطت نهايتها بالموت أو الوقوع من على حافة أو موضوعات مزعجة أخرى.
- كانت سببًا في استيقاظك من النوم.
- جعلتك لا تستطيع النوم مرة أخرى.
- شعرت بالتوتر والخوف والإصابة بالعرق الشديد أثناء النوم.
سمات الأحلام المزعجة
هناك بعض الخصائص التي يتميز بها الحلم المزعج، فلا يمكننا أن نطلق كلمة كابوس عليه إلا إذا توافرت فيه الشروط الآتية:
- يمكنك أن تقوم بتذكر الحلم بسهولة بعد الاستيقاظ مع تذكر جميع التفاصيل التي حدثت في الحلم.
- يحدث الحلم بالقرب من نهاية الوقت المخصص للنوم.
- يجعلك الحلم تشعر بارتفاع درجة حرارتك، والشعور بسرعة ضربات قلبك وأنت مستلق على السرير.
- تستيقظ من النوم ولا تستطيع مواصلة نومك مرة أخرى.
- تشعر بالخوف والقلق وعدم الاطمئنان.
- تقوم فكرة الحلم على تهديدك أو بقائك على قيد الحياة أو وقوعك من مكان مرتفع.
- أن يبدو الحلم وكأنه يحدث في الحقيقة.
اقرأ أيضًا: علاج الكوابيس المتكررة بالقرآن
ما يجب فعله إن رأيت كابوسًا
إذا كنت تستيقظ من نومك على كابوس مزعج، أو تعرضت للأحلام المزعجة بالرغم من قراءة الأذكار عند النوم، يجب اتباع ما يلي:
- الوضوء قبل النوم.
- الامتناع عن تناول الوجبات الدسمة ليلًا.
- المداومة على قراءة الأذكار.
- أن تتفل عن يسارك ثلاث مرات مع الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
في الحديث الشريف قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- “فإذا رأى أحدُكم ما يكرهُ فلينفثْ عن يسارِه ثلاثًا، وليتعوَّذْ باللهِ من شرِّ ما رأى ومن الشيطانِ، ثم ينقلبْ على جنبِه الآخرِ، فإنها لا تضرُّه.”
سنن الرسول قبل النوم
هناك بعض الأشياء التي يجب على المسلم البالغ العاقل القيام بها قبل النوم؛ تجنبًا للأحلام المزعجة، واتباعًا لسنة رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم-، ومن بعض هذه الأمور هي:
- القيام بالوضوء قبل النوم كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم.
- قراءة بعض آيات الذكر الحكيم مثل سورة الإخلاص، والمعوذتين وقراءة آية الكرسي، فعن السيدة عائشة: “ أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذا أخَذَ مَضْجَعَهُ نَفَثَ في يَدَيْهِ، وقَرَأَ بالمُعَوِّذاتِ، ومَسَحَ بهِما جَسَدَهُ.“
- التزام التسبيح والتكبير والاستغفار قبل النوم.
- قول دعاء الاستيقاظ من النوم فور القيام في اليوم التالي، وهو ما رواه البراء بن عازب ـ رضي الله عنهما ـ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم: إذا استيقظ من نومه قال: “الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أحْيَانَا بَعْدَ ما أمَاتَنَا، وإلَيْهِ النُّشُورُ.“
اقرأ أيضًا: رموز في المنام تدل على غضب الله
نصائح للتخلص من الأحلام المزعجة
بعد معرفة السبب في الأحلام المزعجة بالرغم من قراءة الأذكار وسنن رسولنا الكريم للتخلص من هذه الكوابيس، إليك بعض النصائح للتخلص تلك الأحلام ومنها:
- يجب على الشخص فور استيقاظه من النوم أن يقوم بتسجيل كل ما يتذكره من هذه الأحلام، وكتابة الشعور الذي كان يشعر به من خوف أو قلق أو حزن، فهذا يساعده في تحديد المشكلة التي يمر بها إذا استمرت هذه الأحلام المزعجة معه ولم تنتهي.
- عند استيقاظك بعد الحلم المزعج لا تُجبر نفسك على العودة للنوم مرة أخرى، بل قم بالمشي في أرجاء المنزل مع قراءة بعض الأذكار ثم عد للنوم مرة أخرى.
- بالرغم من الأحداث اليومية التي من الممكن أن تشعرك بالسلبية أثناء يومك، لكن عند النوم لابد من التخلص من جميع هذه الأفكار السلبية وخلق جو إيجابي قبل النوم.
ختامًا، يتضح أن هدف الشيطان الوحيد هو جعل العبد يبتعد عن ذكر الله ويضعف إيمانه. لذا، يتعين علينا أن نكون حذرين ومستمرين في قراءة أذكار النوم والتمسك بها بقوة. لا يجب علينا أن نسمح بأن يحقق الشيطان أي انتصار على نفوسنا، بل يجب علينا أن نثبت عزيمتنا في الحفاظ على ذكر الله والبقاء متمسكين بمبادئنا الدينية. بذلك، سنستطيع تجاوز الأحلام المزعجة والابتعاد عن تأثيراتها السلبية على حياتنا.
تابعنا على جوجل نيوز