إحساس البنت الوحيدة
إحساس البنت الوحيدة من الأحاسيس التي لا تتمكن الكلمات من وصفها بدقة بالغة، لكنني سأحاول قدر المستطاع أن أنقل إليكم ما أشعر به، فعلى الرغم من أنني قد وصلت إلى قرابة الثلاثينات، إلا أنني بين الحين والآخر أتألم من كوني وحيدة، لذا دعوني أسرد إليكم حكايتي وحكاية الكثير من الفتيات عبر موقع إيزيس.
إحساس البنت الوحيدة
منذ طفولتي وأنا أشعر أنه ثمة شيء ينقصني، ثمة يد أحتاج إلى أن أمسك بها، صغيرة كانت أم كبيرة، فأنا الطفلة التي لا ترغب في أن يكون مزاحها مع أخيها الذي يكبرها بأعوام ولا تشعر بالانتماء إليه فهو صبي لا يدرك مشاعرنا نحن الإناث.
إلا أن إحساس البنت الوحيدة في تلك الفترة لم يكن بالتفاقم الذي عاهدته في الكثير من الأحيان بعد ذلك، نعم كونت العديد من الصداقات الرائعة وأنا في سن صغير للغاية، ومنها ما استمر إلى الآن، لا أنكر أن الصديقات هن أروع ما في الوجود، إلا أن الأخت شيء آخر.
شيء تعجز الكلمات عن وصفه، فأنا أعتبر الوسادة هي أختي التي أبكي على صدرها كل مساء، أشكو لها من عدة أمور تكاد تفتك بقلبي في بعض الأحيان، ماذا لو أنه كان هناك أختًا لي؟ بالطبع كان سيهدأ روعي كثيرًا.
كنت سأغفو بين يديها في الكثير من الأحيان، كنت سأطلب منها العون والمشورة، كنت سأشعر أنه هناك من يمكنني أن ألقي بهمي على أعتابها دون أن تمل مني، تلك المشاعر لم يكن إدراكها سهل على الإطلاق.
كبرت قليلًا وبدأت في استيعاب أنني أخت ولدين، أو كما يقال الوحيدة على الأولاد، كنت أحاول أن أمرح معهما قليلًا، أقوم بالتحدث معهم في الكثير من جوانب الحياة، لكن هل يمكنني أن أقول لأي منهما أنني أشعر بالإعجاب ناحية شخص ما؟ وهل هذا جيد أم سيء؟
نعم يمكنني أن أقول ذلك لصديقتي المقربة، لكن ما الذي لا يشعرني بالخوف من ذلك، أمن غير الممكن أن تقوم في يوم بمعايرتي بأي من الأسرار التي سردتها لها؟
تلك الأسئلة كانت تجوب بخاطري دائمًا، على الرغم من أن علاقتي بوالدتي آن ذاك كانت من أفضل العلاقات على الإطلاق، فأمي كانت المقربة إليَ، لكنها كانت مريضة، فلم أكن أريد أن أكون سببًا في المزيد من آلامها إن رأتني أبكي وهي لا تعلم ما الذي حل بي.
تعرفي أيضًا على: هل يمكن للرجل أن يتزوج امرأة لا يحبها
إحساس الفتاة الوحيدة بعد وفاة الأم
نالت الدنيا من قلبي حقًا عندما غادرتني أمي، تركتني بين إحساس البنت الوحيدة واليتيمة في آن واحد، وأعتقد من وجهة نظري أن اليتم ليس بفقد الأب أو الأم، فالجلوس بمفردنا يتم، ابتعادنا عن أهلنا يتم، عدم شعور الزوج بزوجته يتم، والكثير من الأمور من شأنها أن تندرج تحت ذلك المسمى.
فحينما جاءني الخبر لم أكن أعلم بأي حضن أرتمي، أحضانهم باردة لا يكادون يسمعون صراخ قلبي، فمن لي بعد أمي وأنا الفتاة الوحيدة الآن في المنزل، بل في العالم أجمع.
مشاهد ذلك اليوم لا تغيب عن عيني أبدًا، أذكر أنني كنت في العام الثاني الثانوي، أقف أمام المرآة أحاول أن أتحدث إلى نفسي وأقول لها سوف نكون بخير، فقد كنت أضمد جرحي بيدي وأدعو الله أن يربط على قلبي ويرزقني الثبات كي لا أجن من الوحدة، فما أقسى ذلك الإحساس.
الاحتفال بالنجاح في حياة البنت الوحيدة
دائمًا ما يختلف إحساس البنت الوحيدة في أي من المناسبات عن غيرها، حيث تشعر كأنها تبحث عن شيء قد فقد منها، فعلى الرغم من أنها لم ترزق الأخت، إلا أنها تنظر حولها دائمًا كأنها تنتظر مجيئها، ولا أنكر أنني كنت أبكي حين أرى أنه هناك أختين تحب كل منهما الأخرى وتسعى لإسعادها.
لم يكن الأمر اعتراضًا على قدر الله عز وجل، ولكنه من فرط اشتياقي إلى أن يكون هناك من تشعر بي وتحتويني وتضمد جراحي.
مرت الكثير من المناسبات السعيدة عليَ، كنت أرغب في أن أجهش بالبكاء من فرط ما أشعر به، فأنا أذكر يوم نجاحي وأنا أرى الكثيرين حولي يهنئونني، وأنا لا أشعر سوى باحتياجي إلى أختي كي تدعمني في ذلك اليوم.
لكن على صعيد آخر، لا يمكنني أن أقول سوى أن الله عز وجل قد من عليَ بالكثير من النعم التي لا تُحصى ولا تعد، ففي تلك الدنيا لكل منا كفل يأخذه كاملًا مكملًا لا ينقصه الله شيئًا.
إلا أن تلك المشاعر الفياضة أردت أن أشارككم بها، حتى لا تشعر الفتيات الوحيدات أنهن بمفردهن حتى في ذلك الأمر أيضًا، ولا يمكنهن التعبير عما يمر بخواطرهن، لذا دعوني أكمل معكم قصتي التي تعبر عن إحساس البنت الوحيدة طوال حياتها.
تعرفي أيضًا على: صمت المرأة يقتل الرجل
زواج البنت الوحيدة
أختي هذا الفستان أفضل أم ذاك؟ تعالي معي وأنا أشتري الكثير من الأغراض، ما رأيك في هذا أم أن هذا أفضل؟ هل سأكون عروسة جميلة؟ ماذا سترتدين يوم زفافي، دعيني أختار معكِ، كم سيصعب عليَ أن أتركك بمفردك لكن لا بأس بيتي سيكون بيتك الثاني.
تلك العبارات التي طالما كانت تتردد على مسامعي وأنا أجهز بيت الزوجية، فقد أوشكت على ترك منزلنا، ولا يمكنني حقًا أن أجد الكلمات التي تصف ذلك الشعور، فأنا وحيدة لا يمكن للعالم أجمع أن يقول غير ذلك.
فلا يمكن لصاحبة أن تحل محل الأخت، ولا أي من الأقارب يمكنها أن تكون مكان أمي، نالت الوحدة مني ولم أعد أقوى على مواجهتها، ففي يوم زفافي كنت أبكي كثيرًا لذلك الشعور، وأنا لا أدري أكان شكلي حلوًا أم لا، فليس هناك من تنظر إليَ نظرة فخر وفرحة وتعمل على تثبيت الطرحة لي وهي تحتضنني بشدة.
كنت أقف حائرة ولا أود أن أنطق على الرغم من أنها ليلة العمر، لكن أكاد أجزم أنني كنت أكثر الأشخاص حزنًا في العالم هذا اليوم.
لكن من ناحية أخرى، كنت أنظر إلى زوجي، فهو وحيد أيضًا لكنه سعيد كوني أصبحت زوجته، فقد كنت أدعو الله عز وجل أن يكون خير زوجًا لي، وأن يكون هو مؤنسي ورفيق دربي إلى أن أنتقل إلى الرفيق الأعلى.
لن أكون وحيدة بعد الآن
مرت عدة أشهر وعلمت خلالها أنني حامل، كنت متلهفة كثيرًا إلى أن أنجب العديد من الأبناء كي لا يكون فيهم من يشعر بما شعرت به، لكن كأن الأمر كان إرضاء لقلبي، فقد من الله عز وجل عليَ بإنجاب طفلتين غاية في الجمال والحنان، قطعتين من الجنة بين يدي، أصبحتا كل العالم بالنسبة إليَ، هما الأخت والأم والصاحبة وكل شيء عانيت منه كأنه لم يكن برؤية ضحكة من ثغر إحداهما.
من الله عليا بفتاتين كي لا تشعر أي منهما بإحساس البنت الوحيدة كما تمنيت ولم أعد أنا أيضًا وحيدة بعد الآن.
تعرفي أيضًا على: تصرفات المرأة عندما تحب في صمت
ينبغي على سائر أفراد المجتمع مراعاة إحساس البنت الوحيدة، ومحاولة تشجيعها ودعمها، كي تعلم أنها ليست بمفردها في هذا العالم.
تابعنا على جوجل نيوز