أنواع الغيرة في الإسلام

ما أنواع الغيرة في الإسلام؟ وما فوائدها؟ حيث تُعد الغيرة من أهم الأخلاق الكريمة في الإسلام وقد خُلِقَ عليها الإنسان، وحرص الدين الإسلامي على منح الغيرة رفعة الشأن، وذلك من خلال ذكرها في آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.

أنواع الغيرة في الإسلام

يميل مفهوم الغيرة إلى الغضب الشديد والهياج الذي يشعر به الإنسان عندما يرى أن هناك شخص آخر يشاركه في إحدى أمورِه أو حقوقه الخاصة، فهو شعور مُشترك لدى الرجال والنساء، ولكنها قد تشتد بين الزوجين بشكل أكبر، حيثُ إنها الغرائز الطبيعية، التي خلقها الله سبحانه وتعالى في الإنسان.

جدير بالذكر أن الغيرة في الإسلام قد انقسمت إلى أكثر من نوع مختلف، وجاء ذلك على النحو التالي:

  • غيرة للمحبوب: يتمثل هذا النوع من الغيرة في حماية من تحب من الغضب والشرور التي تحيط به، كما تعتمد على التغيير في كل ما يؤدي إلى أذية من تحب، وغيرة الأنبياء ومن اتبعهم ممن أشرك به مثالًا على هذا النوع.
  • غيرة على المحبوب: يشعر بها المسلم عندما يجد أن هناك من يشاركه في حبه لمحبوبه، أو يحاول أن يأخُذ مكانِه في قلبه.
  • الغيرة المحمودة: من أكثر أنواع الغيرة التي يحبها الله عز وجل؛ لأنها تتمثل في غيرة العبد عندما يحصل على الريبة، بمعنى حصوله على الشيء المحرم، فعندما يرى المسلم أن أحد من أهله أو أقاربه يقومون بفعل شيء من المحرمات فيغير عليه، مثل خروج إحدى السيدات من المنزل دون ارتداء اللباس الشرعي لها.
  • الغيرة المذمومة: هذا النوع من الغيرة لا يحبه الله عز وجل، وتتمثل في غيرة العبد من دون رهبة، بل إنه مجرد سوء ظن ليس إلا، ومن ثم يقع العبد في مساوئ الغيبة والسعي في إضرار غيره والحسد والحقد، وغيرها من الأمور البغضاء.

اقرأ أيضًا: ما هو الإسقاط النجمي في الإسلام

فوائد الغيرة في الإسلام

على الرغم من وجود أنواع غيرة مذمومة في الإسلام، إلا أن هناك فوائد قد تعود بالنفع على المسلم من الغيرة بشكل عام.

  • من الصفات التي تدل على قوة إيمان العبد بربه سبحانه وتعالى.
  • تُحافِظ على الأعراض والشرف، وتطهير المجتمع من الصفات الرذيلة.
  • حماية القلب والجوارح من الوقوع في المعاصي والكبائر والذنوب الكبيرة.

أسباب ضعف الغيرة في قلب المسلم

من ضمن الاطلاع على أنواع الغيرة في الإسلام، ثمَّة أمور بدورها تؤدي إلى ضعف الغيرة في قلب المسلم.

  • كثرة المعاصي والذنوب التي يفعلها المسلم في حياته؛ لأن رغبته في زيادة الإيمان والطاعة لديه تزيد من الغيرة في الإسلام.
  • الاعتقاد أن الغيرة جزء من العادات والتقاليد، وليس جزء من الإسلام والعقيدة والإيمان.
  • ضعف قوامة الرجل؛ بسبب شدة انقياده نحو العواطف والمشاعر المفرطة تجاه شخص ما مما يضعف من سلطته عليه.
  • كثرة الاختلاط ما بين الغرب والعرب، وذلك ما تسبب في حدوث ما يعرف بالغزو الفكري، وهو ما بعدنا عن تعاليم الدين الإسلامي.

ذكر الغيرة في آيات القرآن الكريم

كما ذكرنا من قبل أن الغيرة من السلوكيات المذكورة في مواضع مُتعددة في القرآن الكريم.

  • قال تعالى: (إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)، وتشير الآية إلى الغيرة التي تعرض لها سيدنا يوسف -عليه السلام- من إخوته بسبب محبة أبيه الزائدة له.
  • يقول سبحانه: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)، تشير الآية إلى غيرة قابيل من هابيل بعد أن تقبل الله قربان هابيل ولم يتقبله من قابيل، وذلك ما دفعه إلى أن يقتل أخيه.
  • قال تعالى: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّـهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)، لفظ الغيرة هُنا لم يأتي كما هو، ولكن ذكر على هيئة “الحمية” وهي تدل على الغيرة البغيضة التي يكرهها الله سبحانه وتعالى؛ لأنها تُسبب الغضب والكذب، ولهذا أطلق عليها “حمية الجاهلية”.
  • قوله تعالى: (وَإِذا قَرَأتَ القُرآنَ جَعَلنا بَينَكَ وَبَينَ الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِالآخِرَةِ حِجابًا مَستورًا)، قيل في تفسير الآية أن الحجاب المستور هو حجاب الغيرة، بمعنى أن الله سبحانه وتعالى لم يرغب في جعل الكفار أهلين لفهم كلامه، أو محبته وتوحيده، وبالتالي جعل بينهم وبين كلامه حجاب مستور غيرة عليه.

ذكر الغيرة في السنة النبوية

إلى جانب التعرف على أنواع الغيرة في الإسلام، قد ذُكِرَت الغيرة في أحاديث السنة النبوية كونها واحدة من أهم الصفات التي خلقها الله سبحانه وتعالى في المسلم.

  • عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ غَيْرَتِهِ: حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ، وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ: أَرْسَلَ الرُّسُلَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ)
  • قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: “لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرُ مُصْفِحٍ عَنْهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنْ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنْ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الْجَنَّةَ)”.
  • روى مسلم عن سعد بن عبادة قال: “يا رَسولَ اللهِ، لو وَجَدْتُ مع أَهْلِي رَجُلًا لَمْ أَمَسَّهُ حتَّى آتِيَ بأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: نَعَمْ، قالَ: كَلَّا وَالَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ، إنْ كُنْتُ لأُعَاجِلُهُ بالسَّيْفِ قَبْلَ ذلكَ، قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: اسْمَعُوا إلى ما يقولُ سَيِّدُكُمْ، إنَّه لَغَيُورٌ، وَأَنَا أَغْيَرُ منه، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي”.
  • عن ابن عمر قال: “كانَتِ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ تَشْهَدُ صَلاةَ الصُّبْحِ والعِشاءِ في الجَماعَةِ في المَسْجِدِ، فقِيلَ لَها: لِمَ تَخْرُجِينَ وقدْ تَعْلَمِينَ أنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ ذلكَ ويَغارُ؟ قالَتْ: وما يَمْنَعُهُ أنْ يَنْهانِي؟ قالَ: يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تَمْنَعُوا إماءَ اللَّهِ مَساجِدَ اللَّهِ”.
  • عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “رَأَيْتُنِي دَخَلْتُ الجَنَّةَ، فإذا أنا بالرُّمَيْصاءِ، امْرَأَةِ أبِي طَلْحَةَ، وسَمِعْتُ خَشَفَةً، فَقُلتُ: مَن هذا؟ فقالَ: هذا بلالٌ، ورَأَيْتُ قَصْرًا بفِنائِهِ جارِيَةٌ، فَقُلتُ: لِمَن هذا؟ فقالَ: لِعُمَرَ، فأرَدْتُ أنْ أدْخُلَهُ فأنْظُرَ إلَيْهِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ فقالَ عُمَرُ: بأَبِي وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ أعَلَيْكَ أغارُ”.

الغيرة من الصفات التي تزيد من إيمان المُسلم، حيثُ تقوى الأمنة عندما تصون أعراضها من المعاصي والفواحش والفساد وتجنب طرق الرذائل.

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة
اترك تعليقا