أسباب انتشار واستباحة شهادة الزور من القضايا المؤثرة بشكل سلبي في المجتمعات باختلافها، فهي أزمة تهدد الاستقرار وقيم العدل المجتمعية فانتشار شهادة الزور يخلق نوعًا من طمس العدالة مما يولد رغبات دفينة للبعض باستخدام تلك الحيلة لأغراض شخصية بحتة تبعث الكراهية بين فراد المجتمع الواحد.
أسباب انتشار واستباحة شهادة الزور
الإنسان في أصله يسعى لتحقيق مكاسبه وأهدافه في الحياة ولكن تختلف الأسباب بين الأفراد فهناك من يلتمس الطرق الصحيحة وهناك من يلجأ لطرق دنيئة تحت ستار المصلحة والرغبة في الوصول للأهداف؟
تنتشر شهادة الزور عندما يصبح القانون حقل سهل للتلاعب، في كنف غياب الرقابة وهشاشتها، عندما يغيب صوت الضمير والدين، عندما تدنس المبادئ عندما تصبح المبادئ هشة بلا قيمة.
أولًا: أسباب انتشار شهادة الزور
من خلال عقود لدراسة تلك الظاهرة تبين أسباب رئيسة لانتشار تلك الأزمة.
- مناصرة للمشهود له بدافع قرابة أو صلة دم
- الحصول على مبالغ مالية
- جني منفعة شخصية
- تحقيق ضرر للمشهود عليه بسبب أحقاد شخصية من الشاهد
لا يقتصر فساد شاهدي الزور فقط على القول بل استباحة الفعلة بذاتها ولتفشي تلك الأزمة أسباب.
ثانيًا: أسباب استباحة شهادة الزور
فقد مجتمعنا قيمة الأصيلة القائمة على ترسيخ العدل والصدق والأمانة، والسبب الرئيس وراء ذلك هو البعد عن الهوية الاصلية للمجتمع، التشبث بقيم الإنسانية قيم الدين، ومخالفة الفطرة البشرية الداعية الطالبة للسلام البعيدة عن كل تشويش.
لماذا تعد شهادة الزور جريمة بحق الإنسانية؟ يعتمد هذا بشكل كبير على فهم ماهية شهادة الزور وتعريفها.
تعريف شهادة الزور
الشهادة في أصلها هي القسم لقول الحق والصدق لا غيرهما، ومنه يتبين أن الشهادة الزور هي حنث وقول ما هو مغاير للحقيقة بأشكال عدة سواء مكتوب أو منطوق.
يشترط لاعتبار شهادة الزور أن تقال بعد قول القسم أمام هيئة قضائية، وفي حالة كشف الشاهد الزور فهو يعرض نفسه للمسألة القانونية.
شهادة الزور مشكلة ملازمة للبشرية منذ عقود وأزمنة كثيرة وقد ذكرت تلك المشكلة في بعض أقوال السلف.
أقوال السلف عن شهادة الزور
ذكر السلف في تفسير القرآن والسنة جمل تعبر بشكل صارخ عن حقيقة الفساد الناجم عن شهادة الزور
- قال ابن عباس رضي الله عنه أن شهادة الزور ” الافتراء على الله والتكذيب“.
- كما قال ابن جرير الطبري :”اتقوا قول الكذب والفرية على الله“.
من منظور الدين فكل من يخالف قول الحقيقة هو شاهد زور ولذلك يجب تفسير ومعرفة ماهية الشهادة الزور في الإسلام.
اقرأ أيضًا: حكم التدخين في المذاهب الأربعة
شهادة الزور في الإسلام
يرفض الدين كل شيء يمس بسلام الناس لذلك حرم الدين الإسلامي شهادة الزور.
قال تعالى: “وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً“.
يأتي بالآية نهي واضح وصريح للابتعاد عن شهادة الزور والابتعاد بالنفس عنها ابتعاد الكرام عن اللغو.
قال تعالى:”فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ“.
قرن الله عز وجل قول الزور بالرجس و عبادة الأوثان في دليل قاطع علي كبر الذنب.
قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه“.
هنا دليل من السنة أن من يعش بقول الزور فهو آكل حرام لا يرضى الله عن طعامه أو شرابه فكل مال حرام هو في النار.
عن أبي عبد الرحمن بن أبي بكرة ما عن أبيه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين» – وجلس وكان متكئًا فقال: «ألا وقول الزور» قال فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. رواه البخاري.
تأتي السنة تأكيدًا على قول الله بأن شهادة الزور هي رجس وكبيرة من كبائر الذنوب التي لا بد للمرء أن يتركها ويبتعد عنها كمن يلملم ثوبه من النار خشية أن يحترق.
ومنه فقد جمعت شهادة الزور مجموعة من كبائر الذنوب هي:
- الكذب.
- الظلم.
- الافتراء.
- أكل المال الحرام.
- تحليل ما حرم الله.
- إقامة الشهادة لغير وجه الله.
في الدين الإسلامي شهادة الزور فعل مشين رجس لا يمت للمؤمن والمسلم بصلة فهو من كبائر الذنوب، ولذلك في ضوء الدين الإسلامي لا يمكن الحكم على شاهد الزور ببينة بل يجب أن يعترف هو نفسه بفعلته.
أحكام الفقهاء على شاهد الزور
المذاهب الأربعة الفقهية المالكية والشافعية والحنابلة ومذهب الإمام أحمد اتفقوا على تعزير شاهد الزور.
فكان رأي الشافعية والحنابلة وبعض المالكية أن العقاب يعود للحاكم سواء بالجلد أو الحبس أو إهانته وتوبيخه.
لكن مال الشافعي إلى أن التعزير لا يتخطى 40 جلدة، وقال بعض الحنفية أن العقاب يجب يكون علانية للعظة والعبرة.
آثار ونتائج شهادة الزور
لكل سمة مجتمعية أثر على الأفراد بهذا المجتمع ولشهادة الزور آثارها السيئة.
- التأثير على سير العدالة وتضليلها.
- ضياع الحقوق.
- سلب الحقوق من مستحقيها واعطائها لمن لا يستحق.
- الإكثار من ارتكاب الجرائم لضمان الشهود مما يثير الفوضى.
- ظهور فئات جديدة من المرتزقة مما يسبب دمار المجتمع.
طرق محاربة شهادة الزور
مما بدر لشهادة الزور من مساوئ فإن التصرف الإيجابي هو وضع حلول لمجابهة تلك الظاهرة.
- يجب أن يتكاتف المجتمع لترميم نفسه من آثار تلك الطفيليات الخبيثة.
- القيام بحملات توعية لإعادة ترسيخ القيم المجتمعية السليمة.
- التشدد في معاقبة شاهدي الزور.
- الاعتماد على وسائل الإعلام في نشر مخاطر انتشار تلك الظاهرة ونشر فوائد التخلص منها.
شهادة الزور هي مرض يتفشى في المجتمع ناتج التسيب والإهمال، هي كالنار في الهشيم يجب أن يوضع لها حد، فإن لم نوقفها ستقتلنا جميعا بلا رحمة.
تابعنا على جوجل نيوز