معلومات عن نور الدين زنكي

المعلومات عن نور الدين زنكي تهم جميع المسلمين، فهي من أهم الشخصيات التي يذخر بها التاريخ الإسلامي.

معلومات عن نور الدين زنكي

هو الملك العادل أبو القاسمِ نور الدين محمود بن عمادِ الدين زنكي، ولد يوم 11 فبراير 1118 عام 511 هجريًا، وهو الابن الثاني لعماد الدين زنكي بن آق سنقر، بعد سيف الدين الغازي، ولقب نور الدين زنكي بعدة ألقاب منها ناصر أمير المؤمنين وأتقى الملوك والخليفة الراشد وليث الإسلام، ولقَب أيضًا بنور الدين الشهيد رغم أنه توفي بسبب المرض.

أولًا: العمل الإصلاحي لنور الدين زنكي

ورث نور الدين زنكي حكم حلب بعد وفاة والده، وقام بتوسيع إمارته تدريجيًا حتى شملت إمارته معظم الشام، كما ورث من والده أيضًا مشروع التصدي للحملات الصليبية، تمكن نور الدين زنكي من ضم مصر لإمارته بعد إسقاط الفاطميين، كما تمكن من أيقاف مذهبهم.

منع نور الدين زنكي ما كان يؤخذ من المكوس لرفع الأعباء الثقيلة عن الشعب، كما أعطى لعرب البادية بعض الإقطاعيات ليتوقفوا عن اعتراض الحجاج، كما عمل على تحصين الشام وبناء الأسوار القوية العالية حولها، كما اهتم زنكي بالتعليم وقام ببناء الكثير من المدارس منها العادلية والنورية.

كما يعتبر أول من بنى مدرسة للحديث، من إنجازاته أيضًا أن قام ببناء الجامع النوري بمدينة الموصل، كما عمل على دعم البنية التحتية مثل بناء الخانات في الطرق، واهتم بالعمارة وخاصةً أماكن التعليم والصحة، كما عمل على تنمية الموارد الاقتصادية والبشرية.

عندما وجد أن الأمور غير مستقرة في الجبهة الداخلية للدولة، والمنافسة المستميتة بين حكام العالم الإسلامي، والتي كانت تأخذ شكلاً حادًّا وعنيفًا أحيانًا، عمل زنكي على توعيتهم وتحذيرهم من خطر الصليبيين، مما دفع القوى الإسلامية في أحيانٍ كثيرة إلى دفن خلافتها وتجاوز منافساتها.

بدأ نور الدين زنكي بنشر الإصلاح الاجتماعي، ومضى قُدمًا في القضاء على الفساد والنهوض بالاقتصاد؛ كما عمل على نشر التعليم والاهتمام بصحة شعبه، فما كان من الشعب إلا أن التف حول هذا القائد المسلم، خاصةً أن هذا البطل لم يتجاهل واجب الدفاع عن حدود الأمة الإسلامية.

اقرأ أيضًا: معلومات عن عبد الهادي البكار صوت القاهرة في دمشق

ثانيًا: حروب نور الدين زنكي ضد الصليبيين

أظهر زنكي في عدة مواقف جدارته باسم أبيه ومقامه، وأكد قدرته على استكمال المسيرة، ومن المواقف التي لا ينساها التاريخ أنه تصدى لهجوم جوسلين الثاني الذي كان يحوم حول إمارة الرها لاستعادتها، بعد أن فتحها عماد الدين زنكي رحمه الله، فما كان من نور الدين إلا أن ألحق بهم هزيمة مذلة.

أراد نور الدين زنكي أن يوحد صفوف الدولة الإسلامية بشدة حتى يتمكن من ردع الجيوش الصليبية الطامعة، لكن الحكام والوزراء في دمشق من الذين تربطهم علاقات مودة مع الصليبين حاولوا تعطل المشروع المنشود لهذه الوحدة التي كان يحلم بها نور الدين زنكي.

كما عمل زنكي جاهدًا على أن يوحد دمشق، وقد استطاع ذلك عام 1154م خاصةً بعد وفاة الوزير معين الدين أنر، الذي أذاق البلاد في عهده الذل والمهانة أمام الصليبين، مما جعل استقبال سكان دمشق لنور الدين استقبالًا حافلًا، كما توسعت الدولة النورية الإسلامية لتحاصر القوات الصليبية من ثلاث اتجاهات هي الشمال والشرق والجنوب.

ذلك حد من توسع وتغلغل الصليبيين في أراضي المسلمين فلم يجدوا سوى مصر التي لاسيما أن ثرواتها وخيراتها شكلت حافزًا، خاصة في ظل الخلافات والضعف الذي عرفه الفاطميون في مصر في ذلك الوقت، وبالفعل تمكنت الجيوش الصليبية من اختراق أسوار مصر ولم تعقهم أي مقاومة.

أرسل زنكي جيشًا جرارًا بقيادة أسد الدين شيركوه ومعه ابن أخيه صلاح الدين الأيوبي إلى مصر عام 1169م لتطهيرها من الصليبيين، وتمكن جيش زنكي وقادته العظام من كسر شوكة الصليبيين وهزيمتهم هزيمة مذلة لن ينسونها أبدًا، ليتولى بعد ذلك أسد الدين شيركوه منصب الوزارة، لكنه توفي بعدها بشهرين.

فنصب زنكي مكانه ابن أخيه صلاح الدين، لتمتد الدولة النورية من العراق إلى مصر ولتصير قطعةً واحدة، ولفصل بيت المقدس عن بقية الإمارات الصليبية وتصبح معزولة وواضحة المصير، فأدرك الصليبيون أنه قائد لا يقهر.

بينما كان زنكي يرسخ حكمه ويحشد الجماهير على قلب رجل واحد لتقوية الدولة الإسلامية، داهم الأراضي الشاميةَ خطر صليبي جديد، حيث خرجت الحملة الصليبية الثانية باتجاه دمشق عام 1148ميلاديًا، وأحكمت حصارها على أسوار المدينة، فما كان من حاكم دمشق إلا اللجوء إلى نور الدين زنكي وأخيه سيف الدين.

فلم يتأخر نور الدين زنكي عن تلبية النداء والذود عن هذه البقعة من الدولة الإسلامية، فخرجا بجيشٍ يتألف قوامه من جنود الموصل وحلب لينتهي بالوقوف عند مدينة حمص في النهاية، وقبل مواصلة المسير جاءت الأخبار بأن المجاهدين في دمشق وأهلها قد استبسلوا في الدفاع عن مدينتهم.

كان لزنكي دور كبير في هذا الانتصار، إذ أنه ضيق على الصليبيين الحصار ومنع عنهم الإمدادات ومنع عنهم الماء والمؤن، مما اضطرهم إلى فك الحصار عن مدينة دمشق والاستسلام لزنكي في النهاية، وبهذا يكون زنكي قد نجح والمجاهدون في ردع الغزاة من الصليبيين، وإلحاق الهزيمة المذلة بأكبر ملوك وجيوش أوروبا.

حيث أن المجاهدين في دمشق أظهروا قتالًا ضاريًا وشجاعة نادرة وتمكنوا بالظفر وتحقيق نصرٍ رائعٍ سطره لهم التاريخ بحروف من نور، بعد هزائم الصليبيين المتكررة على يد نور الدين زنكي قد تنامى المد الاسلامي، حيث حرروا الكثير من الأراضي الشامية من بين أيدي الغزاة.

كان لنور الدين زنكي دورًا كبيرًا في تمهيد الطريق أمام السلطان صلاح الدين الأيوبي ليحارب الصليبيين ويفتح القدس، لاسيما بعد توحيد زنكي لمصر والشام في دولة إسلامية واحدة قوية، منهجها صحيح الدين من القرآن والسنة، فكان حكمه يتسم بالعدل وترسيخ مبادئ المذهب السني والتخلص من مذهب الفاطميين نهائيًا.

كان زنكي يعي طبيعة المعارك التي يخوض غمارها مع الصليبيين، وكان يعلم جيدًا أنها معارك عقائدية، وأنها تتطلب توحد المسلمين جميعًا للتغلب على الخطر الصليبي الداهم، مما جعله يدير الأمور الداخلية والخارجية للدولة بسياسة وحنكة، حتى أصبح في نظر الكثيرين سادس الخلفاء الراشدين.

ثالثًا: أهم ما يميز شخصية نور الدين زنكي

تميز نور الدين زنكي بالكثير من المميزات على صعيد الحكم وعلى الصعيد الشخصي والإنساني مما ساهم بشكل كبير في تحقيق الكثير من الإنجازات العسكرية والسياسية والنهوض بالدولة الإسلامية وحمايتها.

  • كان زنكي مهيبًا وقورًا ومتواضعًا في نفس الوقت.
  • عرف عنه تكريم العلماء والفقهاء حتى أنه كان فقيهًا على المذهب الحنفي.
  • يخصص من كل أسبوع أربعة أيام ليحضر إليه العلماء، وليسأل الفقهاء عما هو مختلف عليه بين الناس.
  • كانت أبوابه مفتوحة للجميع حتى يصل إليه من يشاء من الناس لمعرفة الشكاوى والمظالم وحلها.
  • شعوره بالمسؤوليات الواقعة على عاتقه تجاه دينه وشعبه.
  • حنكته السياسية داخليًا وخارجيًا واعتماده على الحلول العقلية وقوة شخصيته.
  • لديه خبرة عسكرية واسعة مما جعله من أعظم قادة زمانه ومكنته من تعزيز جيشه المحدود ليصبح أعظم قوة عسكرية في الشرق الأدنى.
  • كان زنكي مقاتلًا ورياضيًّا من الطراز الرفيع وكان مولعًا بضرب الكرة ما يعرف اليوم باسم رياضة (البولو) كما مارس رياضة الصيد.
  • كان يتقي الله في جميع شؤون الحكم والقتال كما كان ورعًا شغوفًا بالعلم.
  • اختار زنكي رجال دولته بعناية ودقة فائقة، لتطويرها ولتوفير جميع سبل الراحة لرعيته.
  • منح نور الدين زنكي أيضًا للمؤسسة القضائية الاستقلال التام، وأنشأ دار العدل التي كانت بمثابة المحكمة العليا لمراقبة كبار موظفي الدولة.
  • عمل على نشر العدل وإنصاف المظلوم دون النظر إلى الفوارق الطبقية.

وفاة نور الدين زنكي رحمه الله

شهد يوم 15 مايو 1174 ميلاديًا 569 هجريًا وفاة أحد أعظم قادة وسلاطين الدولة الإسلامية في تاريخها، وقد انتهى بموته فصلًا هامًا من فصول الصحوة الإسلامية، عاصرت وفاة نور الدين زنكي الفترة التي كان فيها صلاح الدين الأيوبي واليًا على مصر.

أحدثت وفاته العديد من الانشقاقات والنزاعات في الشام، مما دفع صلاح الدين الأيوبي ليتدارك تلك الأزمة والتوجه إلى بلاد الشام ليعيد توحيدها وليخلف نور الدين في قيادة مصر والشام ليكون خير خلف لخير سلف، رحم الله كل من عمل على خدمة هذا الدين.

لقد كان لتلك الشخصية الأثر العظيم في الدولة الإسلامية فقد كان نور الدين زنكي مؤمنًا صادقًا ومجاهداً عظيمًا، كما عمل على نشر العدل وبناء الدولة، ولم ينشغل بالسلطة عن مصالح شعبه وجهاد الصليبيين.

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة