عندما يتسلل الفتور إلى العلاقة تسعى الزوجة من أجل التجديد، وإنعاش العلاقة بالحُب والسعادة، فتسعى للطاعة والتزيُن للزوج، وعادةً ما تلجأ إلى صبغ الشعر، أو قصِه، أو تغيير أي شيءٍ بها، فما الحُكم الشرعي في أن تفعل ذلك دون إذن الزوج؟ وهل يحق له الاعتراض؟ في موقع إيزيس يسعنا أن نوافيكنّ بتلك الأحكام.
حكم قص المرأة لشعرها دون إذن الزوج
لا شك أن الشعر هو تاج المرأة وزينتها، ويزيدها جمالًا، لذا يعتد به من أسباب التزين أمام زوجها، فإن قيامها بأي أمر يفسده ربما يؤثر في ذلك ويدخلها في طائلة المحرمات وهي لا تعلم.
فقد ذهب الفقهاء إلى منع قيام الزوجة بقص شعرها أو حلق شعر حاجبيها إلا لضرورة علاجية تستدعي ذلك، أي إن كان العلاج يتوقف على إزالة جزء من شعر الرأس، فعلى قدر الحاجة يكون الفعل، بيد أن قص الشعر في العموم من باب الشرع فإنه غير المستحب، وفقًا لما قاله الشيخ ابن العثيمين رحمه الله أن المشروع هو أن تبقى المرأة شعر رأسها على مكان عليه.
مصداقًا إلى حديث الرسول الذي رواه الترمذي عن عليّ –رضي الله عنه- قال:
“نَهَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ تَحلِقَ المرأَةُ رَأْسَها” (صحيح)
فليس لها أن تزيل بعضه أو كله، كما قد ذهب جمع من العلماء إلى تحريم قص المرأة شعرها ذهب البعض الآخر كمجهور الحنابلة والشافعية إلى اتخاذ الحكم على محمل الكراهة طالما لم يكن هناك عذرًا يبيحه، فعلى سبيل المثال إزالة شعر الرأس ليخرج أقوى يعتبر من باب علاجه فيكون جائزًا.
لكن يجوز للمرأة تقصير شعرها لغرض التزين أو القيام بصبغِه شريطة ألا يكون في ذلك تشبُهًا بالرجال، لكن إن لم يأذن لها زوجها بذلك، ولا يرى في الأمر جمالًا وتزينًا، فإنه غير جائز عليها أن تقوم بالقص أو التقصير أو الصبغ.
تعرفي أيضًا على: حكم قص الشعر للتزين للزوج
حكم أمر الزوج بعدم قص الشعر
في حال قام الزوج بأمر زوجته أن تترك شعرها ولا تقصه فليس لها أن تخالف رغبته، لأن له الحق في ذلك لسببين:
- أن الزوجة عليها طاعة زوجها طالما لم يأمرها بفعل معصية والعياذ بالله، وطالما أن تلك الطاعة لا تستتبع الإضرار بها، كما أن طاعته سببًا في دخولها الجنة.
- للزوج الحق في أن تتجمل زوجته له وفقًا لرغباته، وشعر المرأة يأتي من علامات جمالها، فليس عليها أن تتلفه أو تقصه، طالما كان يمثل تزينًا أمام زوجها.
حكم تقصير الشعر للمرأة
لا حرج على المرأة أن تعمل على تخفيف شعر رأسها، لا قصه بأكمله، لاسيما إن توافق مع رغبة الزوج في ذلك بأن تقوم بتخفيفه تزينًا له لأن ذلك يضفي عليها حُسنًا ويزيدها جمالًا.. هذا لأن الأصل في الأشياء الإباحة طالما لا يورد فيها ما يُحرمها، كما أن المشروع هو تركه يطول طالما لم يكن فيه ضرر، لأنه زينة لها إلا إذا طال إلى حد التشابك فلا بأس في تلك الحالة من قص أطرافه.
الدليل على ذلك ما جاء على لسان عائشة –رضي الله عنها وأرضاها-:
“دَخَلْتُ علَى عَائِشَةَ أنَا وأَخُوهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ. فَسَأَلَهَا عن غُسْلِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الجَنَابَةِ، فَدَعَتْ بإنَاءٍ قَدْرِ الصَّاعِ فَاغْتَسَلَتْ وبيْنَنَا وبيْنَهَا سِتْرٌ وأَفْرَغَتْ علَى رَأْسِهَا ثلَاثًا قالَ: وكانَ أزْوَاجُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَأْخُذْنَ مِن رُؤُوسِهِنَّ حتَّى تَكُونَ كَالْوَفْرَةِ” (صحيح مسلم).
أما عن الوفرة فهو الشعر الذي يصل إلى المنكبين ويزيد عنهما، أو الذي يصل طوله إلى شحمة الأذن.. وقد فسر “الإمام النووي” الحديث بأنه دلالة على جواز تخفيف الشعر للمرأة بإذن زوجها.
تعرفي أيضًا على: دعاء قص الشعر في الأيام البيض
حالات تقصير المرأة شعرها
من الممكن أن تلجأ المرأة إلى قص شعرها إثر أسباب معينة، نوضح فيما يلي جواز كل حالة من الحالات:
- إن قصرت شعرها تشبهًا بالرجال، فإنه حرام.. مصداقًا إلى قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: “لَعَنَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ، والمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجَالِ” (صحيح البخاري).. على أن ضابط التشبه بالرجل أن تجعل المرأة رأسها شبيهة برأس الرجل.
- حلق الشعر بشكل كامل حرام لاسيما إن اقترن بانعدام رغبة زوجها.
- بينما إن قامت بتقصيره ليسهل تسريحه نظرًا لتشابكه الزائد أو أي سبب آخر، فإنه لا بأس عليها بفعل ذلك.
- في حال كان قصها لشعرها من مظاهر الحزن أو الجزع أو الرثاء، فإنه حرام.
- لكن إن كان قصها لجزء من شعرها بهدف إبداء التزين لمن ليس من المحارم، فإنه أمر حرام.
- أما إن كان تقصيرها لشعرها بغرض التزين لزوجها، فهو أمر جائز شرعًا.
من وهبها الله شعرًا جميلًا عليها أن تحمد الله على أنه يزيدها جمالًا أمام زوجها.. ولا تعمل على إتلافه أو قصه طالما كان ذلك بعيدًا عن رغبته.
تابعنا على جوجل نيوز