إن الحائض يُمنع عنها أداء شطر من العبادات، ومن التوهم للبعض أنه غير مُشرع لها كافة العبادات، إلا أن الله يقبل دُعائها، قرائتها لآياته الكريم؛ من سماحة الإسلام وتيسيرُه على عِبادِه، ومن خلال موقع إيزيس دعونا نُعرفكم على حكم قيام الليل للحائض بالدُعاء، والكيفية.
الدعاء في قيام الليل.. هل مستجاب للحائض؟
بادئ ذي بدء نستند إلى قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في حديث عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:
“خَرَجْنَا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا نَذْكُرُ إلَّا الحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ طَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَنَا أبْكِي، فَقالَ: ما يُبْكِيكِ؟ قُلتُ: لَوَدِدْتُ واللَّهِ أنِّي لَمْ أحُجَّ العَامَ، قالَ: لَعَلَّكِ نُفِسْتِ؟ قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: فإنَّ ذَلِكِ شيءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ علَى بَنَاتِ آدَمَ، فَافْعَلِي ما يَفْعَلُ الحَاجُّ، غيرَ أنْ لا تَطُوفي بالبَيْتِ حتَّى تَطْهُرِي” (صحيح البخاري).
يُمكن للحائض أن تُسبح الله وتدعو الله بكل ما تكنّ به نفسها، فالدعاء لا يشترط الطهارة لإتمامه كما الصلاة، فمن ينشغل بذكر الله تعالى بكافة جوارحه ما هو إلا عبد صالح، وهذا ما يجعل الله مجازيًا إياه خير الجزاء.
أما عن استجابة الدعاء فلها أسبابها، منها انتقاء مواطن الاستجابة، كأن تدعو الله في جوف الليل في الثلث الأخير منه، فيكون الدعاء والناس نيام، على أن تستغفر الله كثيرًا وتُلح في دعائها مع توافر شرطي الخشوع لله والتضرع إليه والإخلاص في الدعاء والالتزام بآدابه.
من هنا نجد أن الاستجابة لا يعلمها العبد، فهي بيد الله ربما يؤخرها لحكمة منه ورحمة، وربما تأتي سريعة، فقط يحق للحائض أن تدعو وتسأل الله الاستجابة.. والدعاء في عمومه جائزًا لها، وكذلك الحال في الثلث الأخير من الليل.
فقيام الليل شاملًا لا يقتصر فقط على أداء الصلاة النافلة، بل تتعدد ألوان التعبد فيه لتشمل الدعاء وذكر الله وقراءة القرآن.. لذا يجوز للحائض أن تدعو وتقرأ القرآن دون لمس المصحف في وقت قيام الليل.
من هنا نعلم أن الحائض يتسنى لها الدعاء وقراءة القرآن والمشاركة في كثير من العبادات دونما الصلاة والصوم.. على أن الصوم يُمكنها قضاء ما فاتها منه، كما نؤكد في مسألة قيام الثلث الأخير من الليل للحائض أنه يجوز لها قيامه بالدعاء وغيرها من العبادات دونما الصلاة.
تعرفي أيضًا على: هل يجوز قراءة القرآن للحائض دون لمس المصحف
هل يجوز للحائض الدعاء وهي ساجدة
قال ابن تيمية: “جنس العبادة لا تشترط له الطهارة، بل إنما تشترط للصلاة، فكذلك جنس السجود يشترط لبعضه، وهو السجود الذي للَّه كسجود الصلاة، وسجدتي السهو، بخلاف سجود التلاوة، وسجود الشكر، وسجود الآيات”.
اختلف العلماء في بيان سجود التلاوة، هل يستوجب الطهارة كالصلاة أم لا يشترطها، فالأمر يعتمد عليه حكم الدعاء للحائض وهي ساجدة.. فإن كان السجود لمجرد الدعاء أو للتلاوة لا يُشترط الطهارة فإن الأمر للحائض جائزًا، فعلى الرغم من أنه ليس واجبًا عليها ذلك، إلا أن أغلب أهل العلم ذهبوا إلى جواز الأمر لها فتدعو الله كما تشاء من سبل التعبّد.
كما نشير هنا إلى أن السجود لله يجعل العبد أقرب ما يكون إليه، كما أنه مدعاة لاستجابة الدعاء.. فالدعاء لله تعالى من العبادات التي لا تشترط الطهارة الصغرى أو الكبرى، إنما يأتي من جملة ذكر الله تعالى.
هل يجوز استقبال القبلة والدعاء وأنا حائض
للمرأة الحائض أن تتوضأ كوضوء الصلاة، كما أن لها أن تتجه إلى القبلة، وتكثر من الدعاء إلى الله تعالى، فتسبح وتهلل وتستغفر الله كثيرًا، فمثل تلك الأمور لا يُشترط فيها الطهارة من الحيض، حيث إن الطهارة كما ذكرنا آنفًا تكون واجبة للصلاة والصيام.
تعرفي أيضًا على: دليل أن الحائض لا تصلي
قراءة القرآن للحائض
لمّا كنّا بصدد حكم دعاء الحائض في قيام الليل، وعلمنا أنه جائزًا لها الدعاء مع سؤال الله الاستجابة العاجلة.. نشير إلى أن قيام الليل كما ذكرنا آنفًا لا يكون بالصلاة فحسب، فربما بالدعاء وقراءة القرآن، لكن ماذا عن قراءة القرآن للحائض؟ نشير إلى الأحكام التالية في هذا الصدد:
- قراءة القرآن من كتب التفسير التي لا تُسمى مصحفًا لأن أكثر ما فيها ليس قرآنًا.. أمر جائز للحائض.
- يُمكن للحائض أن تقرأ القرآن من خلال حاجز، أي من خلال الهاتف أو الجهاز.
- تكون قراءة القرآن من المصحف من خلال حاجز، أي دون لمسه بيديها، هذا ما اشترط فيه بعض الفقهاء جواز الحكم.
- البعض الآخر من الفقهاء ذهب إلى أن الحائض لها أن تقرأ القرآن بقصد الذكر والدعاء أو إن خافت نسيان ما حفظته، وكذلك في حالة حضور دروس العلم التي تتطلب القراءة.
- إلا أن الحكم العام في قراءة القرآن للحائض من خلال لمسها المصحف فهو غير جائز.
هل يجوز للحائض الجلوس على سجادة الصلاة
قال الإمام النووي –رحمه الله-: “المصلى المتخذ للعيد وغيره، الذي ليس بمسجد لا يحرم المكث فيه على الجنب والحائض على المذهب، وبه قطع الجمهور، وذكر الدارمي فيه وجهين وأجراهما في منع الكافر من دخوله بغير إذن ذكره في باب صلاة العيد وقد يحتج له بحديث أم عطية في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الحيض أن يحضرن يوم العيد ويعتزلن المصلى ويجاب عنه بأنهن أمرن باعتزاله ليتسع على غيرهن وليتميزن“.
للإشارة إلى أنه من غير الجائز أن تتردد الحائض إلى الجامع للاستماع إلى درس ما أو من أجل الجلوس في المسجد دون أداء الصلاة.. فقط للدعاء إلى الله، أما عن جلوسها على سجادة الصلاة، فلا يتسنى لها الجلوس على مصلى الآخرين، لأنها موضع الصلاة والصلاة تتطلب الطهارة.. التي تنتقصها في فترة الحيض.
تعرفي أيضًا على: هل يجوز التصدق بدل صيام القضاء للحائض
هل دعاء الحائض مستجاب في ليلة القدر؟
القيام في ليلة القدر لا يقتصر على الصلاة فقط، بل من التيسير على الحائض أن أتاح الله لها أمور أخرى من شأنها استغلالها في التعبّد دون الصلاة.
فلا جناح عليها من التعبد في ليلة القدر، من خلال التسبيح والتحميد والتهليل وترديد الكثير من الأذكار، والاستغفار والإكثار من الصلاة على النبي.. هكذا يكون الدعاء بإذن الله مستجابًا لها في تلك الليلة المباركة إن كانت صادقة مخلصة لله.
فتحصل بذلك على أجر ليلة القدر العظيم، فقط عليها أن تنوي إحياء تلك الليلة، لأن الأعمال لا تكون إلا بالنيات، فإن نوت فعل عمل صالح وما منعها منه إلا عذر قهري فإنها تثاب على ذلك خير الإثابة، هذا علاوةً على إمكانية الإكثار من الصدقات عوضًا عن أساسيات الفرائض التي تتطلب الطهارة، فالصدقة من شأنها محو الخطايا وإبدالها بالحسنات.
إن كانت متزوجة فتُجزى خير الجزاء إن عملت على حث زوجها وأولادها على نيل ثواب تلك الليلة المباركة، كما تردد الباقيات الصالحات وتقرأ ما حفظت من القرآن دون لمس المصحف، وتدعو الله كثيرًا بأن يغفر لها ويرحمها ويجعلها ممن قمن ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا.
في الشريعة الإسلامية السمحة العديد من الرخص التي تعتبر رحمة للنساء على وجه الخصوص.. لأداء العبادات بتيسير مُحقق.
تابعنا على جوجل نيوز