حديث المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين
حديث المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين يعد من أهم الأحاديث التي وردت في فقه المرأة، ففيه حكم بُني عليه لباس المرأة الذي ورد في شريعة الإسلام، وأحكام الزينة.
لذلك في السطور القادمة عبر موقع إيزيس سنعرض لكم حديث المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين، موضحين صحة هذا الحديث، وشرح العلماء له، والشواهد المأخوذة منه.
حديث المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين
الإسلام دين لا فرق فيه بين أبيض أو أسود، أو عربي وأعجمي إلا بالتقوى، وجاء الإسلام ليعدل بين فئات المجتمع، فلغى العبودية، وجعل عتق الرقاب كفارة لبعض الذنوب، وذات ثوابٍ عظيم.
جاء الإسلام ليهدم أسس الجاهلية التي وضعت على تمييز طبقي، وتفريق بين الرجل والمرأة في الحدود، وجعل للمرأة حق العيش محرمًا الوأد، وحق العمل والتعليم مثل الرجل، وجاء الإسلام ليجعل المرأة مثل الجوهرة المكنونة.
التي تستر عن الأعين مخافة سرقتها، وجاء حديث المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين، بروايتين وكلاهما أخرجهما الألباني في إرواء الغليل برقم 1790 وهي من رواية سعد بن جبير
“قال ابنُ عباسٍ في قولِهِ تعالَى: (إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) الوجهُ والكفينِ“.
أما الرواية الثانية فهي من رواية جابر بن زيد جاءت برقم 59 في جلباب المرأة لألباني
“وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا، قَالَ ابنُ عباسٍ: الكفُّ ورقعَةُ الوجْهِ“
وكلا الروايتين صحيحتين.
الروايتان من حديث كف المرأة ووجهها ليس بعورة، يعدان شاهدان قويان، ولعل ما جاء في سنة رسول الله يؤيد هذه الحجة، فالحديث الذي رواه جابر بن عبد الله رضي الله عن رسول الله، وأخرجه مسلم في صحيحه برقم 885.
“.. تَصَدَّقْنَ، فإنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ فَقَامَتِ امْرَأَةٌ مِن سِطَةِ النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الخَدَّيْنِ، فَقالَتْ: لِمَ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: لأنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ“
معنى سط وسط، والسفعاء هي من تغير لون خديها إلا السواد، وهذا شاهد على أن وجه المرأة ليس بعورة.
تعرفي أيضًا على: حديث المرأة المتعطرة
المذاهب الأربعة ومسألة ستر وجه وكفي المرأة
المذاهب الفقهية الأربعة هي طرق شرح الأئمة الأربعة لما جاء في الكتاب والسنة، الأئمة هم الإمام أحمد بن حنبل، والإمام أبو حنيفة النعمان، والإمام مالك بن أنس، والإمام محمد بن إدريس بن شافع “الشافعي”، وعرض كل مذهب شرح حديث المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين.
وجه المرأة ويدها عند الحنابلة
ذهب جمهور علماء المذهب الحنبلي -وهو مذهب سكان الخليج العربي- إلى كون جسد المرأة كله عورة، من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها، إلا في الصلاة فالمرأة كلها عورة إلا كفيها، ووجهها، فتصلي دون نقاب، أو قفازات.
الشافعية ومسألة ظهور يد المرأة ووجهها
جاء رأي الشافعية -المذهب السائد بين مسلمي أفريقيا- مشابهًا لما جاء عند الحنابلة لكن، عند الشافعية جسد المرأة كلها عورة من الرأس إلى القدمين، ووجهها حتى كفيها، مستندين إلى قول الله سبحانه وتعالى في الآية التاسعة والخمسين من سورة الأحزاب.
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).
عورة المرأة عند المالكية
المذهب المالكي هو المذهب الأكثر الفقهي المعمول به في بلاد شمال أفريقيا، وبعض من دول الشام، وذهب علماء المذهب المالكي إلى أن جسد المرأة كله عورة إلا الكفين من الأظافر إلى الرُّسغ، والوجه، وإن غطت المرأة وجهها وكفها فهذا من باب الاستحباب والسنة لها.
ما يُكشف من المرأة في المذهب الحنفي
مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان هو المذهب المعمول به في المسائل الشرعية في مصر، ولا يختلف حكم الوجه والكفين عند الحنفية كثيرًا عن المالكية، إلا أنهم زادوا على المالكية في أن وجهها وكفيها يسترا في زمنٍ كثر فيه الفتن.
تعرفي أيضًا على: حديث المرأة الملساء
هل وجه المرأة وكفيها عورة عند علماء السلف الصالح؟
ذكر العديد من علماء السلف الصالح والتابعين شروحًا وتفسيرات لحديث المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين، وفي هذه الفقرة سنعرض لكم من أقوال هؤلاء العلماء.
اجتمع العلماء على أن الأصل هو ستر المرأة لشعرها، وكامل رأسها، والرقبة، والجيب “الياقة” لكن المختلف عليه هو إظهار الوجه والكفين.
شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية قال في “مجموع الفتاوى” في الصفحتين 317، 372 في المجلد الخامس عشر من كتابه، إن الأصل هو ستر كامل جسد المرأة مع ظهور مكان للعين لرؤية الطريق، أما بالنسبة للنساء اللائي في الإحرام فينهى عنهن لبس القفازين، والنقاب.
أما الشيخ ابن قدامة المقدسي فقد ذكر في “المغني” إن للخاطب جوازًا في رؤية وجه خطيبته لأنه ليس بعورة، بل هو مجمع المحاسن، وموضع النظر، ولا يباح النظر إلا ما يظهر.
أما الشيخ مصطفى الرحيباني صاحب “مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى”، فقال إن ستر الرأس كله واجب، لأنه عورة، سواء أكان الكشف في الصلاة أو خارجها.
أما البيهقي فقال إن المرأة تستر زينتها كلها “أي مفاتنها”، ولا تبدِ منها إلا الوجه والكفين، وهو ما أورده الأوزعي، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير رضوان الله عليه أجمعين.
قول ابن باز وابن عثيمين في هذه المسألة
شرح حديث المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين الشيخان الجليلان عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله-، والشيخ محمد بن صالح آل عثيمين -رحمه الله-، وسنعرض لكم في هذه الفقرة من أقوالهما في الحديث.
أجاب الشيخ عبد العزيز بن باز عن سؤال هل وجه المرأة عورة؟ في “فتاوى الجامع الكبير”، وقال إنها مسألة خلاف بين العلماء، فمنهم من قال إنه عورة ووجب ستره، وهو القول الذي ذهب إليه الشيخ رحمه الله، ومكررًا أنه الصواب.
كما قال إن القسم الآخر من العلماء الذي يقول إن وجه المرأة ليس بعورة، يستشهد بالآية الحادية والثلاثين من سورة النور
(وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ)، وهو قول ابن عباس رضي الله عنه.
الشيخ محمد بن صالح آل عثيمين قال إن الشريعة الإسلامية جاءت لدرء المفاسد ومنع الفتن، وذكر الشيخ أن القول الراجح في هذه المسألة هو وجوب ستر الوجه عن الرجال الأجانب، مثل ما جاء في قوله تعالى في الآية الحادية والثلاثين من سورة النور إلى آخرها.
(وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ).
تعرفي أيضًا على: حقوق المرأة الاجتماعية
علماء الأمة المعاصرين وحكم ظهور وجه المرأة
مع زيادة الاختلاط بالثقافات غير العربية، عاد العلماء إلى شرح حديث المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين من جديد، وبالأخص في وقتنا المعاصر.
الشيخ خالد المصلح عبر برنامج يستفتونك، استشهد بالآية التاسعة والخمسين من سورة الأحزاب، وقال إن الإدناء هي الستر، وقال إن ما وقف عليه في شروح السنة أن ستر الوجه فضل، لكن الاختلاف فيه أهو واجب أم غير واجب.
الشيخ أبو إسحاق الحويني قال إن ستر الوجه بين الفضيلة، والوجوب، وقال إن “مذهب العامي مذهب من يفتيه”، أي إن الأفضل هو اتباع المذهب العام في البلد الموجود فيها، ولا يؤخذ من كل عالم ما يوافق الهوى.
الشيخ محمد العريفي قال إن تغطية الوجه واجب، وإن كشفت وجهها فلا حرج فيه كما يجب إن كشفت وجهها ألا تبرز مفاتنها، أو تضع مساحيق التجميل في وجهها، فهي من الزينة، كما يجب ألا يكون الحجاب حجابًا مزينًا.
العلماء مختلفون في أمر ظهور وجه المرأة وكفيها من عدمه، والأمر فيه من الاختلاف الطفيف بين القولين، فيجب عليكِ إن اتبعتِ أي قولٍ من الاثنين الامتثال به.
تابعنا على جوجل نيوز