مبطلات الصيام إجمالًا سبعة.. هل الرقص منها؟ دار الإفتاء تجيب

ثمَّة مُبطلات عِدة للصيام تغفل عنها النساء، بل والبعض يتهاون بها لا يعي إلى أنه لا ينال جزاء صيام يوم برمضان، لذا إن كانت ترقُص وتتغنى في ساعات الصيام، فهل هذا يُفسده؟ دعينا نتعرف على الحُكم عن كُثب في إيزيس.

هل يعد الرقص من مبطلات الصيام؟

دعونا نتفق أن هناك ما يفسد الصيام وهناك ما يقلل من ثواب الصائم دون أن يفسد صيامه، فمثلًا إن كان الجماع هو أشد مبطلات الصيام نجد أن من مقدماته في علاقة المرأة بزوجها لا تفسد صيامهما بل تقلل من ثواب صومها في نهار رمضان.. وعلى هذا القبيل تأتي بقية الأحكام.

بادئ ذي بدء نذكر ما ذهبت إليه دار الإفتاء بصدد “حكم الرقص في الصيام؟” حيث أفتت بأن قيام المسلمين بإحياء ليالي رمضان من خلال الرقص والعزف والغناء من الأمور غير المبطلة للصيام، لكنها لا تجعل لمقترفها ثوابًا، نظرًا لاستهتاره بفضل الشهر الكريم فلا يغتنم ما به من ثواب ليهدرها بالمعاصي.

فإن كان لزامًا على المسلم والمسلمة التحلي بالفضيلة في العموم، فإن لزامًا عليهما التحلي بها في شهر رمضان أثناء الصيام على وجه الخصوص، فبدلًا من الرقص والغناء في الليالي الرمضانية، يجب استغلالها في طاعة الله وإحيائها بقراءة القرآن والذكر وصالح الأعمال.

لذا نفرق جليّا بين الثواب وبين الفريضة، أي أن الصائمة التي استوفت أركان الصيام وشروطه دون إخلال، أسقطت عن نفسها الفريضة فلا قضاء لها فيها، لكنها إن اقترفت ذنب ما أو فعلت ما هو مكروه وغير مستحب لكنه لا يبطل صيامها، فإنه لا ثواب لها بقدر ما اقترفت.

لكن ما يجب التنويه إليه أن ما نقصده بقولنا السالف هو رقص الحفلات وما شابه، أما عن رقص الزوجة لزوجها فالأمر يختلف في الحكم، فهنا يسعنا أن نوضح أن الرقص لا يبطل الصيام.. شرط عدم تحريك الشهوة.

فلنعتبر أن الرقص من مقدمات الجماع أو تحريك شهوة الرجل.. الأمر الذي يفسد صيامه، لكن في العموم رقص الرجل مع زوجته في منزله لا حرج فيه، لكن مع شرط عدم اشتهائها بشهوة منه، وكذلك الحال بالنسبة لها، والأفضل لهما بالطبع أن يراعيا حدود الله ويؤجلا ملذات النفس عقب انتهاء وقت الصيام، حتى لا يقعا في الإثم عن غفلة منهما، فقلة قليلة تستطيع التحكم في الإرادة والفطرة.

مع التنويه أنه على المسلمة أن تكون حافظة لوقتها، مدركة ما تفعله وما لا يجب عليها فعله، حتى لا توقع بزوجها فيما يبطل صيامه، فيكون الأمر بإرادة منها وعمد، بل تشجعه على استغلال وقت النهار في الصيام وقراءة القرآن والصلاة والكثير من العبادات.

تعرفي أيضًا على: هل المكياج يبطل الصيام

متى يكون الرقص مبطلًا للصيام؟

روى أبو هريرة حديث عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم:

“قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ؛ فإنَّه لي، وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ” (صحيح البخاري).

أما عن مشاهدة الرقص الإباحي في نهار رمضان والرقص المختلط المحرك للنظر والتلفظ بشهوة يعتبر من مفسدات الصيام لكونه خروجًا عن الأخلاق، قصدًا للتلذذ، فتبطل الصيام لا محالة.

قد قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (183) سورة البقرة.

التقوى مقرونة بالصيام، ومن آدابه أن يتقي المسلم ربه ولا يفعل ما هو محرم، فتلك هي الحكمة التي شرع من أجلها الصيام، والتي تتلخص فيها مقاصده، والتي تتجلى في كسر الشهوة وكبح النفس وترويضها.

كذلك نشير إلى أن فعل المعصية في رمضان تعد أشد إثمًا وجزاءً من فعل ذات المعصية في غير رمضان، لهذا يجب على المسلمين الحرص على تجنب المعاصي في شهر رمضان المبارك، وتجنب شبهات الوقوع في المعاصي، والتوبة إلى الله.

تعرفي أيضًا على: هل العطر يبطل الصيام

هل سماع الأغاني يبطل الصيام؟

إن الأغاني بصورتها الحالية ما هي إلا دعوة لإظهار مفاتن النساء وكل ما هو محرم، فهي تشمل كافة صور المجون والتلذذ بالمعاصي، من هنا كانت محرمة تحريمًا لا خلاف عليه، لكونها محركة للشهوة، وبطبيعة الحال تؤدي إلى فقدان ثواب الصيام إن تم سماعها في نهار رمضان.

أما إن خلت الأغاني من كل هذا، لا بها من المعازف ولا من الاختلاط، فهنا اختلفت آراء الفقهاء، حيث ذهب البعض كالمذهب الحنفي والحنبلي إلى التحريم المطلق في نهار رمضان، أما عن المذهب الشافعي فقال إن الأمر مكروه فحسب، فالأفضل أن يذهب المسلم إلى تلاوة ما تيسر من القرآن.

أما عن المذهب المالكي فعزم على إباحتها، نظرًا لكونها تخلو من كل ما هو محرم وليس في سماعها حرج، ومن الجدير بالذكر أن هذا هو القول الراجح، والأمر لا يخلو من الضوابط بأي حال، أهمها ألا يكون هناك ترققًا في الغناء ولا تكون الكلمات محركة للمشاعر والشهوات.

في جانب آخر نذكر أن هناك إجماع على تحريم استعمال آلات اللهو والمعازف، فيما عدا الدف، هذا ما يُمكن إسناده إلى الحديث الشريف: “لَيكونَنَّ من أمَّتِي أقوامٌ، يَستحِلُّون الحِرَ والحريرَ، والخمرَ والمعازفَ“ (صحيح).

يجب على كل مسلمة العلم أن ليس كل ما حرمه الله يعد مبطلًا للصيام، فهناك فصل واضح كما هو الفصل بين الحلال والحرام، مع مراعاة حرصها على نيل الثواب وهي صائمة والابتعاد عن الملذات بأنواعها.