حكم منع أو رفض الزوج ارتداء زوجته النقاب.. الأدلة النقلية تفصل الجدل!

كثير من النساء ترى أن النقاب فرضًا، وغيرهنّ راجين الستر والعفّة، فيرغبون في ارتدائِه، إلا أن الزوج بعض الأحيان يبقى عائقًا، إمّا بالرفض، أو بالشرط، ثمَّة آراء تضاربت في الآونة الأخيرة بينهم، إلا أننا في إيزيس يتسنى لنّا توضيح الحُكم في ذلك بالأدلة النقلية والعقلية.

حكم منع الزوج ارتداء زوجته النقاب

النقاب هو ما تضعه المرأة من قماش على وجهها لستره، اختلف العلماء في حكم ارتدائه من عدمه، فإن البعض منهم ذهب بالقول إلى أنه واجب، والبعض الآخر ذهب إلى أنه سنة، كما أن البعض قال إنه واجب للفتيات من النساء في حالة الفتنة وعدم أمنها، وعكس ذلك فلا يكون واجبًا على الإطلاق.

كذلك ذهب الفقهاء إلى القول بأن لبس المرأة للنقاب وهي محرمة للعمرة أو للحج هو غير جائز، وكان الدليل على ذلك ما رواه عبد الله بن عمر -رضيّ الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (المُحْرِمَةُ لا تَنتقِبُ، ولا تلبَسُ القُفَّازَيْنِ)، لذلك دار النقاش حول حكم منع الزوج ارتداء زوجته النقاب:

تعرفي أيضًا على: على من يجوز كشف النقاب

أولًا: لمن ترى أن النقاب فرض

هنا نذكر الحالة التي تكون الزوجة فيها على قناعة أن النقاب فرض، فترتديه وفقًا لذلك، بقناعة تامة منها أنّه يلزم عليها تغطية وجهها وكفيها، نظير الحماية من الفتنة، وإثر فساد المجتمع، فلا ترضى برأي زوجها على اعتبار أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

يكون على الزوج التوجه إلى زوجته بالحكمة وطرح وجهة نظره حول الأمر، ويجدر بالذكر أنّه يلزم عليه في بادئ الأمر قبل إتمام الزيجة أن ينتقي من تتوافق مع فكره، لا أن يتزوجها ثم يغير من اتجاهها وما تقنع به، لأن الغرض من التوافق بينهما يكمن في التواصل الفكري والاتفاق على المُعتقدات.

لكن عليها أن تنظر أنّ طاعة الزوج فرض عليها، وأنّ النقاب كما ذُكر عنه أنه ليس بفرض، إنما من قُبيل الاستزادة في الطاعة، فيكون بذلك ارتداء النقاب دون موافقة الزوج غير جائز، لأنه ليس واجبًا إن تمت مقارنته بطاعة الزوج.

هنا نشير إلى أن الزوج ليس له أن يضرب زوجته أو يُعنفها حال امتناعها عن عدم ارتداء النقاب، فليس في الأمر من تعنت، لأنه يضربها حال النشوز ضربًا غير مبرحًا، وإن كانت ترى صور من الطاعة في ارتدائها النقاب فلا تُعتبر آثمة حتى يضربها.

لذا نؤكد على أن المنع من الزوج يكون باللطف والتشاور وكثير من الحوار، وما إن لم يصلا إلى اتفاق بينهما، فعليهما التوجه إلى دور الإفتاء في أمرهما، واستشارة أهل العلم والحكمة.

تعرفي أيضًا على: هل النقاب يؤثر على النظر

ثانيًا: لمن ترى أن النقاب ليس بفرض

هنا يكون من الأيسر على الزوجة أن تدري أن طاعة زوجها أبدى من ارتداء النقاب، كما هو الحال في حالة الصيام التطوع.. فلا يجوز للزوجة أن تصوم إلا بإذن زوجها، ففي تلك الحالة عليها أن تلتزم بحجابها الشرعيّ واحتشامها في الزيّ الشرعيّ.

فلها أن تعرف أن النقاب تُثاب عليه إن فعلته بنية العبادة، لكن طاعة زوجها تُثاب عليها لأنها فرض عليها.. وطالما كانت ملتزمة بالزي الشرعي للحجاب فلا تُعتبر آثمة بحال.

فقد قال الله تعالى في سورة النور: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)“.

ذُكر أن التزين الظاهر الذي ليس على المرأة اتباعه في مظهرها الخارجي أمام الرجال هو ما يتعلق بالبدن وعورته، وليس له علاقة بالوجه والكفين.. فلا يكون حجابها زينة في نفسه أو واصفًا لمفاتنها.

تعرفي أيضًا على: خلع النقاب لضيق التنفس

هل يجوز إجبار الزوجة على ارتداء النقاب؟

جاءت الإجابة من قبل دار الإفتاء المصرية بأنه لا يجوز للزوج أن يكره زوجته على ارتداء النقاب.. لنصل إلى أصل الحكم بأن النقاب ليس بفرض؛ لأن المسائل الخلافية يجب أن يتم فيها التعامل بين الزوجين بالتفاهم والود والمحبة، للحفاظ على أواصر الحب بينهما، من خلال تبادل أطراف النقاش واستماع كلًا منهما لرأي الآخر بكل احترام.

كذلك نصح أمين الفتوى بدار الإفتاء بأنه غير جائز أن يفرض الزوج على زوجته أمر مختلف في حكمه، وأن يجعل المحرمات ما بينهما من خطوط حمراء، وأضاف أمين الفتوى بأن الزوج إذا كان ممن يقتنع بأن النقاب فرضًا، فكان عليه أن يتزوج بمن ترتديه أو تقتنع بنفس الأفكار في البداية.

اختتم الشيخ فتوته بأنه ينبغي على الزوج أن يتعامل مع زوجته بكل رفق وإحسان، وليس بالشدة والإجبار على أي شيئًا يكن ما دام أنه غير محرم، ونوه إلى أن كشف الوجه للمرأة جائز، بالإضافة إلى ضرورة تسير الأمور بين الزوجين بكل ود وتفاهم واقتناع، حرصًا منهما على مصير الأسرة واستقرارها.

النقاب دومًا ما يكون حكم ارتدائه في محل خلاف، ولكن في كل الحالات، لا يجوز للزوج أن يتعنت مع زوجته في أمر عليه خلاف أو يجبرها على الالتزام به.

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة
اترك تعليقا