هل تستحق الزوجة الناشز النفقة

هل تستحق الزوجة الناشز النفقة؟ وما هو نشوز المرأة عن زوجها؟ ديننا الحنيف قد كفل للمرأة حقها في الكثير من المعاملات، فلها حق الإرث، حق المعاملة الحسنة من الزوج، حق التعليم، والكثير من الحقوق الحياتية التي تخول لها العيش بكرامة، كما كفل لها حق الحصول على النفقة في حالة الطلاق، لكن ما حال ذلك إن كانت ناشزًا، هذا ما سوف نتعرف عليه من خلال موقع إيزيس.

هل تستحق الزوجة الناشز النفقة

نشوز المرأة هو خروجها عن طاعة زوجها التي أمرنا بها الله عز وجل، فالعلاقة الزوجية أساسها المودة والرحمة بين الطرفين، فقد قال -جل في علاه- في محكم التنزيل في سورة النور الآية رقم 21: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”.

كذلك بالنظر إلى حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التالي، نجد أنه قارن طاعة الزوج برضا الله عز وجل، حيث قال: “لو كنتُ آمِرًا أحدًا أن يسجُدَ لأحدٍ، لأمرتُ المرأةَ أن تسجُدَ لزوجِها” (صحيح) رواه أبو هريرة.

الجدير بالذكر أن مصدر تشريعاتنا في الحياة الدنيا لا ينبغي أن يخرج عن كتاب الله وسنة رسوله، المؤكدين على ضرورة طاعة المرأة لزوجها، أما في حالة نشوزها، فإنه عليه أن يقوّمها بعد طرق، والتي ذكرها الله أيضًا في كتابه العزيز حين قال:

الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا” سورة النساء الآية رقم 34.

كذلك في حالة استمرار الزوجة على نشوزها، فإنه من الواجب على الزوج الامتناع عن النفقة الشخصية التي تخصها، كونها لا تطيعه، ولا يأثم في ذلك باتفاق جمهور أهل العلم، وهنا نكون قد أجبنا عن سؤال هل تستحق الزوجة الناشز النفقة بشيء من الإيجاز، إلا أننا سنتناول العديد من الدلالات التي تخص الأمر فيما يلي.

تعرفي أيضًا على: حقوق الزوجة إذا طلبت الطلاق بدون سبب

مظاهر نشوز الزوجة

في إطار التعرف على الجواب المثالي لسؤال هل تستحق الزوجة الناشز النفقة، يجب أن نعي أن المشكلات المعتادة بين المرأة وزوجها لا تعد نشوزًا، حتى لا يلجأ كافة الأزواج إلى قطع النفقة عن الزوجات استدلالًا بذلك، فنشوز المرأة يكمن في عدة مظاهر، من الممكن أن تتمثل فيما يلي:

أولًا: امتناع الزوجة ليلة الزفاف

في بعض الحالات نجد أن الزوجة لا تود الذهاب إلى بيت زوجها، كونها تشعر بالحرج الشديد منه أو ما إلى ذلك من أسباب الخوف والاستحياء، إلا أن ذلك لا يعتبر عدولًا عن الزواج أو نشوزًا من قبلها، فكل ما في الأمر أنها تحتاج إلى بضعة أيام للتأقلم على الوضع المعيشي الجديد.

إلا أنه في حالات أخرى، نجد أن الزوجة تذهب مع الزوج إلى المنزل، لكن تمنعه من الدخول بها دون وجود أي سبب يدعو إلى ذلك، مما يثير الشك في نفس الزوج، والذي بدوره يعطيها الأعذار وينتظر عدة أيام إلى أن يتغير الحال دون جدوى.

فالمرأة في تلك الحالة ناشزًا عنه ولا يجب عليه أن ينفق عليها، فقد أخذت منه مال المهر المعجل وهو حقها الشرعي، لكنها منعته هو من حقه عليها، وهي آثمة شرعًا وعليها التوبة إلى الله -عز وجل- وطاعة الزوج، إما أن تطلب الطلاق، حتى لا تظلم الرجل ونفسها، وفي تلك الحالة لا يحق لها الحصول على نفقة المتعة.

تعرفي أيضًا على: حديث المرأة التي طلبت الطلاق

ثانيًا: امتناع الزوجة عن زوجها في الفراش

الحالة الثانية من نشوز المرأة والتي تسقط حقها في النفقة، هو أن تمتنع عن ممارسة العلاقة الحميمية مع زوجها على الرغم من عدم وجود الأسباب الشرعية لذلك والتي سنتعرف عليها فيما بعد.

حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شأن من تمنع نفسها من زوجها ما يلي:

“إذا دَعا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِراشِهِ، فأبَتْ أنْ تَجِيءَ، لَعَنَتْها المَلائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ” (صحيح) رواه أبو هريرة.

ففي تلك الحالة هي ناشزًا بإجماع الأئمة، وتستحق معاقبة الزوج بالطرق التي شرعها الله -عز وجل- في كتابه العزيز، فإن استمر الأمر على هذا النحو، فمن شأنه أن يمنع عنها النفقة، كونها لا تطيعه وتحثه على اللجوء إلى الفواحش لإشباع حاجته الحميمية.

إلا أن هناك بعض الحالات التي لا تأثم حينها الزوجة إن امتنعت عن الفراش وتستحق النفقة كالمعتاد، والتي تتمثل فيما يلي:

1- الطمث الشهري

هو العذر القهري الذي يستوجب امتناع الزوجة عن زوجها، بأمر من الله عز وجل، حيث قال في كتابه العزيز في سورة البقرة الآية رقم 222:

“وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ”.

لذا لا يجوز للمرأة أن تمارس مع زوجها العلاقة الحميمية في تلك الفترة، حتى وإن أرغمها على ذلك أو برر لها ذلك الفعل، فالنص القرآني واضح وصريح، وكان لابد من ذكر الأمر في إطار التعرف على الإجابة الصحيحة لسؤال هل تستحق الزوجة الناشز النفقة.

تعرفي أيضًا على: الفرق بين أعراض الحمل والدورة الشهرية

2- وطء الزوجة في الدبر

في الكثير من الأحيان يرغب الرجل في ممارسة العلاقة الحميمية مع المرأة من خلال وطء الدبر، وهو أمر منهي منه، فهي فعلة قوم لوط، التي استوجبت العذاب الأليم، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز في سورة الأعراف الآية رقم 80:

وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ”.

هذا دليل من كتاب الله على أن وطء الزوجة في هذا الموضع محرم شرعًا، أما عن السنة النبوية، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

“نزلَت في رجُلٍ من الأنصارِ أصابَ امرأتَه في دُبرِها، فأعظَم النَّاسُ في ذلك فنزلَت نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فقلتُ له: من دُبرِها في قُبلها، فقال لا إلَّا في دُبرِها” (صحيح) رواه نافع مولي بن عمر.

من هنا نستنبط أن امتناع الزوجة عن ممارسة العلاقة في تلك الحالة لا تعتبر نشوزًا، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كذلك إن تفاقم الأمر فإنها تستحق النفقة كونها ليست ناشزًا، ولا ينطبق عليها جواب سؤال هل تستحق الزوجة الناشز النفقة.

3- الجماع في نهار رمضان

أيضًا من الأسباب التي توجب امتناع الزوجة عن العلاقة الحميمية والتي لا تعتبر حينها ناشزًا، هو أن يطلبها الزوج لممارسة العلاقة في نهار رمضان، فقد قال الله -عز وجل- في سورة البقرة الآية رقم 187:

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ”.

منها نستدل على أن الجماع في رمضان مقرون بانتهاء فترة الصوم، ولا تأثم الزوجة من تطبيقها لحدود الله، ولا تكون ناشزًا في تلك الحالة وتستحق النفقة عليها.

على الرجل أن يفرق جيدًا بين حالات نشوز المرأة وعدمها، حتى لا يقع في إثم الامتناع عن الإنفاق عليها بدون وجه حق.

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة