هل تحرم زوجة الأب بمجرد العقد
هل تحرم زوجة الأب بمجرد العقد؟ وما هي حقوق زوجة الأب على زوجها؟ فتشريعات الزواج والطلاق من أهم ما يجب على المسلم الإلمام به، لذا أراد موقع إيزيس أن يجيبنا على تلك الأسئلة التي تعد من النوع الشائك كونها تخص الشريعة الإسلامية، لذا دعونا نستفيض بتلك الأجوبة المؤكدة بدلائل من كتاب الله وسنة أشرف الخلق أجمعين.
هل تحرم زوجة الأب بمجرد العقد
يقول الله تعالى في محكم التنزيل في سورة النساء الآية رقم 3:
“فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا”.
أي أن الله -عز وجل- قد أباح للرجل أن يتزوج من أكثر من امرأة سواء أكانت الأولى على قيد الحياة، أو توفاها الله جل في علاه، وسواء كانت لا تزال على ذمته، فيما يعني أن الزيجة ما زالت قائمة أم أنها قد انتهت بالطلاق.
فزواج الأب أمر لا يسمح لأحد بالاعتراض عليه لأي من الأسباب، ويجب على الأبناء أن يحسنوا معاملة زوجة الأب لأن ديننا الحنيف قد أمرنا بذلك مع العلم أنها في تلك الحالة تكون محرمة على الأبناء بمجرد أن يعقد الأب عليها، حتى وإن لم يدخل بها، فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل في سورة النساء الآية رقم 22:
“وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا“.
بذلك نكون قد أجبنا على سؤال هل تحرم زوجة الأب بمجرد العقد، وعلينا أن نعلم أنه على الأبناء جميعهم معرفة ذلك، فقد ورد في رواية البراء بن عازب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
“مَرَّ بي خالي ومعه لواءٌ، فقُلْتُ: أين تَذهَبُ؟ قال: بعَثني النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى رجُلٍ تزوَّجَ امرأةَ أبيه آتِيهِ برأسِه” صحيح.
فهذا الحديث من شأنه أن يؤكد حرمانية زوجة الأب على الأبناء، مع العلم أنه يجب أن نميز بين التحريم والمحارم، أي أن تلك المرأة لا يمكن لأي من الأبناء الزواج بها أبد العمر، حتى بعد وفاة الأب، لكنهم غير مجبورين على التواصل معها كونها ليست من المحارم.
فقد ذكر الله -عز وجل- المحارم من النساء في الآية الكريمة من سورة النساء حين قال:
“حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا” الآية رقم 23
إلا أنه على المسلم الذي يتقي الله -عز وجل- أن يحسن التعامل معها وأن يتقي الله فيها، سواء أكان الابن أم الأب.
تعرفي أيضًا على: حكم زواج الرجل على زوجته بدون رضاها
طريقة التعامل مع زوجة الأب
في إطار الإجابة على سؤال هل تحرم زوجة الأب بمجرد العقد، نذكر أنها لا تندرج تحت ضرورة صلة الرحم، وإلا يكون الشخص مذنبًا ويناله عقاب وسخط من الله عز وجل.
إلا أن الله قد أمر بالإحسان إلى الأب، ومن صور الإحسان إليه أن يقوم المسلم بالتقرب إلى ذويه، حيث إن زوجة الأب في تلك الحالة تعتبر من ذويه، والأب مسؤول عن العائلة بأكملها، لذا دعونا نتعرف على الطريقة الصحيحة التي من الممكن أن يقوم من خلالها الأبناء بمعاملة زوجة الأب، حيث أتت فيما يلي:
أولًا: التغافل عن سيئاتها
يقول قال الله تعالى: “وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ” سورة فصلت الآية 34، فمن الممكن في بداية الأمر ألا تسير الأمور على ما يرام، كون الأبناء ينتمون إلى أمهم، حتى وإن كانت قد توفيت، فهي الحب الأول والأخير بالنسبة إليهم لا محالة، لكن ذلك ليس مبررًا لأن يتعامل الأبناء مع زوجة الأب بطريقة غير لائقة، ولا تشير إلى إسلامنا، فهو دين المعاملة.
فإن وجد الأبناء أن زوجة الأب تعاملهم بطريقة سيئة، عليهم أن يعاملونها بالحسنى، فيما بعد ستتغير الأمور كونها ستخجل من نفسها، وتشعر أنها ترتكب إثمًا كونها لا تتقي الله في معاملتها.
ثانيًا: الإحسان إليها
ما دخل الإحسان في أي من الأمور إلا جعله الأفضل على الإطلاق، فيجب على المسلم إن كان له زوجة أب أن يحسن إليها خاصة بعد وفاة زوجها، ففي تلك الحالة يجب أن يقف الأبناء إلى جوارها إحسانًا لأبيهم، ففضل الأب علينا عظيمًا يجعلنا لا نتغافل عن أي من محبيه.
فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية أبي هريرة:
“لا يَجْزِي ولَدٌ والِدًا، إلَّا أنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فيُعْتِقَهُ. وفي رِوايَةٍ: ولَدٌ والِدَهُ” صحيح مسلم.
كذلك على الأبناء عدم السعي لحرمانها من حقها في الميراث كونها زوجة الأب وليس الأم، ففي تلك الحالة يكون بهتانًا وإثمًا عظيمًا على المرء أن يحذر من أن يقع فيه.
من الهام هنا أن يفكر الابن إن كان والده ما زال على قيد الحياة، هل كان ليحرم زوجة أبيه من حقها الشرعي؟ فلماذا يخشى بعض الأبناء من أبيهم ولا يخشون من الله -عز وجل- في بعض الأحيان؟
تعرفي أيضًا على: حكم زواج المسيار في المذاهب الأربعة
ثالثًا: التواصل مع زوجة الأب
يجب على الابن دائمًا أن يكون على تواصل مع زوجة أبيه، سواء أكان على قد الحياة أم بعد وفاته، ويرجع ذلك إلى أمرين، أولهما أن ينال فيضًا من الحسنات كونه يعاملها على النحو الذي علمه إياه دينه الحنيف، على أن يكون نيته ومقصده كذلك.
فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
“إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّةِ، ولِكُلِّ امرِئٍ ما نَوى، فمَن كانَت هِجرتُهُ إلى اللَّهِ عزَّ وجلَّ، فَهِجرتُهُ إلى ما هاجرَ إليهِ، ومَن كانَت هجرتُهُ لدُنْيا يصيبُها، أوِ امرأةٍ ينكِحُها، فَهِجرتُهُ إلى ما هاجَرَ إليهِ” صحيح.
أما الأمر الثاني أن يكون من باب البر بالأب، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية أبي هريرة:
“من قضى دَيْنَ والديْهِ بعد موتِهما، أو وفَّى نذرَهما، ولم يستَسِبَّ لهما؛ فقد برَّهما وإنْ كان عاقًّا، ومن لم يقضِ دَيْنَهُما ولم يُوفِّ نذْرَهما، واستَسَبَّ لهما؛ فقد عقَّهَمُا وإنْ كان بهما بارًّا في حياتِهما” صحيح.
رابعًا: عدم اغتيابها
الغيبة والنميمة من الأمور التي حرمها الله -عز وجل- في العديد من المواطن، فقد قال الله تعالى في سورة الحجرات الآية رقم 12:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ”
لذا فعلى المسلم أن يتقي الله -عز وجل- وألا يذكر زوجة أبيه إلا بكل خير، حتى وإن كانت تقوم بمعاملته على نحو غير جيد، فإنه في تلك الحالة عليه ألا يحاول أن يتذكرها في أي من المواقف، مما يدفعه إلى التحدث عنها بشكل غير لائق، مما يكون سببًا في حصوله على الكثير من الذنوب.
تعرفي أيضًا على: حكم الزوج الذي لا يتحدث مع زوجته
خامسًا: عيادتها إن مرضت
في حالة مرض زوجة الأب لابد وأن يزورها ابن زوجها، حتى ينال الثواب الأعظم، وذلك امتثالًا لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية أبي هريرة:
“إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ يقولُ يَومَ القِيامَةِ: يا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قالَ: يا رَبِّ كيفَ أعُودُكَ؟ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ، قالَ: أما عَلِمْتَ أنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أما عَلِمْتَ أنَّكَ لو عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ” صحيح.
في سياق جوابنا على سؤال هل تحرم زوجة الأب بمجرد العقد تعرفنا على الحقوق التي يجب أن يراعيها الأب أثناء التعامل مع زوجته لمنع تولد الكراهية بينها وبين أبنائه من أجل الحياة الكريمة لجميع الأطراف.
تابعنا على جوجل نيوز