هل تحرم الزوجة الزانية على زوجها
هل تحرم الزوجة الزانية على زوجها؟ وما هو الدليل القطعي على ذلك سواء من القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة؟ فالزنا من الكبائر التي تتسبب في لعنة مرتكبها، خاصةً إن كان محصنًا، لذا أراد موقع إيزيس أن يقترب من ذلك الموضوع الشائك، حتى نتعرف على الجواب الصحيح لتلك الأسئلة من خلال السطور التالية.
هل تحرم الزوجة الزانية على زوجها
يقول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة النور الآية رقم 3:
” الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ” فمن الممكن أن يقوم الرجل بالزواج من امرأة ظنًا منه أنها على خلق ودين.
إلا أنه يجد أنها قد وقعت في الفاحشة، وهنا يترك الأمر للزوج، فمن الممكن أن يود الإبقاء عليها أملًا في أن تتوب إلى الله عز وجل التوبة النصوح، أو يقوم بتطليقها، وفي هذه الحالة لا يكون عليه إثمًا.
إلا أن الدين الإسلامي لم ينص على تحريم المرأة على الزوج مطلقًا في حالة الزنا، فعلى الرغم من أنه إثم مبين قورن بالشرك بالله في الآيات من 68 إلى 70 من سورة الفرقان، حيث قال الله تعالى:
” وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا“.
إلا أن الله عز وجل رحمته واسعة ويتوب على الزوجة إن تابت التوبة النصوح، وإن كان للرجل القدرة على أن يعفو، فقد نال عظيم الأجر ودرجة عالية من الإحسان، فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل في سورة آل عمران الآيتين رقم 134، 135
” الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ“.
بذلك نكون قد أجبنا على سؤال هل تحرم الزوجة الزانية على زوجها بشيء من التفصيل.
تعرفي أيضًا على: هل تحرم الزوجة على زوجها بعد الوفاة
كيف تتوب المتزوجة من الزنا؟
يقول الله تعالى في محكم التنزيل في سورة الزمر الآية رقم 53
“ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ“.
ذلك إن دل على شيء، فإنما يدل على أن الله عز وجل قادر على أن يغفر ويرحم إن كانت التوبة نصوحة خالصة لوجه الله جل في علاه، لذا في سياق التعرف على جواب سؤال هل تحرم الزوجة الزانية على زوجها سوف نتناول سويًا خطوات توبة الزوجة من الفاحشة التي وقعت فيها.
كون ذلك الذنب ليس كأي من الذنوب، فبخلاف أنها محصنة، أي أنها ليست بحاجة للقيام بذلك، إلا أنها قد قامت بإثم مبين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية عبد الله بن مسعود:
” سَأَلْتُ -أوْ سُئِلَ- رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أكْبَرُ؟ قالَ: أنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وهو خَلَقَكَ. قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ أنْ تَقْتُلَ ولَدَكَ خَشْيَةَ أنْ يَطْعَمَ معكَ. قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: أنْ تُزَانِيَ بحَلِيلَةِ جَارِكَ. قالَ: ونَزَلَتْ هذِه الآيَةُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68] (صحيح) البخاري.
لذا دعونا نضع الزوجة التي أذنبت في حق نفسها على طريق الهدى من خلال الخطوات التالية:
1- إخلاص النية لله عز وجل
في إطار التعرف على جواب سؤال هل تحرم الزوجة الزانية على زوجها، يجب على الزوجة أن تعلم أنها في حالة الرغبة في التوبة أن يكون ذلك من أجل أن يغفر الله لها وليس لإبقاء زوجها عليها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية عمر بن الخطاب:
” العَمَلُ بالنِّيَّةِ، وإنَّما لِامْرِئٍ ما نَوَى، فمَن كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ ورَسولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ ورَسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومَن كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيا يُصِيبُها، أوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُها، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هاجَرَ إلَيْهِ” (صحيح البخاري).
2- العزم على عدم العودة مرة أخرى
على الزوجة طالما نوت أن تتوب إلى الله أن تعقد النية أنها لن تقع في ذلك الإثم مرة أخرى، فذلك من أهم الشروط التي يجب توافرها لتكون التوبة صحيحة ويقبلها الله عز وجل.
فالزوجة يجب أن تعلم أنها حين تقع في ذلك الإثم فإنها تجمع ماء زوجها مع ماء رجل خبيث، أي أنها في مكانة سفلى عليها أن تنأى بنفسها منها قبل فوات الأوان.
تعرفي أيضًا على: حكم ضرب الزوجة لِزَوْجِهَا للدفاع عن نفسها
3- الندم على الذنب
النفس اللوامة من أفضل ما يكون لدى المرء، ومن شأنها أن تكون سببًا لأن يغفر الله له، لذا على الزوجة أن تستغفر الله كثيرًا ولتبك علة خطيئتها وهي تشعر بما فعلت، حتى يمن الله عليها بالمغفرة وتقبل عنه من التوابين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية عقبة بن عامر:
“ لَقِيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فابتَدأْتُه فأخَذْتُ بيَدِه، قال: فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، ما نَجاةُ المؤْمِنِ؟ قال: يا عُقْبةُ، احرُسْ لِسانَك، ولْيَسَعْكَ بَيتُك، وابْكِ على خَطيئتِكَ. قال: ثمَّ لَقيَني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فابتَدأَني فأخَذَ بيَدي، فقال: يا عُقْبةُ بنَ عامِرٍ، ألَا أُعَلِّمُك خَيرَ ثلاثِ سوَرٍ أُنزِلَتْ في التَّوراةِ والإنجيلِ والزَّبورِ والفُرقانِ العظيمِ؟ قال: قلْتُ: بلى، جَعَلَني اللهُ فِداكَ. قال: فأَقرأَني: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}. ثمَّ قال: يا عُقْبةُ، لا تَنْساهُنَّ، ولا تَبِتْ لَيلةً حتى تَقرأَهُنَّ. قال: فما نَسِيتُهُنَّ قَطُّ مُنذُ قال: لا تَنساهُنَّ، وما بِتُّ لَيلةً قَطُّ حتى أَقرأَهُنَّ. قال عُقْبةُ: ثمَّ لَقيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فابتَدأْتُه فأخَذْتُ بيَدِه، فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، أَخبِرْني بفَواضِلِ الأعمالِ. فقال: يا عُقْبةُ، صِلْ مَن قَطَعَك، وأَعْطِ مَن حَرَمَك، وأَعرِضْ عمَّن ظَلَمَك”.
4- عدم الجهر بالذنب
بعد أن تعرفنا على جواب سؤال هل تحرم الزوجة الزانية على زوجها، نجد أن الله عز وجل من شأنه أن يغفر للزوجة ويتوب عليها إن كانت لا تتفاخر بما ترتكب، حتى وإن كانت قد وقعت في تلك الفاحشة، وقد من الله عز وجل عليها بعدم كشف الستر، فلا يحق لها أن تكشف ما ستر الله، حتى وإن كان لزوجها.
فالله عز وجل من شأنه أن يغفر ويرحم، ليس الله أعلم بما قد يكنه صدر الزوج في تلك اللحظة، لذا على المرأة في تلك الحالة أن تندم على فعلتها وتتوب إلى الله في صمت، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية أبي هريرة:
“كُلُّ أُمَّتي مُعافاةٌ، إلَّا المُجاهِرِينَ، وإنَّ مِنَ الإجْهارِ أنْ يَعْمَلَ العَبْدُ باللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحُ قدْ سَتَرَهُ رَبُّهُ، فيَقولُ: يا فُلانُ قدْ عَمِلْتُ البارِحَةَ كَذا وكَذا، وقدْ باتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، فَيَبِيتُ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، ويُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عنْه” (صحيح).
تعرفي أيضًا على: هل يحق للزوج التحكم في مال زوجته
5- أن تكون التوبة قبل حضور الأجل
يجب على الزوجة أن تتوب إلى الله عز وجل عقب ارتكاب الذنب، وألا تنتظر إلى أن يحين أجلها، فهي لا تعلم كم سنة ستعيش بل كم يوم أو دقيقة، فذلك الأمر من الغيبيات، كما أن التوبة على مشارف الموت لا تقبل كونها خشية منه فقط وليس اتعاظًا وشعورًا بالذنب.
فقد قال الله تعالى في سورة النساء الآيتين 18، 19
“إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا”
على الرغم من أن الزنا من الفواحش إلا أن رحمة الله قد وسعت كل شيء، وهو ما تأكد لنا من خلال الجواب على سؤال هل تحرم الزوجة الزانية على زوجها.
تابعنا على جوجل نيوز