الإحساس بالشهوة.. هل فيه إثم؟

“الشهوة” غريزة فطرية في الإنسان، على سواء المرأة أو الرجُل، فكثيرًا يصعب عليه التحكُم فيها، وتضارب الآراء والتوجهات التي عليها تدخل الفتيات تحت ضغط وإلحاح الغريزة الجنسية، فهل الشعور بها فقط فيها إثمٌ؟ هذا ما نُبينه تفصيليًا من خلال موقع إيزيس.

حكم الإحساس بالشهوة 

إنّ الإحساس بالشهوة يندرج تحت الفطرة التي جُبلنا عليها، وليس من الصحيّ عدم الشعور بها فهي طبيعية، إلا أن خروجها في إطار مُحرم هو ما يجعل هذا الإحساس مُنعكسًا في سلوك حرام من الناحية الشرعية.

شتّان بين الأثر الناتج عن مُجاهدة النفس والانتصار على الشهوات ووساوس الشيطان.. وبين التلذذ بكُل ما فيه معصية للخالق، ونعلمُ أنه لا يوجد مقياس للشهوة، فهي مختلفة باختلاف المُحفزات والمثيرات، ونسبتها بحد ذاتها تختلف وفقًا لطبيعة الأشخاص.

مُجرد الإحساس بحاجة فطرية كالشهوة لا يُعتبر من الحرام، إلا أنَّ استعمال تلك الشهوة في إطار مُحرم هو ما يجعلها حرامًا، وجدير بالذكر أن مجرد الشعور بالشهوة لا يستوجب الغسل، ولا يترتب عليها مفردةً وجوبه.

تعرفي أيضًا على: متى تكون العادة حلال للمتزوجة

هل الاستمناء حلال؟

أجبنا بذلك عن حكم الإحساس بالشهوة بعدم الحرمانية، إلا أن التمتُع بالحرام من خلال الاستمناء وما شابه فإنه لا يجوز، ولا هُناك عُذر للقيام به، طالما كانت هناك وسيلة للانشغال عن الحرام بما أحلّه الله والنافع من الأعمال.

من الناحية الدينية والعلمية فلا يجوز ممارسة العادة السرية.. فلم يُجِزها الشرع، وأخبرنا الطب أنها تتسبب في كثير من المشكلات الصحية فتجعل مع الوقت غياب الإحساس بالرغبة، علاوةً على استنفاذ القوة والعقل، فهكذا توافق العقل مع الدين.

كما حرّمت المذاهب الأربعة العادة السرية، وقلّة قليلة من العلماء أحلّوا ممارستها على اعتبار أنها أهون الشرّين، بمعنى أنه إذا اشتدت الشهوة بالقدر الذي لا يُمكن تحجيمه، بدلًا من ممارسة الفواحش بعلاقة مع الجنس الآخر يستتبعها أخطار مُحدقة، يُمكن تفريغ تلك الشهوة في الاستمناء.

إلا أنّ هذا الرأي أُخذ بصدده الضِعف والتشكيك.. فليس ما يوجد في السنة المطهرة ما يحلّ العادة لأي من الاستثناءات، فالأصل في الحكم على الجميع سواء، وعلاج الشهوة يكمُن في العبادة والصيام.

فقد روي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ” (صحيح البخاري).

كما يشير الرأي الطبي في موضع آخر، أن العادة السرية تُعتبر من الأعراض المرضية حينما تصبح قهرية، بحيث لا يُمكن التحكم فيها، أو حالة الإسراف فيها، فتنم عن اضطراب ملحوظ.. أو تصبح بديلًا للممارسة الطبيعية للجنس، فتلك الحالات هي ما تُشكل معرقلًا كبيرًا أمام من يُمارسها، فضلًا عن كونها حرامًا.

تعرفي أيضًا على: متى تكون العادة حلال للعزباء

حكم التخيل الجنسي

شقٌ آخر في حكم الإحساس بالشهوة.. نشير إلى أنّ كل ما تتخيله الفتاة من حديث لذاتها لا يترتب عليه حكم طالما لم يؤدِ بها إلى فعل المُحرمات.. والحكم في ذلك يختلف بين امرأة متزوجة وأخرى عزباء، كذلك يختلف بين المحصن وغير المحصن.

فالفكر الجنسي فيما يغلب منه على عقل امرئ لا يُعتد به من قُبيل الإثم، فقط يتطلب الاجتهاد في حِراسة الخواطر، والانشغال عن المعصية بما ينفع مصالح الدين والدُنيا.. فتلك من أولى أسباب مُحاربة الشهوة.

نشير إلى حالة اعتراض فكر الفتاة في الجماع أو ما شابه وهي ما زالت عزباء، فلا حرج عليها إن لم يكن بخاطرها.. فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث رواه أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه: إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لي عن أُمَّتي ما وسْوَسَتْ به صُدُورُهَا، ما لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ” صحيح البخاري.

لكن من فكّرت في ذلك عن قصد، فاستدعت التخيلات الجنسية عنوة فإنها تتلذذ بالفكر، ولم يمر عليها دون قصد منها، وهذا لا يجوز، لأنه ليس إحساسًا يجول خاطرها عن غير إرادة منها.. فلا يليق بخلق الفتاة أن تعتمد على هذا بين حين وآخر.

كما أن نزول المني نتاج التخيل الجنسي يُعتد به استمناءً فيستوجب الاغتسال للتطهر.. فكما نعلمُ أن المني هو ما يستتبع التلذذ.

تعرفي أيضًا على: هل يجوز ممارسة العادة مرة في الشهر للبنات

ماذا نفعل للحد من الشهوة؟

قال الله تعالى في سورة المؤمنون واصفًا لحالة المؤمنين التي يجب أن يكونوا عليها: “وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7).

اتفقنا على أن الإحساس بالشهوة ليس حرامًا، إنما تصريفها في غير ما أحلّه الله هو الحرام، لذا ما إن زادت واشتد الإحساس بها هناك بعض الأمور التي يجب تجنبها.

  • أوّل ما يجب فعلُه تجنب أي من المثيرات التي بإمكانها استفزاز الشهوات والأهواء، أي الابتعاد عن المُسبب.
  • تقوية النفس بالإيمان بالله -عز وجل- والتقرب إليه سبحانه، بالقول والفعل والجوارح.
  • عدم اعتزال الناس، حتى لا يكون هناك وقتًا للفراغ مُهيأ لأي انجراف مُحرم.
  • التعود على قراءة ما تيسر من القرآن الكريم.
  • التفكر في أسماء الله تعالى وصفاتِه، والاستزادة في القراءة في الفقه لمعرفة الخالق.
  • غضّ البصر عمّا حرم الله، فالعين هي أولى طرق التلذذ واستدعاء الشهوة.
  • الابتعاد عن قراءة أي مما يثير التخيلات الجنسية أو يُعزز من تلك الأفكار.
  • للرياضة عامل هام في كبح الشهوة، لغرض الانشغال عن الشهوات والتخيلات الجنسية.. فتتم ممارسة الأنشطة الرياضية والبدنية.
  • أصدقاء السوء يقع عليهم السبب الأكبر في الابتعاد عن الخُطى السليم، ومنهم ما يكون مُحرضًا على الاستمتاع بما حرّم الله.
  • عدم الذهاب إلى أماكن اختلاط الجنسين إلا في حالة الاضطرار.
  • الإكثار من صيام التطوع إلى الله، لتهذيب النفس وتطهيرًا لها، فالصيام يمنع المرء عن الانجراف في الشهوة.
  • الاجتهاد في الدعاء كلما تم الوقوع في الذنب عن غير إرادة، فالمبادرة بالتوبة من أولى وسائل الاستعفاف.
  • عدم الاستماع إلى الأغاني الماجنة أو النظر إلى الصور الخليعة.. التي تستتبع الوقوع في فخ المُحرمات.
  • الاندماج في المجتمع بكل ما هو مُباح لممارسته من الأنشطة الحياتية.

على المرء أن يضبط جوارحهُ، ولا ينجرف وراء كل شهواته دونما تفكّر فيما نهانا الله عنه.. ولنا في سير الصالحين والصالحات قدوة حسنة.

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة
اترك تعليقا