ما هو الحب الحقيقي في علم النفس

ما هو الحب الحقيقي في علم النفس؟ وما أهم علاماته؟ حيث إن الحب لا يعد من قبيل الأمور المشروطة بغرض بعينه، ولا هو علاقة انتقائية بجزء من الطرف الآخر، فهو يحمل في طياته القبول الكامل غير المشروط، فهناك مشاعر شتى من وعينا الذاتي المنفصل تجعلنا في حضرة المُحب مدركين إياها لتتدفق طاقة الحب أمامه بكافة معانيها السامية، ومن خلال موقع إيزيس لنا أن نعلم علامات الحب الحقيقي.

ما هو الحب الحقيقي في علم النفس

إن الاعتقاد بأن الحب الصحيح هو ما كان من شأنه الاستمرار ليس اعتقادًا قد عفا عليه الزمن، فهناك ما يميز الحب في صورته الحقيقية التي يتمناها البعض، والحب في صورته المزيفة والذي يُستدل عليه بالبداهة.

فالحب من وجهة النظر النفسية عندما يكون حقيقيًا يعد كل شعور يشعر به أحدهم فيترك به أثرًا إيجابيًا بعينه ومنها يقدر على العيش بصورة أفضل، ولا يقتصر فحسب على الرجل والمرأة، بقدر ما يعبر عن العلاقات الصادقة، ما تتجلى في حب الوالدين وحب الأصدقاء والأهل وحب الوطن كذلك، كما أن هناك صورة مشتركة في الأذهان حول ما يعنيه أن تكون محبوبًا بحق، تمثل إيجازًا:

  • الدعم دون توقع أو انتظار مقابل
  • التعاطف في أصعب الأوقات وأشدها
  • قضاء وقت مميز وممتع يخلو من الرتابة
  • إخبارك الشريك أنه محبوب
  • التضحية بالرغبات الخاصة من أجل المحبوب
  • تحمل المعاناة بدلًا منه
  • الشعور بالتقدير والاحترام والخصوصية
  • الغفران لما تم ارتكابه من الخطأ

يُمكن أن تختلف الطريقة التي نقدم بها الحب للآخرين باختلاف العلاقات التي تجمعنا بهم، وباختصار يُمكن القول إن الحب الحقيقي في علم النفس يعني الحب الذي يضع الآخر أولًا.. أمام ناظريك، بعيدًا تمام البُعد عن الذات الأنانية.

هل من الواقعي الاعتقاد بأننا نستطيع أن نحب بهذه الطريقة التي تقدم كل العطاء؟ تشير الأبحاث إلى أن هذا الأسلوب نادرًا ما يتم تحقيقه بالكامل، فقد يكون هو المثل الأعلى الذي نأمله ونسعى جاهدين لتحقيقه، وهذا ما نعنيه بصدد جوابنا على سؤال ما هو الحب الحقيقي في علم النفس..

ففي البحث عن الحب الحقيقي، نحتاج إلى إعادة توجيه تركيزنا وطاقتنا من الأخذ إلى العطاء، وتظهر الأبحاث هنا أنه ربما يوجد شيء اسمه الحب الحقيقي، وربما يدوم.

تعرفي أيضًا على: شخصية المرأة في علم النفس

خصائص الحب الحقيقي في علم النفس

لا يعنينا في ذكر تلك الخصائص أن نتطرق إلى أمور الراحة النفسية والاستحسان وما إلى ذلك، فلا يتواجد الحب دونها من الأساس، أما الذي عنيت به النظرة النفسية للحب في معناه الحقيقي أن تتوافر مع تلكم الأمور أمورًا خاصة قلّما نجدها، وعندما نعلم أن الحب الحقيقي ليس ممكنًا فقط إنما بإمكانه أن يحظى بالاستمرارية لمدى الحياة، نكون أكثر تفاؤلًا، فكان لنا أن نستزيد من التوضيح في صدد “ما هو الحب الحقيقي في علم النفس؟” من خلال العلم بخصائصه، كما يلي:

1- عدم الدفاعية مقابل ردود الأفعال الغاضبة

للحفاظ على القدر من التقارب الروحي بين المحبين، كان لزامًا عليهما الاستعداد لسماع ردات الفعل المتفاوتة في طبيعتها تبعًا للمواقف، دون إحباط أو دفاعية، وهنا يكون في المواقف الجللة الاستماع إلى الشريك واحتوائه أكثر ما يعبر عن الحب الحقيقي، حتى إن لم يصلا إلى نقطة اتفاق واضحة إلا أن هذا ما يشعره بأنه يحظى باهتمام بالغ.

2- الصدق والنزاهة

لا مجال للازدواجية والخداع ونحن بصدد الحب الحقيقي، عندما نكون غير أمناء -أيما اضطرنا الحال إلى ذلك- فهذا لا يوجد مبرر له، فالثقة والصدق في كافة الظروف والمواقف هما أسمى ما يُميز الحب الحقيقي.

3- احترام حدود الآخر

من الخطأ أن يظن البعض أن انعدام الخصوصية بين الأحبة ما هي إلا تعبيرًا عن انخراطهم في شتى الأمور سويًا، فهناك فرق لا يُمكن الاستهانة به بين الخصوصية والأولويات، بيد أن الرابطة الخيالية فقط هي ما تعني هذا الانخراط غير المبرر، وغير الصحي على نحو أصوب.

فعندما يتعامل أحدهم مع محبوبه على أنه امتدادًا لذاته، بدلًا من أن يكون منفصلًا فيُكمله بما ينقصه، ينتج عن هذا في الواقع نتيجة سيئة، وهو انعدام الانجذاب للطرف الآخر، الأمر الذي لا يُمكن تسميته بأي حال مشاعرًا حقيقية.

تعرفي أيضًا على: سيكولوجية المرأة في الحب

4- القدرة على التفهم

من اليسير أن يسقط أحد طرفي العلاقة اللوم على الآخر، أو يدخل في دائرة إساءة الفهم لكل ما يقوله، فتلك الطرق يتردد صداها في أغلب العلاقات، إلا أنه في إطار الحب الحقيقي من الهام أن يتفهم كل طرف شريكه، من وجهة نظر واضحة مقبولة، دون مجاملة واهية.

5- السلوك غير المسيطر

من يُحب بحق، يُعطي شريكه القدرة على أن يتنفس، نعم بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. فمن يسيطر على محبوبه بشكل مُهدد ومتلاعب فهو على الأرجح لا يكن له من مشاعر الحب الحقيقي، فالتوجيه والتحكم في ديناميكيات السلوك لا يجب أن تكون في زمام أحدهم على الآخر، فالعلاقة التي يغمرها الحب الحقيقي، هي علاقة متساوية متوازنة متكافئة، يضع كلًا منهما للآخر المجال الذي يخول له أحقية التصرف، حتى وإن كانا بصدد قرارًا هامشيًا.

محاولة علمية في تعريف الحب

إنه من أسمى وأهم العواطف الأساسية التي طالما نشعر بها أبدًا، وعندما نُدخل الأداة العلمية في الإدلاء بتعريف واضح للحب الحقيقي، نرى أن العلم يذهب إلى أن مصدر الحب في الدماغ، وأنه بمثابة عملية كيميائية بيولوجية، من خلال توضيح المناطق الأكثر نشاطًا في الدماغ عند الوجود بجانب من نحب.

على أن الكثير من المواد الكيميائية لها دور بارز في تشكيل القدرة على الحب، وتختلف فيما تقدمه من وظائف تبعًا لمراحل الحب، كما هو الحال بصدد هرمون الأكسيتوسين وهو هرمون المحبة، إلا أننا وبصدد تحديد ما هو الحب الحقيقي في علم النفس ليس بإمكاننا الاسترسال في الأمر من الناحية العلمية البحتة، كل ما علينا هو تأكيده من حيث تدعيم الجواب وتعزيزه.

تعرفي أيضًا على: مالا تعرفه المرأة عن سيكولوجية الرجل في الحب

كيف يؤثر الحب على الصحة النفسية

بعدما علمنا ما هو الحب الحقيقي في علم النفس يسعنا أن نذكر أن العلاقة بين الحب والصحة علاقة وثيقة مترابطة ليس بها حاجزًا قط، حيث إن الحب الحقيقي بمعانيه السامية يعزز من الصحة النفسية والجسدية، من خلال مشاركة الأعباء والسعادة، فلا يكون لأي اضطراب نفسي سبيلًا في العلاقة بين حبيبين يغمرها الحب بمعناه الحقيقي، فدعم الشريك من أسمى ما يُمكن الحصول عليه.

جملة القول.. إن ترجمة المشاعر ليست بالأمر اليسير في ظل مصاعب الحياة ومشاقها، على أن الحب الحقيقي الأصيل هو ما يتجلى في نموه وقوته وزيادته في ظل تغير المجتمعات والاهتمامات والتغير الدائم حولنا، الذي هو حقيقة مؤكدة لا يُمكن إنكارها.

فيظل الحب حينئذٍ يزهر من خلال العلاقة السوية المبنية على التكامل والاحترام والمشاركة.. في شكلها الوسطيّ الذي يحافظ على مساحة الآخر، فالحب الحقيقي هو ما يحمل رسالة إيجابية لطرفي العلاقة فيجعلهما أكثر توازنًا بالخروج من الحب السطحي إلى الحب في أسمى معانيه.

إن تجربة الحب الحقيقي هي أعظم فضيلة نادى بها أفلاطون في مدينته.. وهو ليس ببعيد تمام البعد عن الواقع، بل يحتاج إلى التمتع ببعض الخصال، حتى لا يكون محض خيال فحسب.

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة
اترك تعليقا