الستر والعفّة.. حالات كشف النقاب

لطالبات الستر والعفّة في الحياة.. ثمَّة أحكام كثيرة تتعلق بالأمر لا تعي لها المُسلمة، من بينها ما اختلف العلماء فيه، وبرغم ذلك إلا أن الفصل بالأدلة النقلية من القرآن والسنة، وعليه يسعنا في إيزيس الحديث عن المُنتقبات والحالات التي جاز لها أن تكشف النقاب أمام الآخرين.

متى يجوز كشف النقاب؟

نعلمُ أن الزيّ الشرعيّ الذي تؤمر به المرأة المسلمة ألا تصف من خلاله مفاتن جسدها، ولا يكون ضيقًا أو يشف ما تحته، كما لا يكون زينة في نفسه.. ويستر البدن بأسره فيما عدا الوجه والكفين، فلا ترتدي كل ما هو مثير أو لافت للنظر، فقد قال تعالى في سورة النور:

وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31).

أمّا عن النقاب فهو ليس بفرض أو واجب على المرأة، وهو ما يزيد على ستر بدنها تغطية وجهها وكفيها.. على الرغم من أن بعض الفقهاء أعربوا عن وجوب ستر المرأة لوجهها.

يجوز خلع النقاب في الأصل؛ لأنه ليس بفرض من الأساس، ومن الأفضل ألا تتشدد المرأة على نفسها من البداية حتى لا تضطر إلى خلعُه بعد ارتدائُه باقتضاء بعض الظروف.

لكن من تكشف وجهها عليها أن تلتزم بهيئة الحجاب، فيجوز كشف النقاب أمام الرجال من الأقارب ليس باعتبارهِم من المحارم أم لا، لكن باعتبار أن الأصل في الحكم هو الجواز.

على وجه الخصوص يُذكر أنَّ المنتقبة أمام الخاطب يُباح لها أن تكشف وجهها؛ لِما في ذلك من صور الألفة، فله الحق في رؤية وجهها وكفيها، طالما كانت تأمن على نفسها بوجوده بين أسرتها.. فيكون الخاطب أول حالة لِمن يجوز له كشف النقاب.

هذا لأن الوجه دلالة على الجمال، أمّا الكفين فدلالة على خصوبة البدن أو النحافة.. وكلا الأمرين على الخاطب أن يُدركه قبل الزواج، حتى لا يكون بينهما شيئًا من الوَحشة أو النفور فيما بعد.

كما يجوز للمرأة المنتقبة أن تكشف وجهها أمام القاضي الذي يحكُم عليها، إحياءً لحقوقها من الضياع، وأيضًا أمام الصبيّ فتعامله مُعاملة المحارم؛ لأنه غير ذي شهوة.

تعرفي أيضًا على: هل يجوز كشف الشعر في النظرة الشرعية

حالات يجب فيها كشف الوجه

رغم اختلاف العُلماء في وجوب ارتداء المرأة للنقاب والاختلاف على كشف الوجه أم وجوب تغطيته كسائر البدن، فعلى كلٍّ هناك حالات لا يجوز فيها للمرأة ارتداء النقاب.

  • إن كانت محرمة بعُمرة أو حج.
  • عند شهادتها أمام القاضي.
  • عند التداوي من المرض.
  • إن تضررت من النقاب للإصابة بمرض تنفسي أو ما شابه.

فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ” (صحيح البخاري).. فكيف يكون الوجه والكفين عورةً للمرأة وقد أمر الرسول بإظهارهما وقت الإحرام؟

فمن خلال النظر إلى حالات كشف النقاب.. يتضح بأن ستر الوجه والكفين للمرأة المسلمة يقع في دائرة المُباح لا المفروض.. فإن اكتفت بالحجاب الشرعي فهي ليست بآثمة.

تعرفي أيضًا على: حديث المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين

هل تأثم من تخلع النقاب؟

الالتزام بالحجاب وزيّه الشرعي هو ما يعفي المسلمة عن الإثم، إلا أن خلعها للنقاب حتى بعد ارتدائه لا يجعلها آثمة، كما هناك حالات تستوجب خلع النقاب، كمن تعاني من مرضٍ ما، فيكون ارتدائه من قُبيل التشدد دون داعٍ؛ لأنه ليس من الفروض الواجبة، إنما من صور الاستزادة.. هذا وقد أمرنا الله -سبحانه وتعالى- بألا نلقي بأيدينا إلى التهلكة.

تعرفي أيضًا على: خلع النقاب لضيق التنفس

النزاع بين العلماء في تغطية الوجه

قال تعالى في سورة الأحزاب: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (59) وقد شهدت الآية الكريمة تفسيرات مُختلفة بين العلماء فيما يتعلق بالمقصود إن كان تغطية البدن أم يشمله الكفين والوجه.

اختلف العلماء والأئمة الأجلّاء في حكم تغطية الوجه والكفين، ولا مجال للخلط بين المُباح والمُحرم انجرافًا وراء ذلك الاختلاف، حيث إنّنا أشرنا في مسألة حكم كشف النقاب وحالاته أنه من الأساس ليس فريضة.

اتفق العلماء على وجوب تغطية الوجه واليدين إن كان في كشفهِما فتنة، أي أن الحكم يخص الشابّة التي في وجهها ما يدعو إلى الافتتان بها، كما أن محل الخلاف فقط يقتصر على الوجه واليدين بين وجوب أو عدم وجوب في تغطيتهما، لا يتعلق بسائِر البدن أو شعر الرأس؛ لأن اتفاق الجموع فيه وجوب التغطية.

  • ذهب الإمام أحمد بن حنبل أن المرأة المسلمة عليها أن تغطي وجهها وكفيها لاسيمًا أمام الأجانب من الرجال.
  • أيّد المذهب الشافعيّ رأي الحنابلة في اعتبار أن الوجه والكف من عورات النساء.
  • أبي حنيفة أعرب عن أن ارتداء النقاب ليس بضروري، بل أحيانًا يُعتبر من غير المستحب ارتدائُه.
  • أمّا عن الإمام مالك فقد ذهب إلى ما ذهب إليه أبو حنيفة.

إنّه ما تم تحريمه سدًا للذريعة يكون مُباحًا من أجل المصالح الراجحة.. فلا شك في أن الدين الإسلاميّ أتى بأحكام يسيرة على المرأة.

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة
اترك تعليقا