حكم زواج المسيار في المذاهب الأربعة

حكم زواج المسيار في المذاهب الأربعة من الأحكام الدينية التي يجب على المسلم أن يكون ملمًا بها، حيث إن التشريعات الإسلامية فيما يخص الأمور الشائكة مثل الزواج والطلاق أمر لا يمكن الاستهانة به على الإطلاق، لذا دعونا نتعرف بشيء من التفصيل على كل ما يخص زواج المسيار من وجهة نظر الأئمة الأربعة من خلال موقع إيزيس.

حكم زواج المسيار في المذاهب الأربعة

يقول الله -عز وجل- في كتابه العزيز في سورة الروم الآية رقم 21: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ، أي أن الله قد شرع للمسلم أن يتزوج من أجل المودة والرحمة والمشاعر الحانية التي تكون عاملًا أساسيًا في تكوين منزل مسلم ينعم بالاستقرار الأسري.

كما أجاز للرجل أن يتزوج من أكثر من امرأة إن كان في استطاعته ذلك، فقد قال في محكم التنزيل في الآية رقم رقم 3 من سورة النساء: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا.

لكن مؤخرًا سمعنا كثيرًا ما يقال عنه زواج المسيار، فهي كلمة لم ترد في كتاب الله ولا سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما يسهل علينا استساغتها، إلا أنه علينا أن نعرف أن المقصود بزواج المسيار هو أن تتزوج المرأة من الرجل على أن تتنازل عن حقوقها المالية كالمسكن والمهر وخلافه.

ففي ذلك الزواج لا يطالب الزوج بالإنفاق على زوجته، أو توفير مسكن لها كما في الزواج الذي نص عليه القرآن الكريم، كذلك يحق للزوج في تلك الحالة ألا يبيت عندها وليس لها الحق أن تعترض على ذلك.

الجدير بالذكر أنه ليس في كافة الأحوال ينبغي أن يكون زواج المسيار معلنًا، لذا فقد اختلف فيه أئمة الدين، مما كان يستوجب علينا التعرف حكم زواج المسيار في المذاهب الأربعة، والذي أتى على النحو التالي:

1- مذهب الحنابلة والشافعية والحنفية

في سياق التعرف على حكم زواج المسيار في المذاهب الأربعة نجد أن ثلاثة منهم قد أجمعوا على رأي واحد بينما اختلف عنهم المذهب المالكي، حيث يرى أهل الحنابلة والشافعية والحنفية أن زواج المسيار من شأنه أن يكون حلالًا جائزًا إن توافرت فيه شروط الزواج الصحيحة.

كما يرون أن أمر تنازل المرأة عن مستحقاتها المادية لا يعود إلا إليها، ولا يقلل من شأنها على الإطلاق، لكن فيما يخص الزواج كونه سري أو معلن، فهم يرون أن سرية الزواج من إعلانه أمر لا يفسد الزواج.

فيكفي حضور الولي والشهود، إلا أنه مكروه أن يكون الزواج سريًا لما فيه من إهدار لحق المرأة في الإسلام، إلا أن ذلك لا يعني أن يقوم أي من الأشخاص بالزواج على ذلك النحو، فزواج المسيار من الأمور التي تلزم اتباع الضوابط الشرعية، كما ينبغي أن يكون هناك سببًا له.

تعرفي أيضًا على: هل زواج المسيار يسجل في المحكمة

2- مذهب المالكية

يرى المالكية أن زواج المسيار السري من شأنه أن يكون غير جائز، ويتم إحلاله من خلال طلقة واحدة، فليس من شأنه أن يكون كما الطلاق الشرعي الذي يجب أن يكون ثلاث طلقات حتى لا تعود الزوجة إلى زوجها إلا أن تتزوج غيره، فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل:

الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ” سورة الطلاق الآية رقم 229

إلا أنهم يرون أن زواج المسيار إن طالت مدته كما في العرف السائد، فإنه في تلك الحالة تتغير الأمور، حيث يجوز أن يستكمل الزوجين الحياة مع بعضهما البعض على أن يعاقبهما القانون على الإخلال بأحد أركان الزواج وهو الإشهار.

فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية محمد بن حاطب: “فصلُ ما بينَ الحلالِ والحرامِ الدُّفُّ والصَّوتُ في النِّكاحِ(صحيح)، وهو القول الذي يستند إليه المالكية في إلزام الزوجين بالإشهار، وفي تلك الحالة من الممكن أن يكون زواج المسيار جائزًا رغم كراهيته.

شروط صحة زواج المسيار

بعد أن تعرفنا على حكم زواج المسيار في المذاهب الأربعة ينبغي أن نتناول التعرف على شروط صحة زواج المسيار في الإسلام، والتي أتت على النحو التالي:

أولًا: وجود ولي

فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لا نِكاحَ إلا بوليٍّ” صحيح رواه أبو موسى الأشعري، ففي أي نكاح يجب أن يكون هناك ولي للمرأة سواء أكان والدها، عمها، أخيها، لكن لا يصح أن يكون النكاح دون حضوره، وفي تلك الحالة يفسد العقد لعدم اكتمال الأركان الصحيحة.

تعرفي أيضًا على: شروط زواج المسيار من مقيم

ثانيًا: القبول والرضا

أيضًا من شروط صحة زواج المسيار ألا تكون المرأة مجبرة على تلك الزيجة من أجل إرضاء الأهل أو ما إلى ذلك، فيجب أن تكون ملمة بالمعنى الجوهري لزواج المسيار، وأن تكون على قناعة تامة به، وأن يكون هناك قبول لشخصية الزواج.

حيث يجب سؤالها قبل عقد القران، وذلك استنادًا إلى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “أَمْرُ النِّساءِ إلى آبائهنَّ، ورضاهنَّ السُّكوتُ” رواه أبو موسى الأشعري.

ثالثًا: اتفاق الزوجين على إبراء الرجل من الحقوق

تعرفنا من خلال حكم زواج المسيار في المذاهب الأربعة أنه في تلك الحالة ينبغي على الزوجة أن توافق على التنازل عن بعض حقوقها كالمسكن والمبيت وخلافه، إلا أنه يجب أن يكون ذلك عن رضا تام بين الزوجين.

مع العلم أنه لا ينبغي أن يكتب ذلك في عقد الزواج، حيث يرى علماء الدين أن كتابة تلك التنازلات تخل من صحة العقد، ويعتبر الزواج غير صحيحًا، فيكفي الاتفاق بينهما على أن يكون ذلك في حضور وليها والشهود، تجنبًا لافتعال المشكلات فيما بعد.

كذلك من الممكن أن يتراجع الزوجين عن ذلك التنازل من خلال الاتفاق الودي بينهما، ومن ناحية أخرى على الزوج أن يكون عادلًا مع الزوجة، خاصة إن كان له زوجات أخرى، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مَن كان له امرأتان فمَالَ إلى أَحَدِهما جاءَ يومَ القيامةِ وشِقُّهُ مائلٌ” صحيح رواه أبو هريرة.

تعرفي أيضًا على: تجربتي مع زواج المسيار

على المرأة أن تتروى قبل أن تأخذ قرار الزواج، خاصة إن كان مسيارًا، وأن تتعرف على الأحكام الدينية التي تتعلق بذلك الأمر، حتى لا تلقي بنفسها في التهلكة.

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة
عرض التعليقات (1)