تجارب جواز الصالونات

تجارب جواز الصالونات من أكثر تجارب الزواج انتشارًا في مجتمعاتنا العربية نظرًا لأنه يتناسب مع الشريعة الإسلامية أكثر من غيره، ولكونه من العادات التقاليد في معظم البلاد العربية، ولكن يأتي السؤال هل هذه الطريقة فعالة في بناء حياة زوجية سعيدة؟

تجارب جواز الصالونات

الكثير من الشباب المقبلين على الزواج يتساءلون عما إذا كان زواج الصالونات أفضل أو الزواج عن حب؟ وهل يتعارض النوعين معًا؟ ويمكنني أن أجيب على هذه التساؤلات من خلال تجربتي في زواج الصالونات والتي غيرت من نظرتي تمامًا بعد أن كنت رافضًا لهذا النوع من التعارف بهدف الزواج.

  • كنت أرفض جميع الفتيات التي يقترحهم أهلي أو أصدقائي، وكنت أرفض تمامًا هذا الأسلوب في التعارف بهدف بناء حياة زوجية، كما كنت أرى أن الطريقة المثلى للزواج هي التعارف وقضاء فترة طويلة معًا قبل اتخاذ خطوة رسمية.
  • فكنت أرغب في ذلك ليعرف كلٍ منا طباع الآخر وجوانب شخصيته، ولكي يكون الخيار مبنيًا على المشاعر والحب وليس العقل فقط، كما يحدث غالبًا في زواج الصالونات، ولكن يبدو أنني كنت مُخطئًا.
  • في يوم من الأيام كنت جالسًا مع زميل لي في العمل نتحدث قليلًا ونتبادل وجهات النظر في هذا الشأن، وكان مؤيدًا لفكرة زواج الصالونات لما يجده فيها من احترام لقيمة الفتاة وتقدير لأهلها، ولكي تولد العلاقة في النور منذ البداية.
  • لا أخفيكم سرًا أني وجدت بعض ملامح الوجاهة في هذه الأسباب، مما جعلني أتقبل الفكرة بعض الشيء وأرغب في مثل هذه التجربة التي تتسم بالشفافية والجدية منذ بدايتها.
  • ما إن جاءت الفرصة للتعرف على فتاة مُقترحة من والدي، حيث رشح لي ابنة أحد أصدقائه محل الثقة، فقلت لنفسي لماذا لا تخوض تلك التجربة بنية العفة والسعي في طريق الحلال؟
  • عندما ذهبت للتعرف عليها وجدت أنها تتفق معي في العديد من وجهات النظر حول أمور الحياة، ومن الطبيعي ألا يقع الحب في قلبي من المرة الأولى إلا أن القبول كان حاضرًا، والرغبة في لقاء آخر كانت قوية.
  • ما أعجبني في هذه التجربة أنني لا أشعر بأي ذنب، وليس هناك ما أخفيه عن أهلي وأهلها، وكنت أشعر براحة نفسية كبيرة، فبعد أكثر من جلسة تعارف وجدت أننا متفقان ذهنيًا وفكريًا بشكل كبير، إلا أن العلاقة تحتاج إلى المزيد من الشغف، لذلك حاولت أن أوطد العلاقة العاطفية، لكي نكون مستعدين للزواج.

الحب في زواج الصالونات

من خلال ملاحظة بعض تجارب زواج الصالونات نجد أن هناك الكثير من الشباب يجد أن العروس مناسبة له أخلاقيًا وفكريًا، لكن العلاقة تفتقد إلى الشغف والاشتياق من الطرفين، ونلاحظ أن الطرفين ملائمين لبعضهم البعض إلا أن المشاعر تحتاج إلى بعض الدعم.

1- البحث عن الاهتمامات المشتركة

في كثير من تجارب زواج الصالونات نجد أن الطرفين كل ما يجمعهما هو الحديث في أمور الزواج وتفاصيل مفروشات المنزل والأثاث وما إلى ذلك، لكن من المفترض لإقامة حياة زوجية أساسها المودة والرحمة أن نتطرق بين الحين والآخر إلى الأمور العاطفية والمشاعر المتبادلة.

  • يجب سؤال كل طرف عن اهتمامات الآخر والأمور التي تسعده والهوايات التي قضى فيها وقت فراغه، لمعرفة ميوله واهتماماته وإيجاد نقاط التقابل المشتركة، بهدف توطيد العلاقة المعنوية، ولأن الاهتمام هو بداية إنبات المشاعر.
  • في حالة عدم وجود اهتمامات مشتركة، يجب على كل طرف أن يشارك الطرف الآخر اهتماماته، لأن ذلك يساعد على إيجاد التقارب الفكري والمعنوي، ويزيل الشعور بالغربة بينهما، ويكسر الحاجز النفسي والخجل.
  • الاهتمام بالطرف الآخر من أهم العوامل التي تدعم العلاقة العاطفية وتزيد من التعلق والاشتياق، كما أن مظاهر الاهتمام بالقول والفعل قلب الفتاة بشكل كبير مع مراعاة عدم التطفل أو الإزعاج.
  • عدم التقليل من اهتمامات الطرف الآخر أو إنجازاته، ومراعات التلطف عند إلقاء النصائح وعدم توجيه النقد أمام الأهل أو الأصدقاء؛ لأن ذلك من شأنه أن ينتج مشاعر سلبية غير مرغوب فيها.
  • على الرجل أن يفتح موضوعات جديدة ومبتكرة وألا يكون الحديث جديًا طوال الوقت؛ لأن المزاح دون مبالغة من شأنه أن يجذب مشاعر الفتاة ويجذبها إليك، ويقصر المسافة المعنوية بشكل ملحوظ، مع مراعاة عدم السخرية منها.

اقرأ أيضًا: هل الحب يأتي قبل الزواج أم بعد الزواج

2- التعبير عن المشاعر

نلاحظ في الكثير من تجارب زواج الصالونات أن الفتاة تكون خجولة أكثر من اللازم وتشعر ببعض الغربة تجاه الشاب، وهذا أمر طبيعي ووارد حدوثه لكن لا يجب الاستسلام له؛ لأنه قد يؤثر على التقارب وتوطيد العلاقة بينهم، لذلك على الطرفين أن يتخلوا عن الخجل قليلًا ويقوم كلِ منهم بالتعبير عن مشاعره للآخر.

  • من أهم القواعد التي تبنى عليها أي علاقة هي الصدق والصراحة، وذلك لكي تنشأ الثقة منذ البداية بين الزوجين، لذلك فعلى كل طرف أن يكون صريحًا منذ البداية في إبداء ما يشعر به تجاه الآخر، لأن ذلك هو ما يوطد العلاقة ويبني المشاعر تدريجيًا ويشجع الطرف الآخر على البوح بما في قلبه من مشاعر أيضًا.
  • إخفاء المشاعر بسبب الخجل أو الكبرياء إعتقادًا من البعض أن التعبير فيه ضعف قد يتسبب في سوء الفهم العاطفي، وقد يظن الطرف الآخر عدم وجود مشاعر من الأساس مما يتسبب في حالة من الجفاف في المعاملة تؤثر سلبًا على الزواج.
  • قد يكون من الصعب التعبير وجهًا لوجه في بداية العلاقة، لا مانع من استخدام الرسائل النصية أو مواقع التواصل في إرسال بعض الكلمات الرقيقة أو مشاركة الأغاني والأفلام الرومانسية للطرف الآخر؛ لتسهيل التواصل في العلاقة المباشرة في ما بعد.
  • لا يقتصر التعبير عن المشاعر بالكلمات فقط، بل يجب أن يكون بالفعل أيضًا، فيفضل أن يقدم الشاب إلى الفتاة هدية لائقة من حين إلى الآخر، وعلى الفتاة أن تهتم بتلك التفاصيل أيضًا؛ لأنها تدل على الاهتمام والمشاعر الإيجابية.
  • الأنشطة المشتركة مثل قضاء عطلة سويًا أو مشاهدة فيلم معًا قد يعمل على التقارب ويعبر عن المشاعر الإيجابية، لأن استقطاع وقت من حياة كل من الطرفين والتفرغ للآخر يدل على وجود الحب والوفاق.
  • قد تكون الغيرة أيضًا من مظاهر التعبير عن حب بشكل غير مباشر وإظهار الاهتمام، بشرط ألا تصل إلى حد الشك وكبت الحرية حتى لا تؤدي إلى نتائج معاكسة.

3- فهم طبيعة المشاعر الحقيقة

نجد في الكثير من تجارب زواج الصالونات وجود بعض الفهم الخاطئ حول الحب ويعتقد البعض أنه يتمثل في اللحظات الرومانسية فقط، ولكن على الطرفين معرفة المعنى الأعمق للحب لكي يتقبل كل منهم الآخر، ولا يشترط أن تكون العلاقة بينهم تصل إلى حد العشق، وإنما تكفي وجود بعض المشاعر الإيجابية والمودة والرحمة.

  • يجب أن نفهم أن الحب لا يرتبط بسبب معين لأن الحب لسبب يزول بزوال السبب، والحب الحقيقي هو حب الذات دون الالتفات إلى عيوب الشخص أو مميزاته، مع مراعاة وجود الحد الأدنى من التكافؤ بين الطرفين.
  • نجد في بعض التجارب أن الطرفين متوجسين خيفة من الملل بعد الزواج، وهذا الأمر لا يدعو إلى الخوف لأن من يمل من الطرف الآخر يكون متخذًا له كوسيلة ترفيه منذ البداية، وهذا لا يصح في بناء حياة زوجية سليمة.
  • تتمثل المشاعر الحقيقة في إظهار الدعم والمساندة للطرف الآخر ولا تقتصر على اللحظات الرومانسية فقط، كذلك تظهر في تقبل الطرف الآخر بجميع طباعه وجوانب شخصيته دون الرغبة في تغييرها، ويجب التفكير في قضاء حياة كاملة معه، وليس اعتبار الزوج هو الاستمتاع بالأوقات السعيدة فقط.

أسباب فشل جواز الصالونات

عندما ننظر في تجارب زواج الصالونات نجد العديد من التجارب الناجحة والتي تم بنائها على المودة والثقة والاحترام وتوافر القبول المتبادل وعدم الإكراه من الأهل، كذلك نجد بعض التجارب الفاشلة التي لم يستطع فيها الطرفان أن يتفقا، أو الأسوأ أن يقوم أهل الفتاة بإجبارها على الزواج من شخص لا تحبه أو لا يتوافق معها.

  • بعض الحالات لا يهتم فيها الشاب إلا بالعروس المناسبة فقط، ويتجاهل الجوانب المعنوية مثل القبول والتفاهم، مما يتسبب في انعدام المشاعر بعد الزواج وعدم القدرة على تقبل كل طرف للآخر.
  • من أكبر المشكلات التي تدمر العلاقة الزوجية هي رغبة الرجل في الزواج طلبًا للجنس فقط، وهذا الهدف مشروع لكن الزواج لا يتمحور حوله، وإنما هي علاقة متكاملة لا يجب اختزالها في أمر واحد.
  • في بعض المجتمعات يحرص الأهل على تزويج الفتاة وهي قاصر بهدف سترها، وعدم مراعاة عنصر القبول والتراضي، على الرغم من أنه شرط أساسي لصحة العقد شرعيًا، ويتسبب هذا الأمر في فشل الزواج وتدمير نفسية الفتاة.
  • نجد في كثير من التجارب شعور الزوجين بالملل وافتقاد الشغف بعد الزواج وهذا من شأنه أن يدمر العلاقة الزوجية، والسبب في ذلك عدم الاهتمام بالعلاقة الإنسانية والعاطفية من البداية، والانشغال عنها بالتكافؤ الفكري والمادي والصداقة بين العائلتين وأنها زوجة مناسبة لا أكثر.
  • نجد في كثير من التجارب تدخل الأهل بشكل كبير في العلاقة وهذا أمر مرفوض تمامًا؛ لأن الهدف من زواج الصالونات أن تكون العلاقة منذ البداية في العلن، وليس الهدف انعدام خصوصية الزوجين في فترة الخطوبة وبعد الزواج.
  • في الكثير من تجارب زواج الصالونات لا تكون فترة الخطوبة كافية ليتعرف كل منهما على الآخر وبناء علاقة قوية بينهم، وتظهر نتائج هذا الأمر بعد الزواج، لنجد فجوة نفسية وغربة بين الزوجين ومحاولة كل منهم السيطرة على الآخر والاستعانة بالأهل، وهذا لا يمثل العلاقة الزوجية المنشودة.

بعد ملاحظة بعض تجارب زواج الصالونات نجد أنه لا يتعارض مع الزواج عن حب وإنما الهدف منها هو إعطاء سمة الشرعية والرسمية للعلاقة منذ البداية.

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة
اترك تعليقا