تطلقت بسبب عدم الإنجاب

تطلقت بسبب عدم الإنجاب تلك العبارة أنطقها الآن وأنا قلبي يذرف دمًا، لا أقوى على تحمل الأمرين معًا، فكيف لي أن أرى زوجي مع امرأة أخرى بعد أن أحببته سنوات طوال، وكيف لي أن أصبر على كوني لن أصبح أمًا في يوم من الأيام، ولكنني أعلم أن جبر الله عظيمًا، هذه الكلمات التي كنت أضمد بها جراحي في السابق، دعوني أسرد لكم حكايتي عبر موقع إيزيس لعلها تكون الأمل لإحداهن.

تطلقت بسبب عدم الإنجاب

في البداية سوف أعود معكم بالسنوات إلى ما قبل الزواج، حيث قصة الحب الرائعة التي كانت نتيجتها أنني تطلقت بسبب عدم الإنجاب، فأنا منذ وأن بدأت فترة مراهقتي وكنت أعاني من مشكلات عدة في الهرمونات، مما دفعني إلى الذهاب لطبيبة النساء.

طلبت مني حينها القيام بعدة فحوصات وتحاليل للتعرف على المشكلة التي أعاني منها، والتي كانت بسيطة على حد قولها، إلا أنني من الداخل كنت أشعر أنه ثمة أمر أكبر من ذلك في انتظاري في المستقبل.

اقتربت من عامي الواحد والعشرين، بدأت مشكلة الهرمونات في التفاقم، فالأمور لا تجري معي كما تكون على النحو الطبيعي مع باقي الفتيات، إلا أنني كنت أشعر أن الأمر ابتلاء من الله عز وجل، ترددت على الكثير من الطبيبات إلى أن أخبرتني إحداهن أنني أعاني من مشكلة قد تكون سببًا في عدم الإنجاب بعد الزواج.

لكنني لم أكترث إلى حديثها في هذا الوقت، فقد كان كل ما يعنيني أن أنتهي من المشكلات الوقتية التي تحدث لي، مرت الأيام وبدأت العرسان في أن يطرقوا باب بيتنا المتواضع بين المواصفات التي تحلم بيها أي من الفتيات (غيري) وبين من يكون لنا نصيب في أن نأكل الجاتوه الذي أحضره دون أن نراه ثانيةً.

إلا أن أتى إليَ شخص من الممكن أن نقول إنه الأنسب، مع العلم أنا لم أكن متكبرة على الإطلاق، لكنني كنت أشعر أن الزواج مسئولية كبيرة ولا تحتاج سوى ما نص عليه قرآننا الكريم المودة والرحمة، وكيف يمكن أن يكون هناك مودة لأشخاص لا أتقبلها؟

المهم أنني وافقت على الخطبة من أجل التعارف المبدئي ولعل الأمر يكون خيرًا، وفي مرة من المرات تقابلت معه وأخبرته أنني أعاني من مشكلة ما، وأن الطبيبة تقول إنه من المحتمل أن أواجه مشكلة في الإنجاب.

قال لي لا بأس فالأمر كله بيد الله لكنني أود أن أصير أبًا في المستقبل ولا أعلم ما يخبئه القدر، لكنني مع الأسف لن أكمل الخطوبة، وبالفعل تم فسخها، ولم أكن حزينة رغم ذلك، فهذا الميقات أفضل من أن أقول في المستقبل تطلقت بسبب عدم الإنجاب.

تعرفي أيضًا على: تطلقت بسبب العادة

التقيت بحب العمر

مرت الأيام وأنا بين التركيز في الامتحانات كي أحصل على شهادة تخرجي وبين الاستمتاع بفترة الشباب، إلى أن التقيت به، ذلك الشاب الذي أسرني من أول نظرة، وأكاد أجزم أنني خطفت قلبه بين رشفة من فنجان قهوته والأخرى.

نعم أحببته من أول نظرة، لكن لم يكن لي القدرة أن أبوح بذلك، ظل الوضع هكذا لعدة شهور، لا يوجد بيننا سوى النظرات، لكنني كنت أنتظر اليوم الذي يأتي فيه ليعترف لي بحبه، وبالفعل ذهبت إلى المنزل لأجده جالس مع أبي يطلب يدي منه دون حتى أن يعرف اسمي، فقد كان يتبعني في الذهاب والإياب للتعرف على عنوان منزلنا.

وافقت بالطبع، وتمت خطبتنا وصارحته بمشكلتي كونني أعلم أنه يجب على الفتاة إن أقبلت على الزواج ألا تغش الرجل على الإطلاق حتى في الأمور التي تبدو تافهة من وجهة نظرها، ومن كرم أخلاقه ونبله قال لي إن تلك الأمور لا يمكن الحكم فيها إلا لله عز وجل، وأن كلام الأطباء ليس مؤكد.

تزوجنا في غضون أشهر قليلة، قضينا شهر عسل أقل ما يقال عنه إنه رائع، كنت حقًا أعيش معه أجمل الأيام وقتها، بدأت أسئلة الأهل والأقارب (مفيش حاجة في السكة) (مش ناوي تفرحنا) كنا نرد عليهم بأننا لا نفكر في الأمر في الوقت الحالي.

مر على زواجنا عامين كانا من أسعد الأعوام التي قضيتها في حياتي، إلا أنني في قرارة نفسي بدأت أفكر جديًا في أن أدخل نفق العلاجات الطبية من أجل الإنجاب، فوالدة زوجي كلما رأتني أشعرتني بأنني لست أنثى بالمرة طالما لم أنجب.

لا أنسى يوم أن قالت لي على محض المزاح أمام سلفتي أنني أرض بور، تلك الكلمة التي رشقت في صدري.

تعرفي أيضًا على: هل يجوز للزوجة الأولى طلب الطلاق بسبب التعدد

سأتزوج للمرة الثانية

بين الذهاب للأطباء وتناول العلاجات والتحاليل والأشعة بات الأمر مستحيلًا في نظري، على الرغم من أن الأطباء قد أكدوا أنه هناك أمل في الإنجاب لكن علينا الصبر، هنا جاء زوجي طالبًا مني أن أوافق على رغبته.

قلت له بنظرة حانية، ماذا تريد، قال سأتزوج، وأريدك أن تظلي معي، نعم؟؟؟؟؟ هذا كان ردي، كنت أظنه يمزح، في حقيقة الأمر كان لا يمزح أبدًا، نعم هو يود أن يتزوج كي ينجب وهو ما زال شبًا، أعلم أنه من حقه أن يصير أبًا لكن ماذا عن مشاعري.

لا أطيق أن يتزوج عليَ أخرى، ظللت أتوسل إليه أن يصبر قليلًا، رجوته وبكيت، كان يجن جنوني عندما أفكر في أن يمسك فقط يد امرأة غيري، على الرغم من علمي بأنه شرع الله، والذي نفذه دون انتظار، فكان الأمر كالصاعقة والذبح البطيء بلا رحمة.

لم أطيق الأمر وطلبت منه أن يطلقني على الرغم من شدة حبي له، والعجيب أنه لم يتمسك بي على الإطلاق، بل استدعى المأذون وتطلقت بسبب عدم الإنجاب.

تعرفي أيضًا على: حبيت زوجي بعد الطلاق

هل سأكون أمًا؟

بعد أن تطلقت بسبب عدم الإنجاب رغبت في أن أعمل واستثمر وقتي كي أتناسى الألم الذي نجم عن فراقي لزوجي، والذي كان أغلى ما لدي، مرت الشهور والسنوات، والتي سمعت خلالها أن الله عز وجل لم يرزق طليقي بأطفال أيضًا من الزوجة الثانية مما كان سببًا في أن يطلقها.

هنا بدأ أن يتوسل إليَ أن أعود إليه مرة أخرى، جننت أنا كي أفعل بنفسي ذلك؟ بالطبع لا، أغلقت كافة الأبواب في وجهه، فهو لا يستحق أن أنظر خلفي مرة أخرى.

تقدم إليَ رجل أرمل، توفيت زوجته وهي تنجب ابنه، ورغب في أن يتزوج مني كان أشاركه حياته وأربي معه ابنه، لا أنكر أن الزواج كان تقليديًا إلى حد ما، لكن ما إن رأيت الولد والذي كان عمره عامًا إلا وجدت قلبي قد انجذب إليه كما لو أنه ابني، رزقني الله به وكأنه من رحمي أنا.

غريزة الأمومة داخلي تولدت على يد هذا الصغير الذي أصبح كل حياتي، وفي يوم من الأيام شعرت بالتعب والإرهاق وذهبت إلى الطبيبة لتفقد الأمر، أنت حامل، هذا ما قالته لي قبل أن أبكي وأنا أقول هل أنت متأكدة؟ أنا! أنا التي قلت عنها إنها حامل، قالت لي نعم أنت حامل.

كان معي زوجي وابني، نعم ابني فلم أكن أعامله كابن زوجي على الإطلاق، هنا أدركت أن جبر الله إذا أتى أنسانا ما فقدنا، سأصبح أمًا، سأصبح أمًا للمرة الثانية بعد أن تطلقت بسبب عدم الإنجاب.

على المرأة المسلمة ألا تفقد ثقتها في البارئ جل في علاه، فهو القادر على تغيير الأحوال بين ليلة وضحاها، حتى لو أكد كل الأطباء أنها عقيمًا، فالله وحده هو الأعلم والقادر على كل شيء.

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة
اترك تعليقا