في الفقه الإسلامي.. الفصل في قضايا المساواة بين الرجل والمرأة

لطالما تواجه المرأة في المُجتمع العربي العديد من الاضطهادات وسلبًا لحقوقها، وظلم ونهب، وغيرها من أشكال العُنف حتى شُنّت الحركات النسوية والتي نادت بالمُساواة بين المرأة والرجُل في كافة المجالات دون تمييز، فما رأي الشرع في هذه القضايا؟ هذا ما عنى إيزيس لتوضيحُه.

من منظور الإسلام.. المساواة بين الرجل والمرأة 

عندما نرى أن الأمر يخرج عن سيطرتنا، ويوجد الكثير من الأقاويل التي تتداول على ألسنة البشر، ولا نعلم بأي الآراء يجب علينا الاقتناع، ففي ذلك الوقت يكون علينا اللجوء إلى ديننا الإسلامي وما حثنا عليه، وما ذُكر في كتاب الله العزيز القرآن الكريم فهو خير مُرشد ودليل.

المرأة تواجه الكثير من المشكلات في المجتمع العربي، وظهر ذلك على مر العصور المختلفة، عندما سلبوا منها حقوقها كاملة سواءً كان في حق العمل أو إثبات الذات، أو الميراث أو الزواج مرة أخرى بعد وفاة زوجها، بل كانت تواجه الوأد في الجاهلية، فمُنذ أن خُلقت وقد كُتب عليها الشقاء.

لذا أصبحت قضية المساواة بين الرجل والمرأة ركيزة يهتم بها كافة النساء المسلمات من كافة أنحاء العالم، واعتمدوا الشرعية الإسلامية في الحكم على ذلك نظرًا لأن ما يحتوي عليه من أحكام كانت بمثابة نمط تقليدي يتم تداوله لإعادة حقوق المرأة، وهذا ما جعل الصوت الإسلامي هو صوت المؤتمرات الدولية ويُمثل ردة حضارية للبعض.

جميع ما تحث عليه المؤتمرات في كافة أنحاء العالم من أحقية المرأة في ممارسة حياتها بشكل طبيعي، بل وتقديم كافة الحقوق الاجتماعية والدينية والثقافية لها، كان بمثابة تكريم للمرأة، وتعزيز لقدرها وشأنها، ولكن لم يكن أمرًا حديثًا علينا، فقد منحها الدين الإسلامي تلك الحقوق مُنذ مئات السنين ولم يكتفي بإعلاء شأنها فحسب، وإنما كان له الدور في تطبيق تلك القواعد التي كانت بمثابة فخر للبشرية.

المرأة في الإسلام كالرجل تمامًا، لا اختلاف بينهم، فُرض عليها كافة التكاليف الشرعية، لها الحمد على ما تُقدمه من تكاليف شرعية ولها الجزاء والذي إذا انحرفت عن الصراط السوي، هذا وقد تبين بما ذُكر في القرآن الكريم بقوله تعالى:

(مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَاب) [سورة غافر الآية 40].

تعرفي أيضًا على: أسئلة عن المساواة بين الرجل والمرأة

المرأة في الجاهلية وموقف الدين الإسلامي

رأي الشريعة الإسلام في المساواة بين الرجل والمرأة تظهر منذ الجاهلية، فبينما ظهرت الشرعية الإسلامية ظهر معها كافة الحقوق الخالصة بالمرأة، وبها تم حفظ تلك الحقوق، وتم السير عليها مع كافة السيدات المسلمات والدليل على ذلك.

أن المرأة كانت في الجاهلية تعاني من الضيق والظلم، فقد كان الرجال ينهبون حقوق السيدات، وكانوا يمنعوهن من أخذ الإرث، بل ويصل الأمر إلى المنع من نكاح زوجًا آخر المرأة ترغب في الزواج منه في حال قد تعرضت إلى الطلاق أو قد توفى زوجها، وهُنا جاءت الآية الكريمة رقم 232 من سورة البقرة في قوله تعالى:

(وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بالمعروف)

ردًا على ذلك وبها إعادة لاعتبار المرأة.

في تلك الآية حفظ لحق المرأة التي قد تعرضت إلى أن تكون أرملة أو مُطلقة، فبعد أن كان يعتمد البشر لها المعاملة السيئة تحسنت تلك المُعاملة بتقديم كافة الحقوق الخاصة بها وفقًا لما تم التصريح به في القرآن الكريم.

أما عن حق الإرث الذي كانت تتعرض إلى نهبه قديمًا، أجاب الدين الإسلامي عن ذلك وحفظ لها حقها ولم يكتفي بتعزيز قدرها فقط، وذُكر ما يخص ذلك في قوله تعالى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا) [سورة النساء، الآية 19].

أما عن حالة الضرر والإيذاء التي كانت تتعرض لها المرأة بعد طلاقها، أو ما غير ذلكم من تلك المواقف، والتي كان الطلاق المثال الأصدق بها لما يفعله الرجال في تلك اللحظات نتيجة للظن والاعتقاد بكونها الكائن الضعيف مسلوب الحق.

فقد ذُكر في القرآن الكريم ما يحفظ لها حقها في عدم التعرض لها بالإيذاء، وكان في قوله تعالى:

(وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) [سورة البقرة، الآية 231].

بكل تأكيد قد واجهتم يومًا ما هؤلاء الأشخاص الذين يتشاءمون من إنجاب الأنثى، ودائمًا ما يتمنون إنجاب الذكر أليس كذلك؟ هُنا وجد الإسلام ظُلم لأنثى، ونهب لفرحتها بقدومها إلى الحياة، وبقاء حس التشاؤم مُعلقًا بها إلى الأبد، لذا مجد من ميلادها الإسلام، وذكر الله في المساواة بين الرجل والمرأة بكتابه العزيز ما يلي فيما يخص هذا الجزء:

(وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ. يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فـِي التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) [سورة النحل، الآية 58].

في تلك الآية ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة، وبها حديث عمن يشعر بالتشاؤم والحزن لمجيء الأنثى وقول بأن ذلك الحكم ليس بصواب، بل أنه من الأحكام السيئة التي يُمكن أن يحكم بها الإنسان على ميلاد طفل من عطاء الله، حيث إن الإسلام ألزم المرء بالقناعة بما منح الله من ذرية بغض النظر عن نوع المولود.. لا المساواة بين الرجل والمرأة.

جميع ما ذُكر من آيات في القرآن الكريم توضح وجهة نظر الإسلام في المساواة بين الرجل والمرأة، وأنه لا يوجد لواحدًا منهم مقومات إنسانية تفوق الآخر، ولا يوجد فضل لأحدهم على الآخر فالجوهر واحد والعنصر الذي صُنع منه كلًا منهما واحد وهو التراب.

ذُكر ذلك في قوله تعالى:

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ) [سورة الحج، الآية 5]، فقيل بتلك الآية يا أيها الناس، ولم يُخصص يا أيها الرجل أو يا أيتها المرأة، وهذا دليل على المساواة بينهم.

كذلك المرأة تتساوى مع الرجل في التكاليف الشرعية، وفيما يخص الثواب والعقاب، فجميع ما تقوم به سوف تُجازى عليه سواءً كان بالحسنات أو السيئات كالرجل لا اختلاف بينهم، وجميع ما يراود فكر البشر من اعتقادات سخيفة تدور حول المرأة، وسوف يُجازى عليها من يظن بها.

تعرفي أيضًا على: حوار عن المساواة بين الرجل والمرأة

موقف الإسلام من إعراض الزوج عن زوجته

من بين الانتهاكات التي كانت تتعرض لها المرأة أن زوجها كان يعارض عن تقديم حقوقها فيما يخص العلاقة الزوجية، ظنًا منه بضعفها وأنها لا تمتلك الجرأة بما يكفي للحديث عن ذلك، بل وإذا تحدثت فقد تتعرض للظلم والإيذاء، لذلك جاءت المساواة بين الرجل والمرأة واجبة في الإسلام.

فقد كان هذا الأمر مُنتشرًا كثيرًا في الجاهلية، وبمجرد أن ظهر الدين الإسلامي ذكر حق المرأة في لك، حفاظًا لها على حقوقها دون أن تحتاج إلى التحدث، فمن كان على الدين الإسلامي فسوف يكون على معرفة تامة بكافة الحقوق الخاصة بالزوجة بل وسوف يحرص على المحافظة عليها دون أن يجعل زوجته بحاجة إلى الحديث بها.

فالمساواة بين الرجل والمرأة اشتملت على كافة الأشياء التي تحفظ حقوق المرأة، وفيما يخص تلك الحالة ذُكرت الآية الكريمة في قوله تعالى:

(فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) [سورة النساء، الآية 129].

بها يحث الدين الإسلامي على عدم ترك الزوجة مُعلقة، أي عدم هجرها اعتمادً على ضعفها، ويجب على كل رجل مُسلم الفهم والوعي بالدين الإسلامي جيدًا ابتعادً عن كافة الأشياء التي قد تكون سببًا في مخالفة ما حث عليه فيما يخص المرأة، والذي سوف يكون في ذلك الوقت بمثابة ظلم لها.

تعرفي أيضًا على: خاتمة عن المساواة بين الرجل والمرأة

الدليل الأكبر على رأي الإسلام في المساواة بين الرجل والمرأة وجود نماذج من النساء الصالحات، وهي نماذج مُشرفة ظهرت على مر العصور الإسلامية مثل زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام.

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة
اترك تعليقا